أقلام الثبات
بدأت أميركا حربها الإعلامية والقانونية ضد العقيدة الدينية لأهل المقاومة، واعتبارها معركة أكثر أهمية من معركة نزع السلاح ،لأنها المحرّك والدافع والمرجعية الشرعية ،للسلاح واهدافه وضرورة توجيهه نحو العدو الإسرائيلي بشكل أساسي ومركزي، لأوامر دينية يؤمن بها المسلمون الشيعة ،ولا تستطيع السياسة تغيير موقفهم سواء كانوا سياسيين أو علماء الدين او أناساً عاديين ملتزمين، والتي تؤكد على عدم جواز الاعتراف "بإسرائيل" او التعامل معها او توقيع السلام او الاستسلام.
يتمايز الفقه السياسي "الشيعي" عن الفقه السياسي "السني" ،من جهة الارتباط بالحاكم ،فالمفتي في الفقه السني يعيّّنه الحاكم، الذي يفرض عليه إصدار الفتوى المناسبة له، وتطويع الحديث النبوي وتأويل القرآن الكريم لصالح النظام والملك والرئيس والأمير، وإصدار الفتاوى ضد المسلمين الذين لا يطيعون الحاكم او يقاتلون العدو الإسرائيلي او الغزاة الأمريكيين، واعتبارهم خارجين عن "ولي الأمر" ومرتدّين يقام عليهم الحد والقتل ،أما الفقه السياسي "الشيعي" فهو فقهٌ لا يتبع للحاكم او السلطة ،لأن "المرجع الفقيه" لا تعيّنه السلطة ولا تستطيع عزله، بل يختاره الناس طواعية ويطلبون اليه ،بأن يكون مرجعا وليس العكس ولذا فهو حرٌّ في فتاويه ومواقفه المرتبطة بالرضا الإلهي والبعيدة عن تحقيق المصالح الشخصية ولذا فقد هزم الفقيه "الشيرازي" بفتوى ثورة "التنباك "شاه إيران والاستعمار الانكليزي في إيران وثار الفقهاء الشيعة في العراق ضد البريطانيين ، دفاعاً عن العثمانيين مع انهم أنهكوا الشيعة وقتلوهم واسقط الفقيه المرجع ،الإمام الخميني" "شاه إيران " وقطع علاقة إيران بإسرائيل وهزم المرجع السيستاني بفتوى الدفاع الكفائي ضد غزوة داعش في العراق وأسّس الإمام الصدر أول حركة مقاومة إسلامية وفق "المذهب الشيعي" وجعل تحرير الأماكن المقدّسة ، جزءً من ميثاقها وأعتبر ان "التعامل مع إسرائيل حرام" و "يجب العمل على ان تبقى إسرائيل عدوّاً" وأعتبر ان هدف المقاومة:
- المقاومة المسلّحة ،للدفاع عن الأرض ،بالمعطى الميداني .
- المقاومة الثقافية، بالعمل الإعلامي والثقافي والتربوي والتعبوي والديني ،لتعميم ثقافة وتثبيت العداء مع اسرائيل وتحصين المجتمع المقاوم من التلوث بالتطبيع والسلام والمهادنة، وعدم القبول بإسرائيل كجزءً من المنطقة، بل اعتبارها جرثومة سرطانية يجب اقتلاعها، كما وصفها الإمام الخميني او كما أعلن الشهيد المرجع السيد محمد باقر الصدر "إن الاعتراف بإسرائيل خروج عن الإسلام".
أمرت أميركا أدواتها وأبواقها من نواب ووزراء وإعلاميين وهيئات المجتمع المدني ومراكز دراسات، البدء بالحرب على العقيدة الشيعية التي تحرّك السلاح وتربطه بالحكم الشرعي وبالإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه) لزعزعة وتوهين هذه العقيدة والاستهزاء بها واعتبارها عقيدة "إرهابية" تؤسس للعنف والكراهية وتواجه مبادرات السلام وتزعزع الشرق الأوسط وتمنع ولادة "اسرائيل" الكبرى والشرق الأوسط الأميركي وتهدّد نشر "الديانة الإبراهيمية".
بعدما استطاعت أميركا تدجين وتطويع الأنظمة والجماعات التكفيرية والمؤسسات الدينية "السنيّة" لسياستها ، فإنها تشن حربها الأخيرة ،لإزالة العقبة الأخيرة التي تواجهها والمتمثّلة بالعقيدة الدينية "الشيعية" وأتباعها ، وفق التالي:
- زيادة الصراع المذهبي بين السنّة والشيعة والجماعات التكفيرية ونبش التاريخ الدموي واستحضار المصطلح "الأموي" لما له من آلام في الذاكرة الشيعية .
- اغتيال القادة الدينيين والسياسيين للشيعة ومنع تداول أسمائهم او صورهم على وسائل التواصل الاجتماعي ،ومحاولة تصنيع مرجعيات دينية وسياسية تابعة للمشروع الأميركي.
- تضعيف دور حركات المقاومة "الشيعية" المساندة ،للمقاومة "السنيّة" في غزة وفلسطين.
- فرض إقرار الاتفاقيات الدولية التي تهدم الأسرة مثل اتفاقية "سيداو"، والتي سيبادر بعض النواب لبنان ،لتقديم اقتراح قانون بالموافقة الإجمالية على الاتفاقية وإلغاء التحفظ على بعض البنود بحجة "حقوق المرأة"
- إ عداد مشاريع لحصار المؤسسات التربوية "الشعية" بتهمة تربية الأطفال في المدارس على العنف من خلال بعض الفيديوهات التي ينشرها للأسف بعض المشرفين على هذه المدارس وتقديمها وثيقة بيد الأعداء والخصوم.
-تكليف بعض الإعلاميين والسياسيين ،بإهانة وتسخيف ، بعض المعتقدات الشيعية المتعلّقة بالإمام المهدي او ولاية الفقيه او عاشوراء او فكرة الاستشهاد واللباس وطرق العيش واللهجة الشيعية.
تخوض أميركا هذه الحرب بالتلازم مع غياب شبه كامل لقوى المقاومة من أحزاب ونواب وعلماء دين ومثقفين وإعلاميين.
ندعو لمقاومة هذه الحرب الثقافية والدينية وعدم غياب أهل الشأن والاختصاص، ومغادرة دائرة التهديد والكلام والتباهي والمديح الى دائرة المواجهة الثقافية والفكرية، لأننا نخوض حرب دفاع عن الهوية والدين والأرض.
والسؤال للمؤسسات الدينية والحزبية، وللأخوة علماء الدين: ماذا فعلتم او ستفعلون لمعالجة هذا التقصير والفشل؟
الحرب الأمريكية: لنزع العقيدة بعد نزع السلاح ــ د. نسيب حطيط
الإثنين 01 أيلول , 2025 09:49 توقيت بيروت
أقلام الثبات

