الحريرية التي رفضت الدم… تنصفها المقا9مة عند صخرة الروشة

الخميس 25 أيلول , 2025 09:29 توقيت بيروت أقلام الثبات

خاص الثبات

من كان يظن أن اللحظة التي ستُعيد فيها بيروت إلى الواجهة كمدينة للوحدة والوفاء، لا للحقد والدم، ستأتي على لسان من ظنّه الخصوم أبعد الناس عن بيت الوسط؟ من كان يتوقع أن يطلّ الشهيد الأسمى السيد حسن نصرالله بصورة أضاءت صخرة الروشة ليعيد الاعتبار  لنهجٍ حاولت ممالك الرمال دفنه مع صاحبه، الشهيد رفيق الحريري عبر نجله سعد الحريري؟

حين تصبح "شيبة الشهيد الأسمى"، تلك الهالة التي لا تزال حاضرة بصورة اليوم، صوت هادر بين الحضور: هذه هي بيروت التي نريد… بيروت الوحدة، لا بيروت الفتنة. بيروت الحب، لا بيروت الدم.. اعلم أن زرع السيد أينع.

وهنا نقول: لم يكن غياب سعد الحريري عن الساحة قراراً لبنانياً. لم يكن ثمرة إخفاق سياسي داخلي كما حاول خصومه أن يروّجوا. كان قراراً سعودياً، محضاً، صريحاً، وعلى لسان يزيد بن فرحان: ممنوع عليك ممارسة السياسة. هكذا، بكل وقاحة، تم استبعاد ابن الشهيد، وكأن رفيق الحريري لم يُغَتل من أجل مشروع وطني كان يراد له أن يبقى.

أخرج سعد من السياسة، لا لأنه فشل، بل لأنه رفض أن يُؤمَر. لأنه قال "لا" حين طُلب منه أن يكون رأس حربة ضد سلاح المقاومة. لأنه اختار أن يغادر المشهد على ألا يكون أداة بيد الكف الأميركي السعودي، كما ارتضى آخرون من أبناء الداخل.

منذ اغتيال رفيق الحريري، والمشروع المضاد له واضح: ضرب كل ما يمثل الاعتدال، الحوار، التلاقي، والعروبة الجامعة. وحين قرر بعض "الموارنة الجدد" إعادة عقارب الساعة إلى زمن الدم والمجزرة، وقف الحريري الابن — رغم كل ضعفه السياسي والإقليمي — موقفاً تاريخياً: لا للفتنة، لا للاقتتال، لا لتكرار 1975.

رفض سعد أن يدخل لعبة الدم التي جرّ إليها جعجع والكتائب ومن معهم من أبواق الإعلام الناعقة من واشنطن إلى كليمنصو. فكان جزاؤه الإقصاء… لا من الداخل، بل من الرياض.

ثم جاء السيد حسن، من عليائه، ليقول الكلمة الفصل: هذه بيروتنا جميعاً. هذه بيروت الحريري كما هي بيروت المقاومة. بيروت التي قاومت الاحتلال، وقاومت الفتنة. بيروت التي لا تعرف الخيانة ولا الاستتباع.

بمشهد اليوم أعاد السيد غسيل وجه بيروت كما تُغسَل الأحجار القديمة في بحر الروشة. وكأنه يقول: من هنا مرّ رفيق الحريري، ومن هنا مرّت دماء لا يجوز أن تُنسى. ومن هنا، نبدأ من جديد.

شكراً يا سيد حسن… لأنك قلتها حين سكت الجميع

في زمن الصمت العربي، والتواطؤ الخليجي، والنفاق اللبناني، جاء من "الضاحية" من يضع الأمور في نصابها:

من قال إن الحريري لم يُقصَ؟

من قال إن بيروت يجب أن تتنكر لدمها وذاكرتها؟

من قال إن المقاومة تعني إلغاء الآخر؟

شكراً يا سيد حسن، لأنك أعدت الهيبة إلى الحريرية السياسية… من دون أن تتنازل عن مقاومةٍ لم تهزم.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل