الصمت… مبايعةٌ وقبولٌ "بإسرائيل الكبرى" _ د. نسيب حطيط

الجمعة 15 آب , 2025 02:08 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
رمى نتنياهو حجر "إسرائيل الكبرى" في بحر العرب الراكد ،لجس نبضهم وردّة فعلهم على إعلانه ضم دولهم وتحويل شعوبهم الى عبيدٍ من "الأغيار" لخدمه شعب الله المختار ،تنفيذاً لمهمةٍ إلهية يقوم بها النبي التلمودي نتنياهو الذي نصّب نفسه صنماً يعبده العرب ويقدمون له القرابين من رؤوس المقاومين مع هدايا النفط والمال ،ليقبلهم في دينه الجديد "اتفاقات ابراهام والديانة الإبراهيمية" ليعبدوا اللَّاتَ" الأميركي" و"الْعُزَّىٰ الإسرائيلي"؛ الآلهة الجدد للعرب، بدل الله الواحد!
لم تجتمع "جامعة الدول العربية" بشكل طارئ ،لرفض إعلان "نتنياهو" ولم تمهله ساعتين ،للتراجع ، كما فعلت ضد سوريا وكما فعلت لتأييد الحرب على اليمن فصمتت وامتنعت عن الرد والاجتماع ،لتعلن قبولها ومبايعتها لإسرائيل الكبرى مع انها ستخسر عدداً من أعضائها ،إلا إذا غيّرت اسمها وصار "جامعة الدول الإسرائيلية" قولا وفعلا واسماً، بعدما كانت "إسرائيلية" بالقول والفعل.
إعلان نتنياهو لمشروع "إسرائيل الكبرى" يهدف الى: 
- إنهاء النقاش بخصوص الدولة الفلسطينية، فمن يطرح ضم دول عربية مستقلة وقائمة الى "إسرائيل"، لن يقبل، بمنح الفلسطينيين جزءً من أراضيهم لإقامة دولة فلسطينية.
- إلغاء حق العودة للاجئين وتوطينهم مع سكان غزة ،، داخل "إسرائيل" الكبرى في الأردن أو سوريا او لبنان او العراق او مصر!
- محو ما يسمى الأمة العربية ،لجعلها أمة إسرائيلية، يقودها التحالف الأميركي - "الإسرائيلي" وتوظيف رؤساءها وملوكها وامراءها ضباط شرطة وآمري سجون لشعوبهم. 
ان الصمت العربي واللبناني، يتجاوز حدود المنطق والتصديق فالدول العربية تعلن الحرب على بعضها، لخلاف حدودي او لتصريح سياسي او طمعاً بثروات بلد آخر او تأييداً لرئيس او إسقاطاً، لنظام ،لكنها تسكت عن تقرير مصيرها ولا ترفض استعبادها وليس استعمارها ،لأنها ممنوعة من النطق والرد وكل رئيس وملك وأمير يرفض إسرائيل الكبرى ، سيسقط في اليوم الثاني ،لأن حكمه قائم على الحماية الأميركية والإسرائيلية ويمكن استبداله برئيس أكثر طواعية واستسلاماً منه!   
صمت اللبنانيون الذين اجتمع مجلس وزرائهم الأميركي بشكل عاجل ،ضمن المهلة التي حدّدها لهم المبعوث الأميركي "برّاك" وأصدروا قراراً "بنزع سلاح المقاومة" بالتلازم مع خطأ ارتكبته الثنائية، بالحضور مرتين ثم الاستمرار في عمل الحكومة دون مقاطعة او احتجاج ملموس وكأن شيئاً لم يحدث...بينما يتم الاحتجاج او المقاطعة من أجل تعيين وزير أو موظف إداري !  
لم يُصدر مجلس الوزراء أي موقف يستنكر ويرفض إعلان نتنياهو ولم يطلب وزراء الثنائية ذلك!
لم يجتمع مجلس النواب، لمناقشة الأمر الخطير واصدار موقف رافض ولم يتقدّم نواب الثنائية ،باقتراح عقد حلسة للمجلس لمناقشة الموضوع! 
لم يتحرك أحدٌ في لبنان ،لا الأحزاب السياسية ولا النقابات ولا المثقفون ولا الإعلاميون ولا حتى المؤسسات والمرجعيات الدينية وكأن شيئاً لم يحدث، مما رسم ابتسامة عريضة على وجه" نتنياهو" وقهقهة أميركية واطمئناناً، لنجاح مشروعهم ، فمن لم يستنكر بكلمة ولم يدع لاجتماع طارئ... لن يحمل سلاحاً او عصا لمقاومة هذا المشروع!
ان الصمت اللبناني،  لا يمكن قبوله أو الرضا به، فإذا كانت السلطة السياسية وبعض الأحزاب اللبنانية، أعلنت جهاراً، انحيازها للموقف الاسرائيلي ضد المقاومة فإننا  نسأل ...؟
ما هو المبرّر لقوى المقاومة وصمتها...؟
ولماذا لم تدع للتظاهر أو الاعتصام؟  
لماذا لم تطرح الموضوع في مجلس الوزراء ؟
لماذا لم تدع كتلهم النيابية، لمناقشة الموضوع في مجلس النواب.؟
لماذا لم تتحرك ضد هذا المشروع الخطر على لبنان ،خاصة  بعد إصدار قرار "نزع السلاح" ولبنان هو أقرب جغرافيا وأضعف بلدٍ، فثلاثة أرباعه في الحضن الإسرائيلي، طوائفياً وسياسياً ومع ذلك لم تحرّك قوى المقاومة ساكناً... حتى الآن! 
إذا كان الصبر على المستوى العسكري، مُبرّراً ومطلوباً في هذه المرحلة، فإن الصمت على المستوى المدني والسياسي الرسمي والشعبي ، أمر مرفوضٌ ومُستهجن ويجب المبادرة ،لتغيير الأداء والمسار.
 فهل قصفت "إسرائيل" القدرات السياسية والإعلامية والشعبية، لقوى المقاومة...أو تم تحييدها، نتيجة لسوء إدارة الحرب السياسية والإعلامية والشعبية...او بسبب قسوة الحرب وحجمها الذي يتجاوز قدرات المقاومة !
لتبادر قوى المقاومة، للتحرّك ،رفضاً لهذا المشروع الإسرائيلي في الحكومة ومجلس النواب والشارع والنقابات والاتحادات العمالية والطلاب... يكفي تقصيراً وقصوراً وتردّداً... حتى لا يفوت الأوان ولا ينفع الندم!
وللتذكير: اتفاق 17 أيار اسقطه التحرّك الشعبي... وانتفاضة شباط أشعلها التحرّك الميداني ...والمقاومة ضد الاحتلال في الجنوب بدأت شعبية ...وقَبِلت بها القيادات.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل