الحرب الأميركية لطرد إيران من لبنان والعالم العربي _ د. نسيب حطيط

الأربعاء 13 آب , 2025 12:27 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
يشن المحور الأميركي حربه على لبنان بما يمكن وصفه بالحرب المعقّدة والمركّبة، والمتعدّدة الأطراف والأهداف ،وفق منظومة تقاطع المصالح ووحدة "العدو المشترك" المحصور بالمقاومة والطائفة "الشيعية" في لبنان، والتي يعتقد كل الأعداء والخصوم أن اجتثاثها ونزع سلاحها سيحقّقان لهم مصالحهم، دون الحاجة لخوض معارك في ساحات متعددة، وتحقيق أهداف مرحلية واستراتيجية عجزوا عن تحقيقها منذ اجتياح عام 1982، ومنذ الحرب العراقية على إيران.
تحاول أميركا اقتناص اللحظة الذهبية للقضاء على إيران  ومحور المقاومة، للسيطرة المطلقة على المنطقة وشعوبها وثرواتها، وإنهاء القضية الفلسطينية وفق الشروط "الإسرائيلية" والأميركية، حيث لم يتبق مع القضية الفلسطينية سوى إيران ومحور المقاومة  الذي يقتصر على حركات المقاومة "الشيعية"، مما يسهّل شن الحرب المذهبية والتكفيرية عليها، بما فيها حركات المقاومة من المذهب السني ،بتهمة التعاون مع "الشيعة الروافض" والخروج على "ولاة الأمر" ومخالفة الإجماع "الاستسلامي" الذي تنتهجه الأمة الذليلة  مع "اسرائيل".
المرحلة الجديدة من الحرب على المقاومة بدأت باصدار قرار "نزع سلاحها"، وتختلف عن مراحل الحروب الماضية التي خاضتها المقاومة ، حيث يخوض المحور الأميركي - "الإسرائيلي" - العربي حربه التي يريدها أن تكون حرباً أخيرة وحاسمة تنتهي لصالحه وتحقق أهدافه التالية: 
- القضاء على المقاومة وطائفتها، لتأمين الأمن "الإسرائيلي" نهائياً وإخلاء الجنوب، او احتلاله، ومصادرة ثروات لبنان المائية والنفطية. 
- إخضاع لبنان للسيطرة الأميركية، وجعله محمية أميركية، لإدارة الشرق الأوسط الأميركي الجديد، مع توفر كل عوامل الترفيه والخدمات  .
-  تحقيق الهدف السعودي بالسيطرة على لبنان، تحت الرعاية الأميركية، والسماح "الإسرائيلي"، بما لا يؤثر على مصالحهما، ومحاولة لعب دور سوريا في لبنان، وإخراج إيران من لبنان ،حيث تفتقر السعودية الى الوجود المؤثر خارج حدودها في كل الدول العربية، وتحاول التعويض عن خسارتها المعنوية والمادية في حربها على اليمن ،لأن بقاء السعودية داخل حدودها لن يعطيها دوراً إقليميا تستطيع  من خلاه منافسة  تركيا وإيران، خصوصاً أنها لم تستطع وضع اليد على سوريا "الجولاني" "التي تمسك بها "إسرائيل" وتركيا بإشراف أميركي. 
"طرد" إيران من لبنان يشكّل الهدف المشترك والرئيسي لكل هذه الأطراف التي تحتشد ضد المقاومة وسلاحها، لاعتقادهم ان إغلاق "نافذة لبنان" سيسهّل ويقرّب إمكانية إسقاط النظام في ايران - بعد نجاته في حزيران الماضي - بعد قطع  أيادي محور المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق واليمن، وتشكّل المقاومة اللبنانية "محور المحور" والقوه الوحيدة التي تستطيع تهديد الأمن "الإسرائيلي" بشكل جدي بعد إبادة غزة واعتماداً على تاريخ العلاقة بين الشيعة وإيران  الذين كانوا اليد والصوت والنافذة التي تتنفس منها الثورة  الإسلامية حتى قبل انتصارها ،حيث احتضن لبنان برعاية الإمام موسى الصدر، كل قيادات الثورة الإسلامية في الجنوب وبيروت ومركز الإمام الصادر للدراسات الدينية في صور  واذا استطاع المحور الأميركي إغلاق النافذة اللبنانية للثورة الإسلامية، فإنها ستصاب بالاختناق السياسي وستخسر الساحة اللبنانية التي صارت ساحة إستراتيجية لا يمكن التفريط بها بعد "زلزال خسارة سوريا"؛ البلد العربي الوحيد الذي كان مع ايران منذ انتصار الثورة.
لا يمكن لإيران ان تقبل نزع سلاح المقاومة وحصار الطائفة الشيعية وعزلها او تهجيرها لاعتبارات سياسية وأمنية وإستراتيجية تمس الأمن الإيراني ،فّاذا سقطت بيروت، ستسقط طهران بعد حين ولاعتبارات دينية ومذهبية ولا يمكن ان يكون الموقف الإيراني مشابهاً لموقفه في حرب الإسناد، فالمعركة الحالية هي معركة إيران ،بقدر ماهي معركة المقاومة  والشيعة في لبنان وإذا تم نزع سلاح المقاومة ،فلن يتأخر المحور الأميركي للمبادرة بنزع سلاح الحشد الشعبي في العراق وسيكون نزع سلاح للحرس الثوري والجيش الإيراني أقرب الى التحقق وصولاً لإسقاط النظام والثورة التي أنهكت أميركا ولا مجال لشعار التضحية بالجزء "شيعة لبنان "لحماية الكل "إيران" لأنه اذا انهزم الشيعة في لبنان فسيسقط "الجزء والكل".
ان استراتيجية الحرب القادمة، لمحور المقاومة يجب أن تكون إستراتيجية حرب "وحدة الساحات" الحقيقية في لبنان والعراق واليمن وإيران مع حضور ميداني لإيران ،بعدما أثبتت إستراتيجية الحرب "بالمفرّق" عدم صوابيتها وما ألحقته من خسائر قاتلة، بأطراف محور المقاومة .
الحرب القادمة ،هي حرب تقرير مصير الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية وإيران والإسلام والمسيحية المشرقية ويجب التعامل معها بمستواها وخطورتها والاستعداد لها على كل المستويات، لأنها ستقرر مصير المنطقة ل 50 او 100 عام مع التأكيد ان نتائج المعركة ليست محسومة، للمحور الأميركي بالمطلق، فإذا أحسن محور المقاومة إدارة المواجهة ،بذكاء وموضوعية وواقعية وحصرها بدائرة واجباتهم وعدم القتال، نيابة عن أحد، فلن ينتصر المشروع الأميركي وسيقبل مُرغماً على التفاوض والتسويات والمهادنة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل