"ثورة" العهر عائدة ــ عدنان الساحلي

الإثنين 27 تشرين الأول , 2025 09:46 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
توقعوا عودة "ثورة" الراقصات والشتامات؛ والحشاشين وقاطعي الطرق وجماعات الـ "ngos" إلى شوارع لبنان. هذا ما هدد به المبعوث الأميركي المتصهين، اللبناني قليل الأصل، توم براك ومعه في الصهينة وخيانة لبنان، ذلك الذي أعاد له الجنسية اللبنانية وقبض ثمنها، أياً يكن.
فقد نقل عن براك، في لقاءاته الجانبية في لبنان، تحذيره اللبنانيين من تجدد ما أسماها "انتفاضة 17 تشرين 2019"، في حال لم يؤخذ بالإملاءات الأميركية، التي هي في الواقع مطالب "إسرائيلية" وسعودية.
        وهذا التهديد "البراكي" الجديد، هو تعبير عن سياسات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في ما تسميه "فرض السلام بالقوة"، وكذلك تلبية لرغبات محلية، ممن يتلقون سياساتهم ومواقفهم وتمويلهم من سفارة عوكر.
كما يكشف هذا التهديد، أن كل ذلك العهر والانحطاط الخلقي والسياسي، الذي حفلت به تلك "الثورة"، كان أمر عمليات أميركي، لأهداف لم تنطل على معظم اللبنانيين، الذين انكفؤوا بسرعة قياسية عن النزول إلى ساحة الشهداء؛ وسجلوا اعتراضهم واستنكارهم للمستوى الخلقي لمحركي "الثورة"؛ وكذلك لقطع الطرق، من قبل الميليشيات التي انخرطت في تلك التحركات؛ وفضحت بمشاركتها هوية الأدوات التي حركت تلك "الثورة"؛ وتوزعت الأدوار فيها.
وكيف يمكن أن يسمى ثورة، ذلك التحرك الذي تقدمت تظاهراته أناث تهتفن بأن "عضوهن ليس مسبة"، فهل هذه قضية اللبنانيين الملحة لتكون هتافاً لذلك التحرك؟ 
أما ساحة الشهداء، حيث تجمع "الثوار"، فكان تذمر معظم المشاركين وقرفهم، من انتشار أعقاب سجاير التحشيش أمام خيم "الثائرين". وكذلك من انتشار العوازل الطبية الجنسية المستهلكة، في أرضيات ساحة الثورة، التي ما يزال شعار قبضتها مرفوع في الساحة. حتى غطت تلك المشاهد المنحطة، على بعض الشعارات المطلبية التي رفعها البعض.
ولا يمكن أن ينسى اللبنانيون حفلات الرقص والمجون، التي شهدتها باحة مسجد محمد الأمين في ساحة الشهداء، في تدنيس لموقع ديني، لا يمكن قبوله تحت أي ظرف.
كما لا ينسى المشاركون والمتابعون، ذلك المعمم الشيعي، الذي كان يحمل رزم الدولارات في "كرتونة"، يوزع منها وريقات على شباب شيعي استدرج للمشاركة ترغيباً بالمال، بهدف تأمين نصاب طائفي، فشل محركو تلك الثورة في تأمينه، مثلما فشلوا في تأمينه في ساحات 14 آذار 2005. 
لم تكن ثورة في وقائعها، بل كانت دعوة لقطع الطريق على ثورة ممكنة، ضد نظام الفساد القائم على تحالف زعماء الطوائف وأصحاب المصارف. ولذلك انقسمت أحزاب السلطة إلى فريقين، فريق يحتوي الحراك، يشارك فيه ويسيطر عليه ويوجهه؛ وفريق يعارضه ويؤدبه عندما يتخطى الخطوط الحمر.   
ووقع الحراك المدني وغير الحزبي في الفخ. بل ارتكب جريمة بحق نفسه وبحق الحراك، عندما ارتضى السير كتفاً إلى كتف مع أحزاب سلطوية، ظناً منهم أنها تدعمهم وليست تستولي على الحراك برمته.
وهكذا تمركز "الكتائبيون" في الصيفي وجسر "الرينغ"، فيما تسلم "القواتيون" الطريق من تقاطع الشيفروليه حتى البترون. وتسلم تيار المستقبل وانصاره طريق الناعمة ومفرق برجا وطريق سعدنايل وأطراف من ساحة الشهداء، التي توزعها الجميع. فيما تسلم الاشتراكيون مثلث خلدة وطريق بيروت ضهر البيدر. فبات الحراك "ثورة" لأحزاب متواجدة في الحكومة، ضد الحكومة وضد أطراف فيها.
وعندما تخطى المشاركون غير الحزبيين والمنتفضون "المدنيون" الخطوط المرسومة للحراك، جرى قمعهم بقسوة، من قبل الأحزاب ذاتها التي شاركتهم "الثورة"؛ وانتزعت قيادتها منهم وحرفتها باتجاه أقرب إلى الفتنة منها إلى "الثورة"، مما دفع معظم الحضور إلى الانكفاء والعودة إلى بيوتهم؛ وترك الساحة للمشاغبين والشتامين وأصحاب الأغراض المدفوعة الثمن.
كانت "ثورة" تحتمي بأحزاب وشخصيات سلطوية. وبدلاً من ان تكون شعاراتها محددة تكبر مع توسع التحرك، بدأت الشعارات بشتائم شخصانية ضد والدة ذلك السياسي وضد ذلك الرئيس، في استفزاز مخطط له لدفع مؤيدي المستهدف للنزول والدفاع عنه، فيخرج النظام وأركانه سالمين من "الثورة"، فيما الخاسر الوحيد هو الشعب.
وسجل حينها، أن قوى تدعي العروبة و"اليسار" والوطنية، شاركت في "ثورة" قادها سمير جعجع وحزب الكتائب ووليد جنبلاط وسعد الحريري. 
  واستغلت المصارف الفوضى؛ وفتحت أبوابها خلال عطلتها القسرية وهربت أموال المودعين إلى الخارج. مما القى ظلال الشك على تصدر جمعيات "أهلية ومدنية" تديرها وتمولها سفارات أجنبية، جرت تغطيتها بقوى واحزاب سلطوية مرتبطة بالسفارات ذاتها.
ومع الوقت، تبين ان أحد اهداف سفارة عوكر، تغيير نتائج الانتخابات النيابية التي جرت في ذلك الوقت؛ واعادة عقارب الساعة إلى توقيت الأكثرية الموالية للأميركيين، ولعل هذا أحد أسباب تهديد براك الأخير بـ "الثورة"، فالمطلوب الإتيان بمجلس نيابي وفق المزاج الأميركي والتمويل السعودي، يوافق على التفاوض المباشر مع العدو "الإسرائيلي" المحتل لأراضينا، كما يوافق على التطبيع معه.
لكن وكما جرى في عام 2019، عندما انقلب الشارع على المتآمرين وبدأت الحشود تقصد بتظاهراتها مكامن الفساد: مصرف لبنان وكر الفساد المالي؛ كازينو لبنان ومقرات المصارف، "زيتونة بي" حيث شركة "سوليدير"، " إيدن باي"، منازل رموز الفساد كفؤاد السنيورية ونهاد المشنوق وغيرهما. فإن آلاعيب براك وسفارة بلاده ستفشل، مثلما عودنا الشعب اللبناني في أكثريته المقاومة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل