أقلام الثبات
لا زالت سوريا ترعبنا بالمفاجآت السيئة والخائبة، خلاف ما عرفناه عنها حتى تكاد سوريا العربية المقاومة المناهضة للمشروع الأميركي - "الإسرائيلي"، تختفي من الوجود وحتى الذاكرة، فبعد سقوط أو إسقاط النظام المقاوم في سوريا بشكل خيالي هوليوودي خلال ساعات، حيث تفكّكت الدولة وخلع الجيش ثيابه العسكرية، ليتحوّل الى أفرادٍ هاربين او مختبئين، تطاردهم العصابات التكفيرية لقتلهم وذوبان المؤسسات الرسمية وإختفاء الدولة ،وكأن الطوفان التكفيري، قد أغرقها في بحر القتل والتقسيم والمجازر والاستسلام للعدو "الإسرائيلي" والتطبيع مع العدو.
قبل انقضاء تسعة أشهر على إسقاط النظام ،"أنجبت" سوريا التكفيرية مولودها الأول بالتطبيع مع العدو "الإسرائيلي"، وكان "جهاد نكاح التطبيع" قد بدأ قبل إسقاط النظام.. واذا كانت السلطة الجديدة سلطة هجينة لم تطرح نفسها عدواً "لإسرائيل" بل حليفا لها ضد العدو المشترك (إيران والمقاومة) لأنها وُلدت من رحم المخابرات الأميركية والمال العربي الخليجي والفكر التكفيري الذي تمتد جذوره الى "اليهودية التكفيرية" التي تجرأت على الله سبحانه وعلى الأنبياء ويرعاها "أولو الأمر" في تركيا وقطر والسعودية، حلفاء "إسرائيل" وأميركا الذين ألبسوها ثياب عرسها وأمسكوا بيدها لتسليمها "هدية" للعدو لاغتصابها ،كما فعلوا مع غزة، مع الفارق أن غزة رفضت الإستسلام للاغتصاب، مما أغضب "إسرائيل" وأميركا والعرب، وتشاركوا في اغتصابها منذ سنتين حتى الموت، أما السلطة السورية الجديدة، فإنها تذهب إلى حفل اغتصابها ضاحكة مسرورة!
لا نعاتب ولا نستهجن ما تقوم به سلطة" الجولاني"، فمقدمات ولادتها وسلوكياتها تدل على افعالها ونهايتها أيضاً، والتي لن تتأخر بإذن الله، لكن ما يثير الاستهجان والاستغراب حدود الخيبة، هو موقف الشعب السوري العربي المقاوم منذ الاستعمار الفرنسي!
ونسأل: لماذا هذا الاستسلام والصمت حدود العار والموت في مواجهة الاحتلال "الإسرائيلي" والجماعات التكفيرية؟
صحيحٌ أن الشعب السوري لايزال في ارتدادات الصدمة من سقوط نظامه، ولا يزال يعيش مفاجأة السقوط، ويعيش إرهاب الجماعات التكفيرية المتعدّدة الجنسيات، والتي لا يمكن ان يُطلق عليها مصطلح "جيش" أو "دولة"... لكن ألم يحن الوقت لأن يستيقظ الوطنيون والقوميون والبعثيون في سوريا للبدء بالدفاع عن أنفسهم وعن سوريا وعن تاريخها؟
أين حزب البعث الذي حكم 50 عاماً او أكثر؟ وأين طلائع البعث واتحاد شبيبة الثورة؟ أين القوميون السوريون؟
لن نسأل عن "الإخوان المسلمون" الذين انتفضوا قبل أكثر من أربعين عاماً في حماة، فلن يحرّكوا ساكناً ضد العدو "الإسرائيلي"، كما لم يحرّكوا ساكناً ضده في مصر او في الأردن وهيّؤوا القاعدة الشعبية والدينية والسياسية لتقبّل التطبيع في مصر والأردن والآن في سوريا وربما يكونوا أحد روافد تأمين التطبيع في لبنان!
لا عذر للوطنين السوريين بالاستمرار بالسكوت والاستسلام أمام الاجتياح "الإسرائيلي" لسوريا الذي يتقدم من الجنوب السوري الى دمشق الى الحدود اللبنانية - السورية، وصولا الى الفرات وحدود العراق.
أيها الأخوة السوريون استفيدوا من التجربة اللبنانية بعد اجتياح عام 82، والتي كانت أقسى واصعب مما تعيشه سوريا الآن، ومع ذلك انتفض المقاومون اللبنانيون بأقل من ثلاثة أشهر، وأنزلوا الضربات الاستراتيجية العسكرية بالمارينز والفرنسيين والاحتلال "الإسرائيلي".
ان استسلام الشعب السوري وسكوته واستسلامه بمواجهة التكفيريين وعدم مقاومة "الإسرائيليين" والتغلغل الأميركي والتركي سيزيد خسارتهم، ويهدّد وحدة سوريا ودينها ومذاهبها وطوائفها، وسيحوّل الشعب السوري الى شعب "أسير" ينتظر القتل والخطف والاغتصاب وسيحوّل سوريا الى أرض مُستباحة "لإسرائيل" وأميركا وتركيا، وللذين يبحثون عن "الترفيه" واللذة من العرب.
منذ ولادتنا ونحن نسمع عن سوريا "قلب العروبة" النابض، وخبرناها داعماً للمقاومة ،كمخزن سلاح ومظلة سياسية وطريق إمداد، وقاتلنا معها، ونناشد كل الوطنيين بدء معركة تحرير سوريا من الاحتلال "الإسرائيلي" والأميركي والمتعدّد الجنسيات.
يا جنود وضباط الجيش السوري الذين خاضوا حرب تشرين وحرّروا جبل الشيخ.... يا رفاق الطيار اللستشهادي "المسيحي السوري" جو جمّال: لا تتأخروا بالنفير والمقاومة، فربما تستطيعون إنعاش القلب السوري من الذبحة التكفيرية والرصاص "الإسرائيلي".
هل ماتت سوريا - قلب العروبة.. بالذبحة التكفيرية؟ _ د. نسيب حطيط
الأحد 24 آب , 2025 03:36 توقيت بيروت
أقلام الثبات

