لبنان مقرٌّ لقيادة المنطقة الوسطى الأمريكية ــ د. نسيب حطيط

الإثنين 08 أيلول , 2025 09:58 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
بدأت مرحلة الإدارة العسكرية للبنان، بعد التمهيد الذي قام به المبعوثون الأمريكيون ابتداءً من هوكشتاين ثم اورتاغوس وبرّاك"، وبعد إنجاز القاعدة السياسية للوجود الأمريكي في لبنان ،بتنصيب نظام سياسي في الحكم والإشراف على الأجهزة الأمنية والعسكرية والتحكم بقرارات الحكومة ومجلس النواب ، فقد تم تتويج هذا الاجتياح السياسي الأمريكي، بإصدار الحكومة ،قرار نزع سلاح المقاومة وإقرار خطة تنفيذية سيكون رأس حربتها الجيش اللبناني وبمساعدة القوات الدولية، ولاحقًاً القوات الأمريكية ضمن مهلٍ زمنية محدّدة..
ستنتقل القيادة العسكرية للمنطقة الوسطى الأمريكية إلى لبنان، لتتكامل مع القيادة السياسية الأمريكية للمنطقة في سفارة عوكر، بعدما تم سحب القوات الأمريكية من العراق وقبلها من أفغانستان، وكانت أفغانستان والعراق يشكلان منطقة الانتشار الأساسي لهذه القوة، وبعدما أعادت أمريكا، التموضع في سوريا وقطر والقواعد العسكرية في المنطقة.
تعتقد أمريكا أن المشروع الذي خطّطت له بعد اجتياح عام 1982 صار في قبضتها ،بالسيطرة على لبنان ليكون مقر قيادة مركزية للشرق الأوسط الأمريكي الجديد، وأن يكون الوجود العسكري والسياسي الأمريكي بديلاً عن الاحتلال السياسي والعسكري "الإسرائيلي" نتيجة الحساسية الكبرى بين اللبنانيين والعدو "الإسرائيلي" الذي لم تهدأ الحرب بينهما منذ 70 عامًا، خلافًا للجبهات العربية الأخرى والوجود الشيعي بشكل خاص، كطائفة مقاومة مع بعض الشخصيات والقوى الإسلامية والمسيحية الوطنية، حيث يغلب طابع العداء "لإسرائيل" على الطائفة السنية وإن لم تتحرك بشكل كبير على صعيد المقاومة المسلحة.
تحاول أمريكا استغلال الظروف الاستثنائية في لبنان بعد زلزال سوريا وانقلاب كل اللبنانيين ضد المقاومة وحصارها وبعد الضربات التي تلقتها في الحرب الأخيرة، لتثبيت مشروعها وحضورها في لبنان، وتحاول إقناع قوى المقاومة للقبول بها ،كبديلٍ أفضل عن الاحتلال الإسرائيلي والحل الأمثل، للأوضاع الصعبة في لبنان ، فيكون وجودها عامل أمان للأمن الإسرائيلي وردع لأي عمل قتالي ضدها وإرضاءً للبنان بالانسحاب "الإسرائيلي" الذي ستحل محله أمريكا والقوات الدولية والجيش اللبناني الذي ينفّذ القرار السياسي للسلطة التابعة لأمريكا.
انتهت مرحلة الحوار السياسي الأمريكي مع السلطة السياسية اللبنانية وبدأت مرحلة الحاكم العسكري الجديد مع الاحتفاظ بالحاكم الأمريكي المدني عند الحاجة، حيث سيقود العسكريون الأمريكيون مرحلة التنفيذ نزع سلاح المقاومة، خاصة "جنوبي الليطاني"، عبر القوات الدولية والجيش اللبناني والأجهزة الأمنية تدخلٍ أمريكي مباشر واستدعاء للطائرات "الإسرائيلية" عند الحاجة.
انسحب الجيش الأمريكي من العراق لتسهيل العدوان الإسرائيلي على العراق في المرحلة القادمة وتوجيه ضربات قاتلة وشاملة للحشد الشعبي بعدما فشلت أمريكا في حلّه ضمن الأطر الدستورية والقانونية في العراق وفشلت في اجتثاثه وحلّه، او حصاره ، كبقية حركات المقاومة التي تعتقد أنها قضت عليها في غزة وهي على مشارف القضاء على المقاومة في لبنان وأسقطت سوريا ولم يبقَ لإيران من حلفاء وخنادق قتال خارج حدودها ن سوى الحشد الشعبي في العراق وأنصار الله في اليمن.
تبني أمريكا مشروعها على أوهام ورمال مما سيعرضه للإنهيار والفشل للأسباب التالية :
- إعتقادها أن المقاومة قد انتهت في لبنان وأن سلاحها قد تم تدميره وسَيُنزع ما تبقى منه وأن لا حول ولا قوة لها ،لرفض أو إسقاط أي قرار ضدها وهذا مجافٍ للحقيقة والواقع.
- تعتمد أمريكا على قوى واشخاص ،فقدوا عذريتهم السياسية وامتهنوا البغاء السياسي مع كل محتلٍ او مسيطر على لبنان وقد استغلّت بعضهم إسرائيل ،واستعملت وصنعت سوريا أكثرهم ،وعندما يدق نفير الحرب لن تجدهم ولا يمتلكون سوى قوة تصريحاتهم الفارغة.  
 - تتصرّف أمريكا بأن لبنان ،صار منطقة صديقة آمنة ،ينفّذ ما يقوله الأمريكيون ومن يعترض فستتكفل الطائرات الإسرائيلية بقصفه، لكن الواقع خلاف ذلك، وفي أي لحظة سيتحوّل لبنان الى منطقة غير آمنة لا تستطيع أمريكا التجوّل فيها او ارتياد المطاعم وصالونات التجميل ...
  لا زالت المقاومة قوية رغم جراحها العميقة والتي لازالت تنزف وإذا كان البعض يفسر صمتها وصبرها على أنه ضعفٌ وموتٌ وعدم قدرة، فإنه يخدع نفسه ويقع في فخ الوهم وسيتفاجأ في اللحظة التي تراها المقاومة ، مناسبة للهجوم وخلط الأوراق، فلن يكون هناك متّسع من الوقت ، لهروب الأمريكيين ،كما هربوا في المرة الأولى.. {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل