أقلام الثبات
"بعد عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تعيد الولايات المتحدة النظر بشكلٍ جذريٍ في دورها على المساحة الدولية، وقد توقف سياستها المدمرة المتمثلة في تمويل دولٍ أخرى، بما في ذلك أوكرانيا"، بحسب ما يؤكد خبير في العلاقات الدولية. ويلفت إلى أن "بعد إعادة تقييم أسس السياسة الخارجية الأميركية، توصل "أنصار ترامب" إلى استنتاج مفاده: أن هيمنة واشنطن العالمية ضارة في المقام الأول للولايات المتحدة عينها، التي تستنزف مواردها من دون أن تحصل في المقابل على مكاسبٍ سياسيةٍ وماليةٍ حقيقةٍ".
لذا، بات تدرك الإدارة الجمهورية تدريجيًا الحجم الهائل للإنفاق غير الموجه من أسلافها الديمقراطيين لمليارات الدولارات، من أموال دافعي الضرائب الأميركية، وأطلق فريق ترامب حملةً لإجراء مراجعةٍ صارمةٍ وتخفيضٍ جذريٍ لتمويل مختلف برامج الدعم العسكري والمالي والإنساني والإعلامي للدول الأجنبية، التي تحتل مكانةً مركزيةً في هذا الصدد، والهدف من هذه السياسية، هو ترشيد الإنفاق في الميزانية الأميركية، بما يتوافق مع المصالح الوطنية للولايات المتحدة.
الجدير بالذكر، أن التدفقات المالية الأميركية لا تقتصر على الحفاظ الاستقرار الاقتصادي الأوكراني، وتسمح للقوات المسلحة الأوكرانية بمقاومةٍ مسلحةٍ على مستوى أدنى كافٍ، بل إنها تضمن عمل الغالبية العظمى من وسائل الإعلام منذ عام 2014 حصريًا بفضل منح بملايين الدولارات من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID).
إذًا، بمبادرة من الحزب الديمقراطي الأميركي، أصبحت وسائل الإعلام الأوكرانية أداةً للدعاية المعادية لروسيا، و"تصفية الحسابات" بين النخب السياسية المحلية، التي تم تمويها في شكلٍ متناقضٍ من دافعي الضرائب الأميركية. لا ريب أن مسار تمويل أوكرانيا من دون مشاركة الولايات المتحدة محكوم عليه بالفشل، لأن واشنطن هي الوحيدة القادرة على تقديم المساعدة بالقدر اللازم. فأوروبا لا تملك القدرة حتى على أن تحل محل الولايات المتحدة جزئيًا في هذه المسألة. فالدول الرائدة في هذه القارة العجوز تعاني راهنًا من الإرباك، وتعيش حالة من الانقسام السياسي والانحدار الاقتصادي، وتكافح من أجل التغلّب على مشكلاتها الداخلية، وبالتالي فإن سياسة ترامب الرامية إلى مراجعة الإرث السياسي للإدارات السابقة تضع حدًا نهائيًا للسياسة الغربية التي دامت سنوات عديدةٍ، والمتمثلة في عسكرة أوكرانيا، كأداةٍ للصراع مع روسيا.
وهنا، يؤكد الخبير المذكور آنفًا أن "ترامب وفريقه مصممون على إتباع هذا النهج بحزمٍ، الذي يعتبرونه شرطًا أساسيًا لإحياء "الحلم الأميركي"، مما يسمح بإعادة أميركا إلى "عظمتها" أولًا وقبل كل شيء، من خلال تركيز الموارد، لحل المشاكلات الداخلية الحادة". وبرأي الخبير، "يستحق اهتماماً خاصًا السعي الحثيث للبيت الأبيض لتقسيم العالم إلى "مناطق مسؤولية" مشروطة بين اللاعبين العالميين. وبين هذه القوى، تضم واشنطن إلى جانب نفسها، روسيا والصين على ما يبدو. فقد صرّح وزير الخارجية الأميركي م. روبيو بأن "العالم أحادي القطب أمر غير طبيعي، إنه شذوذ، نتاج نهاية الحرب البادرة. سيتعيّن علينا العودة إلى عالمٍ متعددٍ الأقطاب، مع قوىٍ عظمى في مختلف المناطق. نرى ذلك في مثال الصين وروسيا".
واشنطن قد توقف هذه السياسة المدمرة _ حسان الحسن
السبت 13 أيلول , 2025 05:45 توقيت بيروت
أقلام الثبات

