أقلام الثبات
أعلن المبعوث الأمريكي توماس برّاك الموقفَ الأمريكي - "الإسرائيلي" من موضوع "السلام" بين "إسرائيل" والعرب، ومسألة "حدود إسرائيل"، والنظام الذي سيحكم منطقة "الشرق الأوسط الأمريكي الجديد" أو "إسرائيل الكبرى"، فأعلن - وبشكل واضح دون أي التباس أو تأويل أو محاولة لتلطيف فرعونيته بسبب مروره واعتقاده بأنه يملك قوة قادرة على فرض قراراته، وبسبب الضعف والوهن والاستسلام العربي والإسلامي لمشيئة "اللّات الأمريكي" و"العزّى الإسرائيلي" - ثلاثية النظام الأمريكي - "الإسرائيلي" الجديد الذي سيحكم منطقة الشرق الأوسط، وغير القابلة للكسر أو التعديل وفق المنطق الأمريكي، بسبب الواقع الذي يوحي بإمكانية فرض هذه الثلاثية التي تقوم على العناصر التالية:
- "السلام وهم"، ولن يكون هناك سلام في المستقبل؛ كما لم يكن هناك سلام في الماضي طوال 70 عامًا منذ احتلال فلسطين.
- الحدود غير موجودة، ومتحرّكة غير ثابتة؛ وفق القدرة "الإسرائيلية" والأمريكية على توسعة جغرافيا "إسرائيل الصغرى" من فلسطين كنقطة ارتكاز باتجاه "إسرائيل الكبرى"، التي تتجاوز حدود الفرات في العراق وتصل إلى السعودية، وقد استطاعت ضم الخليج قبل الوصول إلى الفرات.
- لا شرعية ولا سيادة لأي دولة في الشرق الأوسط، بل إن النظام الذي سيحكم هذه المنطقة وفق الشرعية والسيادة الأمريكية - "الإسرائيلية" اللتين هما فوق كل سيادة وشرعية، وأن العلاقة بين أمريكا و"إسرائيل" ودول وشعوب المنطقة ستكون بين شرعية "المسيطر" الأمريكي - "الإسرائيلي" ووجوب خضوع الدول والكيانات والشعوب لها واتباع قراراتها وقوانينها وثقافتها وديانتها الإبراهيمية الجديدة.
يكشف المبعوث الأمريكي السياسة الأمريكية الواضحة، ويقول إن شعوب المنطقة لا تقبل مصطلح "الخضوع" تاريخيًا، ولذا لابد من تلطيف الكلمة لتتقبلها الشعوب، فسنطلق عليها "الازدهار الاقتصادي"؛ غزة منطقة ترامب الاقتصادية، وفي لبنان "منطقة ترامب الصناعية"؛ من بوابة الشعار الذي تم رفعه "تزاوج المال العربي مع العقل الإسرائيلي"، والتعاطي مع العرب على أنهم ليسوا أمة ولا شعوبًا ولا صفة إنسانية لهم، بل هم جماد كعملات المال، فالمال لا يفكر ولا يقود حامله، بل إن حامل المال هو الذي يصرف هذا المال وفق مصلحته، والمال والعملات يتغير سعر صرفها ويتناقص، ويتم تلفها بعد استعمالها أو عدم صلاحيتها أو تناقص قيمتها، وتحفظ كتذكار مثل طابع بريدي. ويبدو أن الأمة العربية لن يبقى منها سوى صورة العرب المتخاذلين، ويتم الاحتفاظ بهم كطابع بريدي للعبيد، بعدما تركوا غزة وحيدة وتآمروا عليها، وتركوا لبنان وحيدًا ويحاصروه ويتآمروا عليه، واجتمعت الأمة العربية والإسلامية في الدوحة وأعلنت بيانها التاريخي بإعلان عبوديتها وضعفها، عبر إشادتها بالرد الحضاري "لقطر" على العدوان "الإسرائيلي" عليها، باللجوء إلى القانون الدولي الذي لا تعترف به أمريكا ولا "إسرائيل".
بادرت أمريكا و"إسرائيل" لتسفيه دعاة السلام في لبنان والعالم العربي، وكان الجواب "الإسرائيلي" قصفَ واغتيال الأطفال، وإعلاناً أمريكياً بوهم السلام، ودفن المبادرة العربية التي تقوم على أساس "الأرض مقابل السلام"، فلا أرض عربية ستعود، ولا "سلام" سيتحقّق، ولا شراكة ولا تحالف مع أحد من العرب، فعلاقتهم مع الأسياد الأمريكيين و"الإسرائيليين" علاقة العبد بسيده، ولا يمكن احترام هؤلاء ليكونوا شركاء، ولا شرعية دولية أو إقليمية سوى الشرعية الأمريكية - "الإسرائيلية".
فليستيقظ العرب والمسلمون حتى لا يكونوا عبيدًا لأمريكا و"إسرائيل"، وحتى لا تتساقط دولهم واحدة تلو الأخرى ويتم تسليم مفاتيحها ، لملك إسرائيل الجديد نتنياهو والفرعون العالمي ترامب.
لن تستطيع أمريكا و"إسرائيل" إخضاع الشرق الأوسط وشعوبه لسيادتها إذا بقيت حركات المقاومة على قيد الحياة، خصوصاً المقاومة في لبنان، فإذا لم يتم إخضاع لبنان ،فلن يكون هناك سلام ولن تكون سيطرة "إسرائيلية" - أمريكية، ولن يكون هناك خضوع عربي، لذلك ستكون المعركة قاسية على المقاومة وأهلها في لبنان لأنهم حجر الزاوية في قلعة المقاومة للمشروع الأمريكي، وستكون الحرب متعدّدة المحاور وطويلة وخبيثة، وعلى قوى المقاومة أن تطور استراتيجية المواجهة وفق ما تفتضيه الحرب الجديدة، وأهمها حفظ الوجود وعدم التوقيع على أي تنازل، والبدء بالمناوشات غير الكلاسيكية، وتغيير قواعد الاشتباك بشكل مختلف عن قواعد الاشتباك القديمة وعليها أن تكون في جغرافيا أوسع من الجغرافيا القديمة، وإلا ستتآكل قوى المقاومة وتتصحّر جغرافيتها ويسهل إعدامها بعد تجفيف أنهار الدعم المالي والثقافي والبشري.
رغم كل الحصار: لا تيأسوا واصمدوا.. فسينصرنا الله إن قاتلنا في سبيل الله وحده.
المبعوث الأمريكي: السلام وهْم لا حدود... وعليكم الخضوع ــ د. نسيب حطيط
الثلاثاء 23 أيلول , 2025 10:34 توقيت بيروت
أقلام الثبات
الاعتراف "بإسرائيل" شراكة باحتلال فلسطين.. وتشجيع على احتلال وطنك _ د. نسيب حطيط
اشتُموني ما شئتم: لا بارك الله في "ثورة" أسهمت في وصول نتنياهو إلى تخوم دمشق ــ حسان الحسن
لبنان… ومخاطر الدبلوماسية المُسيَّرة أمريكياً ــ د. نسيب حطيط
تعيين سيمون كرم لا يعني أن لبنان سيكون "كرم عَ درب" في التنازلات _ أمين أبوراشد