أقلام الثبات
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه كان شريكًا وراعيًا لمجزرة "البيجر" التي استهدفت المقاومة في لبنان، والتي ترقى إلى مستوى جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، لكونها استهدفت مدنيين لبنانيين في منازلهم ومستشفياتهم ومدارسهم، وألحقت الأذى بنساء وأطفال لا يحملون السلاح، ولا يشاركون في أي أعمال قتالية، وحتى المستهدفون من المقاومين فإن أغلبهم كانوا يعملون في المجالَين الإداري واللوجستي ولم يكونوا في ساحة المعارك.
إن اعتراف ترامب برعايته وشراكته في مجزرة "البيجر" يُعد إعلان حرب وعدوانًا على لبنان؛ حكومةً وشعبًا ومقاومة، رغم أن لبنان والمقاومة لم يُعلنا الحرب على أمريكا، بل تربطهما بها علاقات دبلوماسية، ويعتبرها لبنان دولة صديقة، كما أن المقاومة لم تُعلن حربًا عسكرية ضد أمريكا، وكان سقف مواقفها سياسيًا ضد المشاريع الأمريكية، دون أي عمل يبرّر لأمريكا ورئيسها، المبادرة لقتل المقاومة وأهلها؛ في أكبر مجزرة تشهدها الحروب المعاصرة، وذلك عبر تفخيخ أجهزة مدنية لا يقتصر استخدامها على العسكريين أو المقاومين، وهذا النهج سيفتح الباب أمام تفخيخ أدوات وأجهزة مدنية أخرى، ربما الثلاجات والتلفزيونات وأجهزة الكمبيوتر والاتصال، وكل ما له علاقة بالإنترنت، ما يؤدي إلى حرب خبيثة وغير تقليدية يمكن وصفها بـ"الحرب السوداء" التي تتّقنها أمريكا منذ قصفها "هيروشيما وناغازاكي "بالقنابل النووية، مرورًا بقصف ملجأ "العامرية" في العراق، وتسهيلها للإبادة الجماعية في غزة ولبنان ، وكل الأعمال القذرة في الحروب.
إذا كان إعلان ترامب مسؤوليته عن ارتكاب المجزرة أمرًا مستغربًا نابعًا من التباهي والغرور بقتل الأبرياء وتجاوز القوانين الدولية والأخلاقية، فإن الأكثر غرابة واستنكارًا هو صمت الحكومة اللبنانية عن مقاضاة ترامب الذي اعتدى على مواطنيها، وعدم إصدار أي بيان إدانة أو استنكار أو مطالبة بالتعويضات والاعتذار من الحكومة اللبنانية أو أي شخصية أو حزب أو مرجعية روحية وسياسية لبنانية والأكثر استهجانًا هو عدم تحرك الضحايا وأهالي الشهداء لرفع دعوى قضائية داخل المحاكم اللبنانية والدولية ضد ترامب، وقبله نتنياهو، الذي أعلن مسؤوليته أيضًا، فقد احتفل الإثنان في البيت الأبيض بسفك الدماء وقطع الأيدي وإطفاء العيون، وقد اهداه نتنياهو نموذجًا ذهبيًا من "البيجر"!
إن إهمال ونسيان أكثر من 3000 مواطن لبناني تعرضوا لعملية إبادة جماعية خارج ساحات القتال يعرّضهم لخطر الاغتيال مجددًا، فهم لم يتمكنوا من تحصيل حقوقهم المعنوية والقانونية من المجرمين، ولم يحصلوا على تعويضات عمّا أصابهم، على عكس ما فعلته أمريكا بخصوص ليبيا، حيث حصلت على تعويضات مالية وسياسية، وأدت إلى تفكيك مشروعها النووي، مقابل إغلاق ملف ضحايا طائرات لوكربي.
وفاءً للشهداء والجرحى الذين كانوا ضحايا هذه المجزرة الخبيثة، نطالب بما يلي:
- مطالبة الحكومة اللبنانية ومجلس النواب، بإصدار قرار الادعاء على الرئيس الأمريكي والحكومة الأمريكية والمطالبة بالتعويضات المعنوية والمادية للضحايا.
- مبادرة المقاومة والضحايا وأهالي الشهداء، بتشكيل هيئة قانونية من المحامين وأصحاب الاختصاص والخبراء في القانون الدولي، لإعداد ملف جنائي وتقديمه إلى المحكمة الجنائية الدولية، والأمم المتحدة، والجامعة العربية، وأي مؤسسة دولية معنية بجرائم الحرب، لمحاكمة الفاعلين وتجريمهم ودفع التعويضات المعنوية والمادية.
- إصدار فيلم وثائقي عن مجزرة "البيجر" وإعلان يوم "البيجر" يومًا لنصرة الضحايا وإدانة المجرمين، وإقامة نصب تذكاري تخليدًا، للمجزرة حتى لا تنسى الأجيال القادمة ما فعلته أمريكا وإسرائيل.
إن إعلان الرئيس ترامب مسؤوليته عن مجزرة البيجر، يمنح المقاومة الحق في الرد والانتقام للضحايا، والتعامل مع أمريكا كعدو ميداني ولها الحق في التعامل مع أي شخصية سياسية أو عسكرية أمريكية في لبنان أو خارجه كعدو، ما دام الرئيس الأمريكي قد ارتكب مجزرة ضد طرف لم يُعلن الحرب عليه وخارج حدود أمريكا، دون أن يكون هذا الطرف قد شكّل تهديدًا أو خطرًا على أمريكا وجيشها وشعبها.
فليبادر أهالي الضحايا ،للدفاع عن حقوقهم قانونيًا، لأن السلطة ومؤسساتها، لن يبادروا لفعل أي شيء يزعج أميركا أو يثير غضبها.
المقاومة ليست بندقية ورصاصة، بل مقاومة ودفاع على كل المحاور" الثقافية، والإعلامية، والقانونية" لأن الهدف هو استرجاع الحقوق وتحقيق العدالة، ويمكن تحقيق العدالة في المحكمة أو في الميدان.
سلامًا على الأيدي والأصابع المبتورة ظلماً وعدواناً... وللأعين المطفأة التي لازالت مُبصرة..
ترامب يُقِرّ بمسؤوليته عن مجزرة "البيجر"... فمن سيقاضيه؟ _ د. نسيب حطيط
الأحد 26 تشرين الأول , 2025 09:46 توقيت بيروت
أقلام الثبات
صدرت الأوامر للجولاني... المطلوب القضاء على "ثوار" الأمس _ حسان الحسن
إلى أصحاب العمائم... في مظلومية المفتي حسون لا أستثني منكم أحدًا ـ محمد دياب
"إسرائيل"... بناء مستوطنات بلا مستوطنين تسكنها البوم والغربان ــ أمين أبوراشد