"إسرائيل" تقصف وتغتال... واستعداد لبنان "للسلام" ــ د. نسيب حطيط

الجمعة 19 أيلول , 2025 09:34 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
لم يتأخر الجواب "الإسرائيلي" على إعلان لبنان الرسمي استعداده "للسلام"، لتكرّر "إسرائيل" ما فعلته في أيلول الماضي قبل اجتياحها البري والجوي، لتعلن رفضها للاستسلام اللبناني والاستهزاء بالقرارات الدولية، واتفاق وقف النار، وكل الوسطاء واللجان والقوات الدولية، والجيش و"الضباع" اللبنانية الزاحفة لكسب رضاها وقبولها في "نادي" المستسلمين والمطبّعين، بالإصرار على نزع سلاح المقاومة.
تحاول "إسرائيل" إحياء ذكرى اغتيال "السيد الشهيد" وقيادات المقاومة والاحتفال بذلك عبر تعميم القصف والترهيب والحرب النفسية على المجتمع المقاوم، لإظهار ضعف المقاومة والدولة، وقوة العدو "الإسرائيلي"، لإقناع أهل المقاومة، بالقوة والخوف والتدمير، أن طريق نجاتهم محصورة بالتنكّر والانقلاب على المقاومة والتمرد عليها ونبذها، وإلا فإن الثمن سيكون قتلًا ومجازر وتهجيرًا وتدميرًا للأرزاق والأحلام.
لم تشبع "إسرائيل" ولم يَكفها ما قدمته السلطة السياسية اللبنانية والأحزاب والنواب والوزراء ورجال الدين والإعلام في لبنان من هدايا، وهم يتنافسون في تقديمها، فبعضهم يهديها السلام ونزع سلاح المقاومة، وحصار مؤسساتها المالية والاقتصادية، وبعضهم يهديها مزارع "شبعا"، وبعضهم يسخّر إعلامه لتبرئة "إسرائيل" من القتل، وتحميل المقاومة مسؤولية ما جرى، وبعضهم يعتدي على عقيدة أهل المقاومة، وآخرون يعملون على شيطنة المقاومة وطائفتها، وصولًا لشن حرب لمنع بث صور "افتراضية" ظرفية لمدة دقائق على صخرة جامدة خلقها الله سبحانه ولا يملكها هؤلاء السفهاء الحاقدون، فهي ملك عام، ويكادوا يطالبون بمنع الهواء عن المقاومة وأهلها، أو حصارهم داخل "غيتو" لتجنب الإصابة بالكرامة والشرف!
لقد أعطت السلطة السياسية وأحزاب المستسلمون والمطبّعون ثلاث هدايا كبرى "لإسرائيل" مقابل لا شيء:
- التوقيع على ورق الاستسلام الأمريكية ضمن المهل المحددة، رغم عدم توقيع "إسرائيل"، وتراجع أمريكا عنها.
- إقرار نزع السلاح المقاوم، بدون وقف العدوان أو الانسحاب من الأرض المحتلة.
- منع أموال إعادة الإعمار، لمساعدة "إسرائيل" في تنفيذ مشروعها، وتثبيت الشريط الحدودي العازل الخالي من السكان والشجر وحتى الموت، وهذا ما لا ينص عليه أي قرار أو اتفاق.
تُواصل "إسرائيل" ركل المهرولين إليها زحفًا، وتستهزئ بما قدموه لها، وتطالبهم بالمزيد، "فإسرائيل" تفاوض لتأخذ التنازلات، وبعد الحصول عليها تنقض الاتفاق وتبدأ بمفاوضات جديدة لكسب تنازلات جديدة، وهذا ما تفعله في المفاوضات مع "حماس"، التي تقدّم التنازل تلو التنازل، وتواجه ضغط القصف والإبادة الوحشية لأهل غزة، ومع ذلك لا توقّع "إسرائيل"، وعندما وافقت "حماس" على كل ما طلبته أمريكا و"إسرائيل"، وتحت ضغط الوسطاء العرب، أُحرجت "إسرائيل"، فقصفوا الوفد المفاوض حتى لا توقّع رغم كل التنازلات التي اضطرت إليها حماس.
أعلنت "إسرائيل" عن برنامج فعالياتها خلال إحيائنا ذكرى استشهاد "محور المحور المقاوم"، لإفشال ومحو الذكرى، وللانتقام لنفسها وهزيمتها في لبنان، ومحو ذكرى الرمز الذي شكّل له عقدة في الحرب النفسية، وستحاول "إسرائيل" أن يكون شهر أيلول شهر التشويش على الفعاليات وإلغائها لمحو ذكراه وكل أثر له، لتمزيق صفحة المجد في تاريخ المقاومة، ولتأديب من يتجرأ بعده على قتال "إسرائيل"، ولوضع المقاومة أمام خيارين: إما إلغاء فعالياتها لإحياء الذكرى بسبب القصف، أو متابعة الفعاليات، مما يمكن أن يعرّضها للنقد من الناس والقول إن الوقت ليس للاحتفالات والاستعراضات...
تقتل "إسرائيل" المقاومين الأحياء وتقصف قبور المقاومين الشهداء، لأنها لا تريد أن تُبقي أثرًا لمن هَزمها وقهرها... ولتثبيت معاقبتها لمن تجرأ أو سيتجرأ على قتالها!
سنهزم "إسرائيل" ثانية وثالثة ورابعة... والخطوة الأولى على طريق الانتصار ألا ننهزم نفسيًا أو يدخل نفوسنا اليأس بعدم القدرة على المواجهة، فالحرب لم تنته وهي طويلة جدًا، وحق الأجيال القادمة علينا ألا نستسلم ولا نوقّع ولا نتنازل عن حقوقنا، فربما لا نستطيع استردادها في حياتنا، لكننا قادرون على استرجاعها مهما طال الزمن، و"إسرائيل" إلى زوال، كما قال وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه دايان: "عمر إسرائيل محدود... وعليكم أن نطيله لأطول مدة ممكنة، بالحروب"، ونحن نقول إن "عمر إسرائيل محدود... وعلينا تقصيره لأقل مدة ممكنة بالصمود والحرب"، ونحن قادرون بإذن الله سبحانه.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل