الثبات ـ دولي
توقعت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، بشكل متزايد، أن يدعم زعماء الدول الأعضاء السبعة والعشرين في الاتحاد الأوروبي، خلال اجتماعهم في بروكسل اليوم الخميس، فكرة جديدة محفوفة بالمخاطر تركز على الأصول الروسية التي تم تجميدها عام 2022.
خطة أوروبية لمصادرة الأموال المجمدة الروسية
وأشارت الصحيفة إلى أنّ المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، عمّمت خطةً تقريبيةً لاستخدام تلك الأموال المجمدة لدعم قرض بقيمة 140 مليار يورو (163 مليار دولار) لأوكرانيا.
وسيقرر القادة السياسيون، اليوم الخميس، ما إذا كان ينبغي للمفوضية تقديم اقتراح رسمي للقيام بذلك، مع أنّ وضع التفاصيل النهائية والتوصل إلى اتفاق قد يستغرق شهوراً.
وإذا قرروا متابعة الخطة، فسوف يمثل ذلك خطوة أولى، نحو ما يسميه الزعماء الأوروبيون "قرض التعويضات"، وهو الضوء الأخضر السياسي لفكرة لديها إمكانات كبيرة لمساعدة أوكرانيا مع تضاؤل المساعدات الأميركية، بحسب الصحيفة.
ما مخاطر هذه الخطوة؟
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن هناك مخاطر كبيرة، وهو الرد الروسي والإضرار بسمعة أوروبا باعتبارها ملاذاً آمناً للأصول الأجنبية، مؤكدةً أن "الفكرة الأساسية هي استخدام الأموال المجمدة لدعم القروض".
وذكرت أنّ جزءاً كبيراً من أصول الحكومة الروسية المجمدة يتم إيداعها في "يوروكلير"، وهي مؤسسة مالية في بلجيكا. وتُحوّل أوروبا بالفعل إلى أوكرانيا الفوائد المُكتسبة من هذه الودائع، والتي بلغت نحو 8 مليارات دولار العام الماضي.
وبموجب الخطة الجديدة، ستسلم "يوروكلير" إدارة أموال روسيا المجمدة إلى الاتحاد الأوروبي، الذي سيستخدمها لدعم القرض الضخم المُقدم لأوكرانيا. ولن تُلزم أوكرانيا بسداد الأموال إلا في حال حصولها على تعويضات من روسيا.
ورأت الصحيفة أن هذه الخطوة مقامرة سياسية ومالية، متسائلة: "كيف سيكون رد فعل الكرملين|؟
كذلك، أفادت بأنّ الاتحاد الأوروبي، يزعم بأنّ هذا الترتيب قانوني، لأن الأموال ستُقترض، ولن تُصادر، ما قد يسمح لروسيا باستردادها في وقت ما مستقبلاً، لكن متحدثاً باسم الكرملين صرّح مؤخراً: "نحن نتحدث عن سرقة"، وحذرت روسيا من أنها قد تُقاضي الأفراد والدول المتورطة.
بلجيكا تخشى الأعباء القانونية والمالية
وباعتبارها موطن "يوروكلير"، تخشى بلجيكا أن تتحمل العبء الأكبر من أي تداعيات قانونية أو مالية، وكانت مصرة على ضرورة تقاسم المخاطر في جميع أنحاء أوروبا.
وحذر منتقدو الخطة أيضاً من أن استخدام الأصول الروسية قد يجعل الدول الأخرى، مثل الصين والهند، متوترة بشأن تخزين مدخراتها في البنوك الأوروبية، وتخشى تجميد أصولها وإقراضها إذا انتهى بها الأمر إلى الجانب السيئ من أوروبا.
ويدعي مسؤولون في المفوضية الأوروبية، أنّ هذه المخاوف لا أساس لها من الصحة.
ما المشكلة الرئيسية لدى أوكرانيا؟
من جهتها، قالت كايا كالاس، كبيرة الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، للصحافيين خلال رحلة حديثة إلى كييف، حيث ناقشت مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي احتياجات الميزانية الملحة لبلاده: "إذا لم تبدأ حرباً ضد دولة أخرى، فإن أصولك لن تكون في خطر".
ومع التقليل من شأن أي مخاطر، أكد المسؤولون أيضاً ضرورة هذه الخطة؛ فمع استمرار الحرب، لا تواجه أوكرانيا تكاليف باهظة فحسب، بل تواجه أيضاً عجزاً كبيراً في الميزانية.
ورأت الصحيفة أن المشكلة الرئيسية تكمن في جفاف الدعم الأميركي؛ ففي عهد الرئيس ترامب، انخفضت المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا، انخفاضاً حاداً هذا العام، وفقاً لمعهد "كيل" للأبحاث، وكادت تنعدم في الأشهر الأخيرة.
وأشارت إلى أنّ الدول الأوروبية قدّمت الكثير لأوكرانيا، ولكن في ضوء القيود التي تفرضها ميزانياتها الخاصة، من الصعب عليها أن تسد الفجوة في حين تتراجع أميركا.
كيف تستخدم الأموال المجمّدة؟
أقرت الصحيفة، بأنّ هناك أسئلة كبيرة لم تتم الإجابة عنها، ولم يتم تحديد كيفية استخدام أوكرانيا لهذا القرض على وجه التحديد.
واقترحت بعض الدول، وأبرزها ألمانيا، تخصيص الأموال لشراء الأسلحة، لكن زيلينسكي نفسه اقترح توفيرها أيضاً لتلبية احتياجات مالية أخرى، ولا تزال هناك تفاصيل عملية أخرى دون حل.
ووفقاً لها، يمكن للدول الأوروبية تقديم ضمانات قروض لطمأنة بلجيكا، ولكن ليس من الواضح كيف سيتم هيكلة هذه الضمانات. هل تتحمل جميع دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين مسؤولية هذه العملية؟ وهل تتضمن هذه الضمانات أي ضمانات فعلية؟
وتريد بلجيكا أن تدعم مجموعة الدول السبع الأوسع نطاقاً، الخطة أيضاً، لكن ليس من الواضح ما إذا كانت واشنطن ستوافق على ذلك.
ورأت الصحيفة أنّ على الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، أن يكون لديها خطة قانونية لضمان بقاء الأصول مجمدة لفترة طويلة. وإذا تطلب الأمر تجديد التجميد بانتظام، كما هو الحال حالياً، فقد تُسبب دولة أكثر تأييداً لروسيا، مثل المجر، فوضى في القرض برفضها إبقاء الأموال مجمدة.
ومع استمرار هذه التساؤلات الجوهرية، لن يكون قرار يوم الخميس، سوى بداية العملية، بحسب قولها، ولكن بالنظر إلى احتياجات أوكرانيا الملحة، فإن إيجاد إجابات سريعة سيكون أولوية.