أقلام الثبات
يستمر العدو "الإسرائيلي" في حربه على لبنان برعاية أمريكية وتواطؤ لبناني رسمي أصدر قرار نزع السلاح وحزبي وطائفي، عبر التحريض على المقاومة وأهلها، مع تفسير "إسرائيلي" للقرار 1701 و"اتفاق تشرين" الأعور ولمنطقة "جنوبي النهر"، حيث تم تبديل نهر الليطاني وجنوبه بالنهر الكبير في الشمال، وصار كل لبنان "جنوب النهر"، وتفسير المنطقة الخالية من السلاح بأنها منطقة خالية من السلاح والسكان والإعمار وكل مظاهر الحياة، والخالية من السيادة والأمن والاستقرار!
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استراتيجيته لتحقيق السلام وعنوانها "السلام بالقوة" و"السلام بالإكراه وبالحرب"، فمن يستسلم طواعية، بالضغط أو التهديد، سيتم احتلال أرضه ومصادرة قراره ونهب ثرواته، ومن يقاوم ويرفض التطبيع والسلام فسيكون هدفًا للحرب الأمريكية - "الإسرائيلية"، حتى إنهائه وإجباره على الاستسلام بشروط أمريكا و"إسرائيل". وتحاول أمريكا تنفيذ هذه الاستراتيجية على لبنان، بعد نجاحها في غزة التي قاومت سنتين وقاتلت بشجاعة وشرف، لكنها وافقت على خطة ترامب بعدما خذلها العرب والمسلمون والأتراك!
يحاول ترامب أن ينقل تجربة غزة إلى لبنان لفرض السلام بالقوة، مستفيدًا من سقوط سوريا التي تحوّلت إلى عدو للمقاومة، بعدما كانت سندًا وحاضنة لها، ومستفيدًا من تحالف القوى السياسية والطائفية في لبنان مع السلطة السياسية لحصار المقاومة ونزع سلاحها وإقفال مؤسساتها، حتى وصلت إلى مستوى منع إضاءة صورة لدقائق معدودة!
القصف "الإسرائيلي" الهمجي طوال عام مضى، والذي يحاول البعض تلطيفه بتوصيفه "خرقًا" للقرارات الدولية، بينما هو في الحقيقة حرب من طرف واحد تهدف إلى تحقيق أمور ثلاثة:
- تحقير الدولة اللبنانية ومؤسساتها السياسية والأمنية، مع كل التقديمات والتنازلات التي قدمتها بإقرار نزع السلاح المقاوم وتفجير 10,000 صاروخ، وفق ما صرحت به أمريكا، وإظهارها عاجزة أمام شعبها عن تأمين الحماية أو رد العدوان، مما يُسقطها كدولة راعية ويجعلها دولة متواطئة ومتحالفة، بقصد أو غير قصد، مع العدو "الإسرائيلي".
- استفزاز المقاومة وإجبارها على الرد في الوقت غير المناسب لها، ويمثل لحظة ذهبية للعدو للقضاء عليها، بعد مكاسبه في غزة وسوريا، ويريد استكمال ملف انتصاراته، خصوصاً في لبنان، للأخذ بثأره من المقاومة التي ألحقت به أول هزيمة عسكرية في تاريخه، وللتخلص من شعلة المشروع المقاوم العربي والإسلامي نهائيًا، لكن المقاومة التي تعتمد الصبر الشجاع، لا زالت تعتمد خطة ووضعية "السلحفاة" التي تسير ببطء لاستعادة قدراتها وعندما يهاجمها العدو تُدخل "رأسها" في "قبّتها العظمية" وقد استطاعت النجاة طوال عام، رغم كل الضربات وهذا ما يقلق العدو.
- ترهيب الناس بالقصف الليلي والنهاري والاغتيالات وتحويل الطرقات إلى مسار غير آمن ومنع الإعمار ليس في جنوب الليطاني وإنما في كل الجنوب، حيث صارت آليات الحفر والجرافات والآليات المدنية، وفق توصيف جيش العدو، جزءًا من البنى التحتية للمقاومة وصار مجبل الباطون وكأن المقاومة تصنع صواريخها وطائراتها المسيّرة بالباطون المسلح والزفت.
يغتال العدو المهندسين الذين يعملون لترميم البيوت والمدارس، ويغتال المزارعين الذين يقطفون الزيتون والرعاة، ويقصف غرف المدارس الجاهزة، لجعل الجنوب منطقة خوف ودمار، لوقف نموه الاقتصادي والعمراني ودفع سكانه للهجرة شمالًا ضمن خطة يمكن أن تستمر 10 سنوات، ويخاف عند تشييع أي ميت ودفنه في مقابر القرى المدمرة ويعتبره من البنى التحتية للمقاومة لحفظ هوية القرى، وعلى أهلنا أن يستمروا بدفن موتاهم في قراهم مهما كانت الصعوبات.
استطاع العدو تحقيق الهدف الأول، وهو تحقير الدولة والقوات الدولية والأحزاب والشخصيات اللبنانية التي تؤيد نزع سلاح المقاومة، لكنه فشل في استفزاز المقاومة الصابرة والشجاعة، والتي ما زالت تقدم قرابينها لأجل أهدافها الشرعية والإنسانية وفشل في ترهيب الناس مع كل الخوف والرعب الذي يعيشون فيه، لكنهم هم أهل المقاومة ورحمها وحصنها ولم يتركوا أبنائهم في العراء عرضة للاغتيال.
لا يعترف العدو بالقوانين الدولية والمواثيق، فهو الذي قتل الأنبياء وحاول صلب السيد المسيح (عليه السلام) وقاتل رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله)، ولا يمكن لجمه ووقف حربه إلا بالقوة، وستكون قوة المقاومة قادرة على ذلك بإذن الله تعالى، ورغم كل الحصار والأوضاع الصعبة للمقاومة وأهلها، لن يأخذ العدو تواقيعهم على صكوك الاستسلام، مهما كانت الأثمان...
القصف "الإسرائيلي"... لتحقير الدولة واستفزاز المقاومة وترهيب الناس _ د. نسيب حطيط
الجمعة 17 تشرين الأول , 2025 09:03 توقيت بيروت
أقلام الثبات

