أقلام الثبات
قبل 1400 عام كان العرب قبائل وعشائر يعيشون في النظام الجاهلي القائم على الغزو والنهب والسبي والتنقل بحثًا عن الماء والعشب، لترعى مواشيهم وليأكلوا لحمها ويشربوا حليبها، ولم يعرفوا من الحضارة والثقافة سوى الشعر، وكان الحكم "للمتغلّب بالسيف" وقلّة الإنسانية والرحمة.
قبل 1400 عام كان العرب يعبدون الأصنام الكبيرة والصغيرة، وكبيرها "اللّات والعّزى وهُبَل"، وكانوا يأكلون قرابينها أصنامهم الصغيرة المصنعة من التمر عندما يجوعون، ويدفنون كل أنثى ،دفعا للعار، بدل حماية شرفهم، ولا زالوا.
قبل 1400 عام بعث الله نبيّه الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلّم) برسالة الإسلام الحنيف. وجمع العرب ودعاهم لعبادة الله الواحد بدل الأصنام، وإلى الإنسانية والرحمة بدل النهب والقتل والصبر، فصاروا أمّة ذات حضارة ومنهم العلماء وأهل العلم والأدب والفقاهة، وصاروا نِدًّا لحضارة الروم والفرس، بل وقهروا الفرس والروم.
بعد 1400 عام عاد العرب إلى جاهليتهم، وعادوا قبائل تسمّى دولاً وشيوخ قبائل يُسمّون ملوكًا ورؤساء وأمراء يغزو بعضهم بعضًا، ويتآمرون على بعضهم، وعاد الأعراب أشد كفرًا، وحرّفوا دين ،الله فجعلوا لله "جسما ً" يتحرك، ووصفوا الرسول الأكرم بالرسول "الذباح"، ونحر بعضهم بسيوف التكفير والجماعات التكفيرية التي تعيث في الأرض فسادًا وعاد العرب إلى جاهليتهم في العقيدة، فهم إما أهل الترفيه والرقص، وإما أهل الردّة عن الإسلام لاعتناق "الديانة الإبراهيمية "وعبادة "اللّات الأمريكي" و"العزّى الإسرائيلي"، مع فارق أن العرب في الجاهلية كانوا يأكلون أصنامهم، أما الآن فالأصنام التي يعبدونها تأخذ كل ما يملكون، وتسرق كل أموالهم أو يقدمها العرب هدية مقابل، قبولهم عبيدًا.
اختفت شعارات "الأمة العربية الواحدة" و"الوطن العربي" و"اللغة والنخوة" العربية والشرف العربي، فصار العرب دولًا والدول أقاليم، والأقاليم مذاهب وطوائف ولم يعودوا أمة، بل وصلوا إلى "أرذل العمر" يتكئون على العصا الأمريكية و"الإسرائيلية" ليكونوا العبيد الجدد، وكما كان الغرب يأسر العبيد من أفريقيا رغماً عنهم يهرول العرب البيض ويدفعون أموالهم لقبولهم عبيداً، وليسجلوا عار عصر "الانحطاط العربي" الذي أهان كل التاريخ العربي والإسلامي ويكاد يقتل المستقبل العربي لولا بعض ومضات الضوء لحركات المقاومة التي لا تزال تقاوم وتواجه "اللّات الأمريكي" و"العزّى الإسرائيل" والأنذال من العرب والمسلمين.
يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): "بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا فطوبى للغرباء.."، ونحن نعيش غربة عصر الإسلام، فالكل يرفع شعار الإسلام ولا يعمل به ،ولكل جماعة إسلامها الخاص وفي مقدمتها الإسلام الأمريكي الهجين الذي يمنع مقاومة الظلم والغزو والاحتلال ويحاصر فلسطين ويقتل حركات المقاومة في لبنان والعراق واليمن ويَسبي النساء من جديد ويعيد منظومة الحكم للمتغلّب بالسيف وبالمال وبالنفاق.
عاد العرب الجاهليون الجدد ليدفنوا كل أنثى أو مسمّى أنثى دفنًا للعار، فدفنوا غزة الأنثى وحاصروها وتآمروا عليها وسرقوا فيها لتسكت صونًا للعار وساعدوا جنود الجيش الإسرائيلي لاغتصابها وحاصروا المقاومة في لبنان ولأنها قوية لا يستطيعون اغتصابها ،يريدون نزع "لباسها المسلّح" وأسقطوا سوريا الأنثى لأنها كانت لا تزال شريفة فانتهكوها وصارت مستباحة.
محنة "العقل العربي" أنه لا يستطيع التفكير إلا بالأنثى ،فإما راقصة أو وسيلة لذّة، فيقتل كل إناثه الشريفات من حركات المقاومة ثم يأوي إلى حضن "إسرائيل الأنثى" طلباً للسعادة واللذة ،فيدفع كل أمواله وكرامته ويقطع رأس المقاومة ،كما فعلت "بغي" بني إسرائيل برأس النبي يحيى "يوحنا المعمدان".
"العرب الجُدد" هم عرب "أرذل العمر"، عرب الجاهلية المعاصرة الذين دفنوا أمهم "الأمّة" فصاروا لقطاء سياسيين في عالم اليوم على هامش التاريخ.
حربنا ..حرب حضارة وفكر... لا تنحصر بالجغرافيا والثروات ..ولا يحسمها الرصاص فقط وستكون طويلة ولم تنته بعد حتى نعلن استسلامنا.
تبقى مسؤولية المقاومين من النخب الثقافية والفكرية والمجاهدين الشجعان، منع قتل الأمة أو دفنها.. لتعود الأمة "خيرُ أمَة أُخرجت للناس "... ونحن قادرون بإذن الله تعالى.
عَرَبُ أرذل العمر... وعصر الانحطاط _ د. نسيب حطيط
السبت 13 أيلول , 2025 12:38 توقيت بيروت
أقلام الثبات

