ليس "العار" أن يبتروا يدك أو يفقؤوا عينك... بل أن يكونوا خونة وعملاء _ د. نسيب حطيط

الأحد 14 أيلول , 2025 11:27 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
قبل عامٍ ارتكب العدو "الإسرائيلي" جريمة حرب جماعية ضد مدنيين ليسوا في ساحة القتال، ولا يحملون سلاحًا، بل في بيوتهم ومراكز عملهم في المستشفيات والمكاتب وأعمال مدنية متنوعة، وكانت الجريمة عن سابق تصور وتخطيط ،باعتراف العدو ، الذي كشف عن التحضير لها قبل سنتين ، أي قبل سنة من "طوفان الأقصى" و"حرب الإسناد"، ليعلن أن حربه على المقاومة بتفجير أجهزة البيجر واللاسلكي ليست رداً على حرب الإسناد بل حرب استباقية للثأر من المقاومة التي هزمته مرتين!
ربح العدو "براءة اختراع" القتل عن بُعد، وبشكل جماعي، لأول مرة في الحروب العالمية المعاصرة، وسجّل أول قتل جماعي دون مبرّر من ضمن حرب الإبادة التي يشنّها على كل المقاومين والرافضين لمشروع "إسرائيل الكبرى"، والذين لا يزالون متمسكين بدينهم ومبادئهم وكرامتهم ويرفضون التسجيل في طوابير المطبّعين والمستسلمين والعملاء.
إن كل جريمة تحتاج إلى طرفين (القاتل والضحية)، ويتمكن القاتل من تنفيذ جريمته بسهولة وبأقل الخسائر، عندما لا تستطيع الضحية الدفاع عن نفسها. بالاحتياط والحذر أو التهاون بوسائل التحقّق والتدقيق وتوفير عوامل الأمان وعدم التعامل مع العدو ،وفقًا لما تعتقد أو وفق الاحتمالات التي ترغب بها، بل وفق المعطيات، ومواصفات العدو وتاريخه الإجرامي، فلا يمكن التعامل مع "إسرائيل" إلا من نافذة سوء الظن وانتظار الغدر والتوحش.
تعرّض الأخوة والأخوات الأعزاء ،ضحايا مجزرة "البيجر" من المدنيين رجالاً ونساءً وأطفالاً للخسارة والمظلومية ثلاث مرات:
- الأولى: عندما تهاون مسؤولو شراء "البيجر" بالتدقيق والتحقق واتّباع قواعد الأمان عند الشراء.
- الثانية" عندما ارتكب العدو الإسرائيلي جريمته الكبرى وأسقط أكثر من 5000 مقاوم مع زوجاتهم وأطفالهم أو شركائهم في الوظيفة، شهداء وجرحى معوّقين مبتوري الأيدي والأصابع مطفئي العيون.
- الثالثة: إهمال المسؤولين قضية المطالبة بحقوق هؤلاء الأعزاء ،فحتى الآن لم تبادر الجهات المسؤولة عنهم ،لتقديم شكاوى عبر الأطر الرسمية والشخصية وتكوين ملف كامل لتقديمه للأمم المتحدة عبر وزارة الخارجية اللبنانية أو تقديم شكاوى لمحكمة العدل الدولية والمؤسسات الدولية المختصة، ومطالبة وزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية والمجالس المختصة بتقديم التعويضات والإستشفاء، بصفتهم جرحى حرب .
لا بد من إدانة العدو قانونيًا وتحويل القضية إلى قضية رأي عام دولي وتثبيتها كوثيقة تاريخية في سجلّه الإجرامي والمطالبة بالتعويضات المالية.
لازلنا نخوض المقاومة المبتورة العرجاء والناقصة والجزئية التي تقتصر على المقاومة المسلحة مع أهميتها كعمود فقري وخندق أمامي وأساسي ،لمواجهة المشروع الأمريكي الإسرائيلي، لكن مواجهة المشروع الأمريكي تحتاج إلى "مقاومة شاملة" على كل المحاور الميدانية والقانونية والإعلامية والثقافية والدينية ،لأن الأعداء يشنون حربهم على كل هذه المحاور ولأن الحرب مستمرة ولن تتوقف وطويلة تحتاج إلى أجيال ونحن أحد الأجيال التي يخوضها كما خاضتها الأجيال السابقة وكما ستخوضها الأجيال اللاحقة وكل وثيقة قانونية أو تاريخية هي جزء من الإعداد والتذخير لمقاومي الأجيال المقبلة.
لا يكفي الإعلان عن استعدادنا لخوض حربٍ على النهج الكربلائي ،بل تحتاج أن نخوضها بكل مفرداتها. فالإمام الحسين (عليه السلام) في ذروة الحرب والحصار ولم يتبق من جيشه إلا أخوه "أبو الفضل العباس" فطلب منه أن يأتي بالماء للأطفال والنساء ولم يصرخ بوجه هؤلاء أن الوقت وقت حرب.
والإمام الحسين في كربلاء سأل أصحابه إن كان عليهم ديون للناس حتى يكلّف من يسدّدها عنهم ولم يقل إنهم شهداء لا يحتاجون لذلك.
الإمام الحسين طلب من أعدائه ، مهلة لكي يصلي أكثر ولم يقل إن الوقت ليس وقت صلاة.
الإمام الحسين قاتل مع أنصاره في سبيل الله وحفظا للدين وليرضى الله (أرضيت يا رب.. خذ حتى ترضى
بناء على هذه النوايا والسلوكيات، ومع ان الامام الحسين (عليه السلام) "انهزم" عسكريًا وفق قواعد الحرب المادية ، لكنه بقي المُنتصر الخالد.. وصحيحٌ أنه استشهد، لكنه لايزال حياً في الميدان والعقيدة.
إن أردنا أن نكون كربلائيين ،علينا أن نخوض الحرب بكل مفرداتها الكربلائية... عندها سننتصر سواء أستشهدنا أو بقينا أحياء.
سلامًا لشهداء وجرحى "البيجر"... ولكل الشهداء.
 حربنا طويلة وعلينا الصمود والصبر وعدم الانهزام.... وسننتصر بإذن الله عز وجل.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل