أقلام الثبات
تتعرّض المقاومة والطائفة الشيعية لحصار وعزل داخلي، ولأول مرة تتّحد أغلب الطوائف والأحزاب والسلطة السياسية في جبهة واحدة ضد حركة المقاومة، ويقع الكثيرون في فخ الالتباس والتضليل، فيحمّلون رئيس الحكومة "منفرداً" مسؤولية مواجهة المقاومة والشيعة، ويبرّئون بقية الأطراف المشاركة، وهذا خلاف الواقع، فرئيس الحكومة يقود الهجوم، لكنه يعتمد على جيش الأحزاب والطوائف والإعلاميين والنواب والوزراء والعملاء، لتنفيذ المشروع المكلّف به، وهذا ما أثبته التصويت داخل مجلس الوزراء؛ عندما أيّد كل الوزراء، ماعدا وزراء "الثنائية" قرار نزع السلاح، وشربوا نخب قطع رأس المقاومة، وصفقوا طويلا، ولأول مرة يصبح الحزب التقدمي الاشتراكي في خندق واحد مع القوات اللبنانية ضد المقاومة وطائفتها.
رئيس الحكومة وكيل مشروع خارجي متعدّد الأهداف، يهدف لاجتثاث المشروع المقاوم في لبنان بوجوهه العسكرية والإنمائية والثقافية والإعلامية، ويعاونه ويؤيده أغلب اللبنانيين، وتقع بعض قوى المقاومة في فخ التضليل والخداع الذي ينصبه أركان المشروع الأمريكي في لبنان، فيظنون أن المطلوب هو رأس المقاومة بمعناها العسكري المحصور في الطائفة الشيعية، لكن الحقيقة أنهم ضد ثقافة المقاومة وعقيدتها، سواء كانت داخل حزب الله أو حركة أمل أو أي مسيحي أو سنّي أو درزي أو متديّن أو يساري أو علماني، لأن المشروع الأمريكي يطلب تغيير العقيدة القتالية للجيش، لتصبح المقاومة عدوًّا له، وتصبح "إسرائيل" صديقًا وحليفاً له، ويريد تغيير الثقافة المقاومة عند كل اللبنانيين، فمن يعتقد أنه في شاطئ الأمان ولن تصل سكين الذبح إليه فهو واهم، وستصل السكين الى رقبته، بعد التخلص من المقاومة الشيعية.
لا بد من التنبيه والتوضيح أن قتل المقاومة في لبنان ومؤسساتها الاجتماعية والصحية والإعلامية والمالية لا يصيب المقاومة فقط، بل يصيب الطائفة الشيعية، وكل المستفيدين من هذه المؤسسات من بقية الطوائف، فإغلاق القرض الحسن لن يصيب بالضرر الشيعة فقط أو المنتمين إلى حزب الله، بل كل المحتاجين والفقراء الهاربين من لصوص المصارف، حتى يؤمنوا قرضًا لتعليم أبنائهم، أو لدفع فاتورة مستشفى، وإذا تم إغلاق المستشفيات والمؤسسات الصحية فسيخسر الشيعة والمقاومون، ويخسر بعض اللبنانيين أيضًا، فالحرب تستهدف المقاومة وكل من يؤيدها وينصرها ميدانيًا أو بكلمة أو بدعاء، أو حتى بحضور تشييع جنازة "السيد الشهيد" وبقية الشهداء.
لابد للمقاومة وطائفتها من العمل لتغيير استراتيجيتها بالمواجهة والقتال، فقبل حرب ال66 يومًا كانت جبهة المواجهة على الحدود اللبنانية الفلسطينية، أما اليوم فعلى المقاومة أن تقاتل على الحدود الجنوبية، وعلى الحدود الشرقية مع سوريا، وفي كل حي وقرية وزاوية تحكمها الأحزاب والطوائف الأخرى التي كشفت عن وجهها الحقيقي الهادف للتطبيع والسلام مع "إسرائيل"، وخلعت كل أثوابها الوطنية المزيفة، وكانت السبّاقة لطرح نزع السلاح.
لم تعد المقاومة تنحصر بالسلاح والصواريخ، بل بالدفاع عن الحقوق والعقيدة والوظيفة والمعنويات وكل حقوق المواطن.
يستغرب الشيعة ويسألون: لماذا انقلب الجميع عليهم، فهم لم يشاركوا في الحرب الأهلية ولم يقتلوا المسيحيين، وحموا كل القرى التي كانت في مناطقهم، واعتصم الإمام الصدر في جامع الصفا لحماية المسيحيين في البقاع، مع أن اليمين المسيحي قد هجّر الشيعة من النبعة وبرج حمود، وارتكب المجازر بحقهم، وعارض الشيعة عزل المسيحيين، وبعد 50 عامًا يرد المسيحيون الجميل بعزل الشيعة؟!
لم يشارك الشيعة في أي معركة ضد "الدروز"، بل كان هناك تحالفٌ في أكثر الأوقات بين حركة أمل والحزب التقدمي، لكنهم انقلبوا الآن على المقاومة وطائفتها، وليس على الحزب فقط.
لم تكن هناك أي معركة بين الشيعة والسنّة، بل مصاهرات وعلاقات أُسرية وتعاون ووحدة إسلامية... والسؤال: لماذا انقلب بعض السنة على الشيعة؟
تكاد الطائفة الشيعية والمقاومة أن يتحولوا الى غرباء في وطنهم ومنبوذين من مواطنيهم؛ ذنبهم الوحيد أنهم لم يستسلموا ولم يطبّعوا ولن يعترفوا "بإسرائيل"، وأنهم ساندوا الفلسطينيين السنّة في غزة.. حتى الاستشهاد!
يبدو ان الشيعة قد ارتكبوا "خطيئة" نصرة المظلومين في فلسطين وحفظوا شرفهم... فعاقبهم اللبنانيون على اختلاف طوائفهم وأحزابهم، ويحاصروهم ويتنمّرون عليهم، ويسلبونهم حقوقهم، ويناشدون العدو قتلهم واستكمال حربه عليهم!
لا لحصر المواجهة مع رئيس الحكومة، فالحرب التي يخوضها يشاركه فيها كل الحكومة وأغلب الأحزاب والطوائف..
سننهض ثانية بإذن الله... ولن نعفو هذه المرّة.
الحكومة وأحزابها وطوائفها يحاصرون المقاومة... وليس رئيس الحكومة ــ د. نسيب حطيط
الثلاثاء 07 تشرين الأول , 2025 09:55 توقيت بيروت
أقلام الثبات

