أقلام الثبات
يتجه لبنان الرسمي للتفاوض "الغامض" مع العدو "الإسرائيلي"، سواء بنسخته المباشرة أو غير المباشرة، دون توضيح العناوين والأهداف، وعارياً من أي أوراق قوة، بعدما أصدرت الحكومة قرار نزع السلاح دون مقابل، ما يجعل لبنان ضحية ضعفه والضغوط الأمريكية والتوحش "الإسرائيلي"، وانحياز أغلب اللبنانيين للتطبيع والسلام مع إسرائيل والعداء للمقاومة.
خاض لبنان عدة جولات من المفاوضات مع العدو واستطاع في بعضها تحصيل أرباح مهمة، عندما كان يمتلك القوة والكفاءة والتزام المبادئ، فاستطاع تحقيق تفاهم 1996 الذي حمى المدنيين اللبنانيين، واستطاع عام 2000 تحصيل حقوق لبنان حتى تقسيم "قبر العباد" إلى نصفين، واسترجاع عشرات آلاف الأمتار المحتلة، وعملية تبادل الأسرى عام 2008 وقبلها عام 2004.
يمكن اعتبار القرار 1701 "قرار الخسارات الفادحة والهزائم التفاوضية" والمُستغرب أن لبنان لا يزال متمسكاً به ويعتبره أيقونة نجاته والأكثر استغراباً تمسك قوى المقاومة به وهي تعرف بنوده، التي تنص على ما يلي:
- اتخاذ ترتيبات أمنية لمنع استئناف الأعمال القتالية، بما في ذلك إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي "أفراد مسلحين أو معدات" assets أو أسلحة بخلاف ما يخص حكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.
- منع بيع أو تزويد أي كيان أو فرد في لبنان بأسلحة وما يتصل بها من عتاد من كل الأنواع، بما في ذلك "الأسلحة والذخيرة والمركبات والمعدات العسكرية والمعدات شبه العسكرية وقطع الغيار" لما سبق ذكره، سواء أكان منشؤها من أراضيها أو من غيرها.
- يطالب حكومة لبنان بتأمين حدوده وغيرها لمنع دخول الأسلحة أو ما يتصل بها من عتاد، ويطلب إلى قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان مساعدة حكومة لبنان لدى طلبها ذلك.
لقد أصيب لبنان والمقاومة بخسائر سيادية وأمنية وجغرافية وفقاً للتالي:
- الخسارة الأولى: بدل أن يكون هناك منطقة خالية محاذية للحدود اللبنانية - الفلسطينية بعرض كيلومترات، فقد وافق لبنان على منطقة جنوب الليطاني التي يتراوح عرضها بين 5 كلم على جسر الخردلي و30 كلم إلى منطقة القاسمية، بمساحة" 900 كلم مربع"، أي ما يساوي تقريباً نصف مساحة الجنوب ومدنه الكبرى صور، وبنت جبيل، ومرجعيون، والخيام، أي ثلثي سكانه تقريباً!
- الخسارة الثانية: الموافقة على منطقة خالية من "المسلحين والأسلحة والمعدات أو الممتلكات" assets، وهي كلمة مطاطة حيث تم التأكيد على منع وصول المعدات العسكرية أو شبه عسكرية، فيمكن أن تكون الجرافات أو الحفارات أو الصهاريج أو حتى معدات الحدادة والباطون ضمن هذا التوصيف (وهذا ما تقوم به "إسرائيل" الآن بقصف الآليات وغيرها جنوبي وشمال الليطاني).
- الخسارة الثالثة: إمكانية انتشار القوات الدولية في أي منطقة لبنانية خارج جنوبي الليطاني عندما تطلب الحكومة اللبنانية مساعدتها.
لكي يستعيد لبنان بعض سيادته وحقوقه وحفظ أمنه وقبل البدء بالتفاوض يجب اتخاذ الخطوات التالية:
- تراجع الحكومة عن قرار نزع السلاح.
- تشكيل فريق استشاري للتفاوض من قوى المقاومة والجيش والحكومة.
- المطالبة بتعديل القرار 1701 لجهة تحديد المنطقة الخالية للسلاح وعدم تحديدها بجنوبي الليطاني، وإذا كان لا بد من منطقة خالية، فلتكن بخط موازي للحدود اللبنانية - الفلسطينية فقط.
- تعديل قانون الدفاع واعتماد الجيش الوطني والمقاومة الشعبية كقوى مسلّحة رسمية.
فاوضوا وأنتم تمتلكون القوة والكفاءة والإخلاص والوطنية ولا تذهبوا للمفاوضات عُراةً ضعفاء حتى لا تتكرر خسائر القرار 1701 أو تتزايد خساراتنا دون الاستفادة من قدراتنا وقوتنا، كما خسرنا في مفاوضات الحدود البحرية وحقل "كاريش"، "فإسرائيل" ربحت مساحة أكبر واستخرجت الغاز ولم نستفد شيئاً، وكذلك في المفاوضات البحرية مع قبرص، ويبدو أننا سنخسر "شبعا" بالمفاوضات مع سوريا، بعدما قدمها بعض اللبنانيين هدية لنجاته وتأمين مصالحه!
فلنتّقن التفاوض كما نتقّن القتال، حتى لا يحرق "المفاوضون" كل التضحيات والإنجازات التي تكاد تضيع.
انتبهوا ...حتى لا تتكرر مأساة القرار 1701 ــ د. نسيب حطيط
الثلاثاء 21 تشرين الأول , 2025 10:18 توقيت بيروت
أقلام الثبات

