أقلام الثبات
يعيش أهل المقاومة والحق حالة حصار فاجرٍ ومتوحّش من فراعنة العصر، متعدّدي الجنسيات والديانات والأيديولوجيات، بقيادة "الّلات الأمريكي و"نبيّه" المتوحش "العزّى الإسرائيلي"، اللذين ما زال بعض العرب يعبدونهما كما في جاهليتهم، وانضم إليهم بعض الضباع والطحالب السياسية بألقابهم من رتبة ملك إلى رتبة إعلامي أو نائب أو وزير أو شيخ أو مطران..
يظن بعض أهل المقاومة أنه لا مجال للنجاة، وأن الطريق الأسلم إعلان الاستسلام والبقاء على قيد الحياة، مهما كان الثمن، والتنازل عن الحقوق والثروات، بانتظار أن يعطيهم أسيادهم الجدد بعض مساعدات الغذاء من أموال ثرواتهم المنهوبة، ومقابل كرامتهم وقرارهم السياسي.
إن المؤمنين الصادقين لا يخافون الحصار، ولا يستسلمون، ولا يعيشون بالذل والهوان والضعف والاستعباد، بل يصمدون ويقاومون، مهما كانت الأثمان، ماداموا يقاتلون في سبيل الله سبحانه، لمقاومة الشر المطلق والباطل ومناصرة الحق، وهم منتصرون دائماً، سواء استشهدوا أو بقوا أحياء غالبين.
يحزن المقاومون المؤمنون الشرفاء لأنهم بقوا وحدهم في الميدان والمواجهة، ويتسلّل الخوف إلى قلوب البعض، ويكادون يستسلمون أو يتجهون إلى الحياد أو ربما في لحظة انفعال يحمّلون المقاومين مسؤولية ما يتعرّضون له، لكن التاريخ يخبرنا أن أغلب الأنبياء والرّسل كانوا وحيدين مُستَفردين ومحاصَرين من أعدائهم، ولم يكن لهم أنصار ولا جيوش ولا أموال، لكنهم صمدوا وانتصروا، وانتشرت عقيدتهم وهزمت عقيدة أعدائهم.
فالنبي إبراهيم (عليه السلام) كان وحيداً وألقوه في النار، فأنجاه الله حتى صارت كل الأديان العالمية تعود إلى النبي إبراهيم (الإبراهيمية).
والنبي نوح (عليه السلام) كان وحيداً، حتى ولده لم يكن معه، فأغرق الله تعالى أعداءه بالطوفان، وأنجاه، وكانت الولادة الثانية للخلق المطهّر.
لم يبقَ مع النبي موسى (عليه السلام) إلا أمه وأخته عندما كان صغيراً، وأخوه هارون بعدما صار نبيّاً.. ونَصَره الله على فرعون.
والسيد المسيح (عليه السلام) كان وحيداً ولم يبقَ معه إلا أمه السيدة العذراء(عليه السلام)... ذهب الرومان وبقي السيد المسيح (عليه السلام) ورسالته.
لم يبقَ مع النبي يحيى يوحنا المعمدان (عليه السلام) أحد، وقُطع رأسه هدية "لبغيّ"...
لم يبق مع رسول الله الأكرم النبي محمد (صلى الله عليه وآله) في بداية رسالته إلا زوجته السيدة خديجة والإمام علي (عليهما السلام)، وهجّره الكفار من مكة المكرّمة وعاد اليها فاتحاً.. وبعد 1400 عام انتصر الرسول (صلى الله عليه وآله) والإسلام.
لم يبقَ مع الإمام علي إلا السيدة الزهراء (عليهما السلام) وتسعة أشخاص، ولا زالوا حاضرين.
لم يبق مع الإمام الحسن (عليه السلام) إلا الأربعة... ولم يبق مع الإمام الحسين إلا ثلاثة وسبعون ، نصفهم أهل بيته والنصف الآخر من كل الأمة وأُستشهد الإمام الحسين مع كل أنصاره ولم يبق الا الإمام زين العابدين والسيدة زينب ،"أسرى وسبايا" مات القَتَلة "المنتصرون" وبادوا ولا يزال الحسين "القتيل-الشهيد" خالداً ومنتصراً وقائداً في الميادين.
بقيت جنازة الإمام الكاظم على جسر بغداد، ثلاثة أيام ولم يجرؤ أحد على دفنها ولازال حاضرا يستقبل زوّاره واختفى العباسيون.
انتصر الأنبياء والرسل والأئمة والصالحون مع قلّة الأنصار والعدد والسلاح والمال وانهزم الفراعنة والملوك والأمراء والجيوش وبادوا ولم يبق لهم أثر ولا يزال الأنبياء والرسل والأئمة يحكمون هذا العالم ويتصارعون مع أشراره في حروب الخير المطلق ضد الشر والتي سينتصر فيها الخير بشكل أكيد ومحتوم ولو خسر بعض المعارك التي لن تنتهي، إلا بانتصار الأمر الإلهي عاجلاً أم آجلاً.
لا تخافوا الحصار ولا تنهزموا إذا كنتم قلّة في الميدان. ولا تحزنوا لأنكم تعرّضتم للخداع والخذلان والخيانة، فأكثر الأنبياء والرّسل والأئمة قد تعرضوا للتهجير والحصار والصلب والاغتيال ونكث العهود والخيانة مقابل 30 من الفضة أو من أجل امرأة أو من أجل مال... ذهب الخائنون والمخادعون وانتصر الأنبياء والرسل والصالحون.
إن قاتلنا في سبيل الله وحده وقُتلنا فنحن منتصرون... سواء استشهدنا أو بقينا... فنحن أحياء عند ربّنا يرزقنا ممّا يشاء {وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ، وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ}.
لا تخافوا ولا تستسلموا.. سَيُهزَمون.. وسَنَنتصر بإذن الله.
لا تخافوا الحصار فالأنبياء والرسل كانوا وحيدين... وانتصروا _ د. نسيب حطيط
الأحد 28 أيلول , 2025 09:24 توقيت بيروت
أقلام الثبات

