لبنان ليس خريطة تنتظر أن تُرسم في عقل "نتنياهو" أو أن تُمحى بصمت "المتخاذلين" في الدولة

الخميس 14 آب , 2025 08:09 توقيت بيروت أقلام الثبات

خاص الثبات

بينما يخرج نتنياهو بخريطة علنية تضم أجزاء من لبنان ضمن ما يسميه "إسرائيل الكبرى"، لا نسمع من لبنان الرسمي سوى الصمت. لا بيانات حقيقية، لا رد عاجل، ولا حتى تغريدة مرتعشة.

وكأن السيادة الوطنية تُباع على مذبح الدبلوماسية العرجاء، أو كأننا نشهد مرحلة جديدة من الانبطاح السياسي يُغلف بالصمت والادّعاء بالحكمة.

صمت الدولة: دهاء أم خيانة؟

حين يتكلم العدو عن ضم أجزاء من أرضك إلى "دولته الكبرى"، ولا تتحرك كدولة إلا بهمهمات باردة، فاعذرنا إن سألنا: هل لا زلتم تعتبرون أنفسكم دولة؟

أين وزارة الخارجية؟ أين الرئاسة؟ أين رئيس الحكومة؟ أين جيش البيانات الذي يظهر عند كل خلاف داخلي؟

هل أصبحت "إسرائيل" تتكلم عنك كمجرد إقليم ملحق، وأنت ترد عليها ببلاغٍ فارغ أو لا تردّ أبدًا؟

هل نحتاج إلى مذبحة جديدة حتى تصحوا الضمائر، أم أن الكراسي أثقل من السيادة؟

من بيروت إلى "إسرائيل الكبرى": الطريق مفروش بالصمت

تصريحات نتنياهو لم تأتِ من فراغ، بل وسط صمت عربي عام، ولبناني خاص. وهو يعلم أن بيروت لا تملك اليوم سوى أدوات التنديد المهترئة أو أدوات الطاعة غير المعلنة.

لقد بات واضحًا أن خريطة "إسرائيل الكبرى" ليست مزحة عابرة، بل جزء من عقل استعماري توراتي متجذر في السياسة الصهيونية، لكن الأسوأ من المشروع نفسه هو صمت من يُفترض بهم أن يواجهوه.

الصمت هنا ليس تحفظًا سياسيًا. إنه موقف مُخزٍ. إنه تواطؤ معلن مع توسعية عدوانية. من يعتقد أن الكيانات تُحترم بدون أن تُدافع عن ترابها، لم يقرأ التاريخ، ولم يعرف بعد أن الأمم لا تُقاس بعدد مؤتمراتها بل بعدد وقفاتها في وجه من يحتقر وجودها.

لبنان الرسمي: سلطة بلا سيادة؟

السلطة اللبنانية فقدت مبرر وجودها إن لم تكن قادرة على الرد على تهديد مباشر لحدودها.

لا تقولوا "نحن لا نرد على كل تصريح"، فهذا تصريح وجودي لا دبلوماسي.

حين تمس خريطة الوطن، لا يمكن التذرع بالصبر والحنكة. هذا وطن، لا شركة مساهمة.

هذا الصمت ليس دبلوماسيًا، بل سياسيًا مستسلمًا. إنه إعلان غير مباشر بأن لبنان لا يعتبر نفسه جزءًا من معادلة الردع.

لكن... من لا يُدافع عن وجوده، لا يستحقه. ومن لا يرد على من يسرق أرضه، فلا يحق له أن يتحدث عن كرامة أو سيادة أو وطن.

لبنان يستحق أكثر من هذا الصمت المهين.

لبنان ليس خريطة تنتظر أن تُرسم في عقل نتنياهو أو أن تُمحى بصمت المتخاذلين.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل