الضغوط على لبنان.. وأسئلة الحرب الكبرى ــ د. ليلى نقولا

الإثنين 27 تشرين الأول , 2025 09:39 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تشهد الساحة اللبنانية تسارعاً ملحوظاً في التطورات السياسية والميدانية في ظل ضغوط أميركية و"إسرائيلية" وعربية متزايدة تهدف إلى الضغط على الدولة اللبنانية لنزع سلاح حزب الله بالقوة. وتتخذ تلك الضغوط مسارات متعددة، تصب في أجندة "إسرائيلية"، وتتجلى تلك المسارات في ما يلي:

- المسار الأول: العدوان المستمر

تشكل الانتهاكات "الإسرائيلية" اليومية لتفاهم وقف إطلاق النار جزءاً من استراتيجية متكاملة تهدف إلى اختبار مدى قيام حزب الله بتعزيز القدرات، بالإضافة الى الاستنزاف البطيء، حيث تمثل الاغتيالات اليومية والقصف المتصاعد والاستباحة المتكررة للأجواء اللبنانية أسلوباً للاستنزاف، يهدف إلى إضعاف القدرات الدفاعية والقضاء على الكوادر العسكرية للمقاومة، ولو ببطء.

- المسار الثاني: الحرب النفسية 

تتبنى "إسرائيل" استراتيجية متطورة في الحرب النفسية تعتمد على:

- صناعة الرأي العام: تستخدم المنصات الإعلامية التقليدية والرقمية لبث سيناريوهات مقلقة تهدف إلى خلق حالة من التوتر الجماعي.

- التفكيك المجتمعي: تهدف الحملات إلى تأجيج الانقسامات الداخلية وإثارة النعرات الطائفية، مستغلة التركيبة المجتمعية الحساسة في لبنان.

- نظرية الصدمة والرعب: تعتمد هذه الاستراتيجية على بث أكبر قدر ممكن من التهديدات النفسية لإضعاف القدرة على المقاومة قبل بدء أي مواجهة عسكرية.

أما الأهداف "الإسرائيلية" فتتجلى فيما يلي:

- خلق منطقة عازلة تهدف إلى إفراغ المنطقة من سكانها وإنشاء شريط حدودي خال من الحياة.

- فرض سيادة غير مباشرة على مناطق لبنانية تخضع لرقابتها الأمنية.

- استغلال الضغوط الأميركية والتهديدات لدفع لبنان نحو قبول نزع السلاح بدون مقابل "إسرائيلي" وعبر الجيش اللبناني.

ولعل السؤال الأساسي الذي يطرح كل دقيقة في لبنان: هل ستحصل حرب كبرى؟

للإجابة على هذا السؤال، يجب ان ننطلق من معايير علمية تستند الى ما يلي:

1- المحددات العسكرية

- تجربة "إسرائيل" البرية في لبنان عام 2024 والكلفة التي تكبدتها، والتي دفعتها الى قبول وقف إطلاق النار، تفيد بأنه من الأفضل "لإسرائيل" عدم تكرارها. بالرغم من نزع السلاح في جنوب الليطاني، تشير التقديرات إلى أن أي اجتياح برّي للبنان سيكلف "إسرائيل" خسائر بشرية ومادية فادحة.

-      بالرغم من الاحتلال "الإسرائيلي" لقطاع غزة خلال عامين 2023 - 2025، ورغم التفوق العسكري الكاسح والابادة التي ارتكبتها، لم تتمكن "إسرائيل" من تحقيق أهدافها السياسية والعسكرية في غزة، وأجبرت على قبول وقف إطلاق النار بدون تحقيق الأهداف المعلنة بالقضاء على حماس وتهجير سكان القطاع، مما يطرح تساؤلات حول جدوى الحروب الشاملة على لبنان.

2- الحسابات السياسية 

انطلاقاً من المنظور العقلاني، الذي يحدد الوسائل بحسب "الكلفة - المنفعة": تُفضّل "إسرائيل" الحفاظ على الوضع الراهن (قصف متصاعد واغتيالات) واستنزاف بطيء يمكّنها من تحقيق مكاسب دون تحمل تكاليف بشرية أو سياسية كبيرة.

بناءً لما سبق، يبقى هذا الخيار (التصعيد المستمر والاستنزاف تحت سقف الحرب الشاملة) يتمتع بضوء أخضر أميركي، ويتم دون مواجهة إدانات دولية أو حتى داخلية لبنانية، مما يجعله الخيار الأمثل اسرائيلياً للضغط على لبنان في المرحلة الراهنة، ودفع لبنان للقبول بمسار شبيه بمسار غزة وتعطيل مفاعيل اتفاق تشرين الثاني 2024.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل