السياسيّون اللبنانيون... والزحف لركوب القطار الأميركي ــ د. نسيب حطيط

الثلاثاء 26 آب , 2025 10:59 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
يكرّر السياسيون اللبنانيون أفعالهم ومبايعتهم لكل حاكم خارجي جديد، ويغادرون مبادئهم ومواقفهم من أجل حماية مصالحهم، فيحملون الهدايا للمفوض السامي الجديد ،كما فعلوا مع الحاكم السوري في عنجر، وكما فعلوا مع المحتل "الإسرائيلي" وانتخبوا بشير الجميل رئيسا للجمهورية، وكما يفعلون الآن مع الثنائي الأميركي برّاك - أورتاغوس، وأول من افتتح "مزاد" الهدايا كان الوزير جنبلاط، الذي أهداهم مزارع شبعا لبقاء "إسرائيل" فيها، ثم الحقها بهدية "نزع السلاح"، معلنا تسليم سلاحه سرّاً؛ كما سلّم الفلسطينيون سلاحهم "بنصف كميون!
يزحف السياسيون والأحزاب ورجال الدين والإعلاميون واحداً بعد الآخر يحملون هداياهم ويصرخون بوجوب حصريه السلاح وحصار المقاومة، والتنكّر لكل شيء وطني او عربي او فلسطيني، وثمن تذكرة الركوب في قطار المشروع الأميركي - "الإسرائيلي" هو لعن المقاومة وإشهار الندم على التحالف معها عندما كانت قوية يخافها الجبناء ويطمع بها المسترزقون والمتزلفون.
يمتاز أكثر السياسيين في لبنان بعدم الوفاء، والسرعة في تغيير الأوجه والمواقف، وبرمجة الألسن وفق المصالح والحاكم الجديد، فترى أكثر الأحزاب والزعماء السياسيين ،يبقون في مراكزهم وألقابهم ،مهما تغيّر الحاكم ـ،لأنهم يحترفون كيفية تبديل جلودهم وفق لون الحاكم الجديد ويخلعون ثيابهم السياسية وفق مواصفات الحاكم الجديد فتراهم ناصريين يوماً ثم عرباً ثم بعثيين ثم إسلاميين ثم قوميين ثم إسرائيليين وأميركيين أو سعوديين او قطريين وفق "الصرّاف الآلي" الذي يقفون أمامه بالطابور فيقبضون ثم يصرحون  بما يرضي  مموّل الصرّف!
خلال أشهر معدودات ،سارع المتزلّفون والمقاولون، بالقفز من سفينة المقاومة التي اعتقدوا بأنها تغرق ،بسبب الثقوب التي أحدثتها الحرب الإسرائيلية عليها وبدأ بعضهم ،ينافس خصوم المقاومة التاريخيين في لبنان ويزايد عليهم بالعداء للمقاومة ويصدر بيانات النعي للمقاومة وتحميلها مسؤوليتها "إسناد" غزة مع أنه طوال حياة" السيد الشهيد " كان كل الذين انقلبوا على المقاومة قد أيدوا وصرّحوا بدعمهم وتبنيهم لإسناد غزة.
لم يبق في ساحة المواجهة للمشروع الأميركي - "الإسرائيلي" إلا المقاومة وأهلها وبعض الوطنيين ، ويتعرّض أهل المقاومة لحرب شرسة وغير أخلاقية وهم وحدهم يتلقون سهام وسيوف العدو بصدورهم وطعن وغدر الحلفاء والأصدقاء في ظهورهم، وسيتزايد عدد المهرولين لركوب القطار الأميركي ،لاعتقادهم بأن المستقبل "لإسرائيل الكبرى" و"الشرق الأوسط الأميركي" الجديد.
إن واجب المقاومة وأهلها ،بناء استراتيجية المواجهة ومقاومة حرب الإبادة التي يتعرّضون لها والمتعدّدة الجنسيات، بأن لا نصير ولا حليف لهم وأنهم سيكونون غرباء مُطاردين منبوذين من شركائهم في لبنان الذين لن يفتحوا ابواب منازلهم وسيكونون مرشدين للعدو لقتلنا ومع ذاك علينا ألا ننهزم ولا نستسلم، بل واجبنا وحدة الصف والصمود والمقاومة، لأننا نكشف عورة ونذالة المستسلمين.. ولا زلنا على ثوابتنا وعقيدتنا وشرفنا.. فإن انتصرنا سنكون أحياء أعزاء كراماً، وإن انهزمنا سنكون شهداء أعزاء كراما...
إن موجبات المرحلة الساخنة التي يواجها المقاومون والوطنيون ،تفرض حسن إدارة المعركة، بموضوعية وعقلانية وأولها عدم الوقوع في فخ المشروع الأميركي، بالفتنة المذهبية "السنيّة - الشيعية" عبر حصر مسؤولية قرار "نزع السلاح" برئيس الوزراء "السنّي"، بينما الحقيقة والواقع يؤكدان أن من أصدر قرار حصر السلاح هو مجلس الوزراء مجتمعاً ،رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وكل القوى السياسية ، الحزب التقدمي والقوات و الكتائب والوزراء التابعين لرئيسي الجمهورية والحكومة وجميعهم صفّقوا بعد توقيعهم "للورقة الأميركية" وشربوا "نخب النصر" واغتصاب حق المقاومة وأهلها بالدفاع عن أنفسهم  ومن الخطأ توجيه السهام نحو رئيس الوزراء فقط ،بل يجب تحميل المسؤولية لكل من وقّع على القرار، لأن التصويب على رئيس الوزراء "السني" سيتلقّفه الأميركيون، لبدء فتنة "سنية_ شيعية" تمتلك مقومات الاشتعال  أكثر من الفتنة "الشيعية - المسيحية" او "الفتنة "الشيعية - الدرزية" بسبب عجز المسيحيين والدروز عن دخول هذه الفتنة لقلّة العدد، بينما يمتلك "السنة" العديد  والفكر الجاهز لهذه الفتنة ويمكنهم حشد الفلسطينيين والنازحين السوريين مع خزان استراتيجي "سوريا التكفيرية".
فلننتبه... أميركا فرضت قرار "نزع السلاح" ومجلس الوزراء مجتمعاً وقّع عليه وليس رئيس الوزراء "السني" فقط، والكل شركاء في قتلنا وسفك دمنا واحتلال أرضنا وتهجيرنا.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل