أقلام الثبات
عادت فرضيّة شنّ حرب "اسرائيلية" جديدة على لبنان في الأيام الاخيرة ووصلت مؤشراتها الى مستوى غير مسبوق، خصوصا وانها أُرفقت بسيل من الموفدين حطوا تباعا في بيروت وأُدرجت جميعها في اذهان الكثيرين تحت عنوان" تحذير عالي الجدّية من تجهّز "اسرائيل" لشنّ عمليّة عسكرية واسعة النطاق ضدّ لبنان"، وسيّما انها تزامنت مع إطلاقها مناورات عسكريّة على طول الحدود مع لبنان، ونشر منظومات دفاع جوّي في قبرص، وسط عودة التهديدات على ألسنة كبار المسؤولين والقادة العسكريين "الإسرائيليين" ضدّ حزب الله، تحت عنوان" ترميم الحزب لقدراته العسكرية".. ففيما هدّد قائد المنطقة الشمالية في الجيش "الإسرائيلي" رافي ميلو ب"حرب استباقية" ضدّ حزب الله، ملوّحا ب "ايام قتالية"، ذكرت صحيفة "حدشوت للوتنسزورا" العبرية "انّ الجيش "الإسرائيلي" جهّز ضربة قويّة إستعدادا لعودة القتال ضدّ الحزب"، بعد تحذير قائد "مركز النار" في القيادة الشمالية بدوره، وقوله" إنّ الحزب يحاول اعادة "بناء نفسه وسنمنعه من ذلك، حتى لو كلّفنا ذلك اياما من القتال".
هذا فيما صوّبت صحيفة "معاريف" بدورها اليوم الاربعاء، على ارتفاع منسوب شنّ عملية عسكرية واسعة النطاق على لبنان بعد إنجاز اتفاق غزة، "فالجيش الإسرائيلي بات لديه ما يكفي من القوى البشرية والتسليح والقدرات العمليّاتية لتعزيز قوّته ضدّ حزب الله في لبنان"-وفق اشارتها!
وفيما لفتت تقارير اميركية الى انّ تل ابيب طلبت من واشنطن الموافقة على ضرب ايران قبل اواخر شهر تشرين الثاني المقبل، ذهب بعض كبار المحللين العسكريين، الى ترجيح ان يبادر نتنياهو الى شنّ هجوم جديد مباغت على ايران، -بغطاء ودعم اميركي، تزامنا مع تنفيذ ضربات عنيفة ضدّ لبنان- للإلتفاف على اي امكانية لدخول الحزب في الحرب الى جانب ايران-ربطا بعدم معرفة ما آلت اليه جهوزية الحزب طيلة الشهور المنصرمة، نتيجة "التكتّم المطبق"، اضافة الى انّ "اسرائيل" تلاحق كوادر وأهدافا للحزب تكرّر قصفها في كلّ مرة وفقا لداتا ليست جديدة-بحسب اشارتهم!
وفي وقت نشرت صحيفة "لو فيغارو" الفرنسيّة مؤخرا، تقريرا تحدّثت فيه عن مآل حزب الله بعد الضربات القاسية التي تلقّاها، مشيرة الى إعادة توزيع المسؤوليات في الحزب، وإدخال "اجيال قياديّة جديدة شابّة" وضبط الاتصالات الخارجية الى أقصى الحدود لضمان السرّية في العمل- وفق اشارتها، دأب جنرالات "اسرائيليون" في الحديث عن "انهماك الحزب في ترميم بنيته العسكرية -معتبرين انّ "القادة الجُدُد غير معروفين لدى اسرائيل حتى الآن".. فيما تساءلت وسائل اعلام عبرية، " لماذا يضحّي الحزب بكوادره طيلة هذه الشهور؟..اليس للتعمية على استعدادات حثيثة تجري في اماكن اخرى؟ انّ سياسة الإحتواء الهادىء الذي يعتمدها الحزب ليست ضعفا، بل هي استعداد"!
رغم كلّ التهديدات وارتفاع منسوب مؤشرات حرب "اسرائيلية" جديدة على لبنان، الا انّ اسئلة جوهرية تستبعد هذه الحرب. لماذا تغامر "اسرائيل" بنسف واقع "مثالي" لها عبر خرق وقف اطلاق النار منذ إقراره، وتنفيذ ضربات وغارات جويّة واغتيالات ورفع منسوب التصعيد متى تشاء، دون التورّط بأي كلفة بشرية من عديد ضباطها وجنودها فيما لو اندفعت صوب تنفيذ عملية عسكرية برّية تدرك جيدا انها غير مضمونة النتائج، بعد تجربة التوغّل البرّي الذي واجهه رجال حزب الله وكلفها اثمانا باهظة؟..فأيّ حرب جديدة ستشنّها في لبنان، سيُسقط اتفاق وقف اطلاق النار "الأمثل" الذي استفادت منه الى الحدّ الأقصى، ويُعيد رجال الحزب مجددا الى الخطوط الامامية من الحدود.. فهل ستُعطي الحزب هذه الفرصة الذهبية؟
ثمّة من المراقبين والمحلّلين العسكريين من يرجّح ان تكون وجهة بنيامين نتنياهو التالية هي اليمن، وليس ايران، فيما يذهب آخرون الى ترجيح ان يسدّد ضربات عنيفة للعراق، قبيل شنّ الهجوم على اليمن.. برأي اثنين من كبار ضباط الاستخبارات الاميركية السابقين، فإنّ "عملا عسكريا ما" يتمّ التحضير له اميركيا و"اسرائيليا" من دون التأكد من وجهته. وقد يكون،تلويح ترامب بعمل عسكري برّي في فنزويلا، تعمية للضرب في مكان آخر"،اما ان يكون التحضَّر لشنّ هجوم جديد على ايران بمعية "اسرائيل فالكلفة هذه المرّة ستكون باهظة وغير مسبوقة، نظرا للتجهيزات العسكرية الهامّة التي حظيت بها ايران من روسيا والصين وكوريا الشمالية- وفق ترجيحهما.
ونقلا عن الكاتب والضابط السابق في سلاح المارينز سكوت ريتر، فإنّ اي عملية عسكرية شاملة قد يبادر اليها نتنياهو ضدّ لبنان، -خصوصا اذا غامر بعملية بريّة في الجنوب، ستُواجَه هذه المرّة بعمليات "استشهادية" واسعة النطاق من رجال حزب الله، وهو ما لم يُنكره امينه العام عندما تحدّث عن "قتال كربلائي"، خصوصا انّ لدى الحزب-ورغم خسارة بضع مئات من قادته وجنوده في المواجهة الاخيرة، فلقد تبقى لديه عشرات الآلاف الباقين.. هل يُعقَل انهم تبخّروا؟!
اما الاخطر، فقد تكفّل بالكشف عنه مصدر في موقع "واتسون" السويسري والذي حذّر من عمل عسكري-امني غير مسبوق قد ينفّذه مقاتلو حركة انصار الله" اليمنية في المرمى "الإسرائيلي"، وحيث يتجهّز الحوثيّون بدورهم للمواجهة المرتقبة، والثأر للمسؤولين وأحد كبار قادتهم العسكريين الذين ..اغتالتهم "اسرائيل" في هجماتها الاخيرة على اليمن.
لتبقى كل الاحتمالات مفتوحة في ظلّ قيادة الإدارة الترامبية، سيّما بعد قرار رئيسها بتحويل تسمية وزارة الدفاع، الى وزارة الحرب، ليُفهَم المسار الذي ينتظر المنطقة.. بل العالم. الا انّ الحدث العالميّ الأبرز الذي قد يخرق كل هذا المشهد السّاخن، لربما سيتعلّق بترامب نفسه، الذي سيواجه احتجاجات مليونية مرتقبة ستعمّ ارجاء واسعة من الولايات المتحدة مطالبة بتنحّيه-وفق رؤية ثلاثة من كبار المحلّلين السياسيين الاميركيين، وحيث يجنح احدهم الى ترجيح إستعادة مشهد اغتيال الرئيس الاسبق جون كينيدي بشكل مفاجئ، يشدّ انظار العالم!
" أيّام قتاليّة بانتظار حزب الله ".. هل يشدّ لبنان الأحزمة؟! _ ماجدة الحاج
الأربعاء 29 تشرين الأول , 2025 09:08 توقيت بيروت
أقلام الثبات
سوريا... من أزمة المقاتلين الأجانب إلى مُعضِلة الانتداب الأجنبي ــ أمين أبوراشد
أمريكا تحشد العرب للضغط على لبنان... إما الاستسلام أو العواقب ــ د. نسيب حطيط
قوّات جعجع ... ورقة في دفتر الوصاية الأميركية