احفظوا الجيش ولا تذلّوه او تورّطوه بالفتنة ــ د. نسيب حطيط

الثلاثاء 12 آب , 2025 10:44 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
تستمر أميركا في تنفيذ مشروعها الذي أعلنه وزير خارجيتها الأسبق مايك بومبيو في العام 2019 بنقاطه الخمس لاجتثاث المقاومة؛ بالحصار الاقتصادي والانهيار المالي وشلل المؤسسات ودمج النازحين السوريين وتوطين اللاجئين الفلسطينيين، لتغيير التركيبة السكانية للبنان وتكليفهم بالقضاء على المقاومة (بعد رفض السنّة اللبنانيين التورّط بالفتنة، ونفي الرئيس سعد الحريري، وعزل تيار المستقبل) دون تدخل أميركي او "إسرائيلي" عسكري، إلا إذا اقتضت الضرورة وعجزت أدوات أميركا عن ذلك، وهذا ما حصل في الاجتياح والحرب "الإسرائيلية" على المقاومة عام 2024، والتي لا زالت مستمرة .
نجحت أميركا في تنفيذ أغلب بنود مشروعها، بانتظار تنفيذ دمج النازحين وتوطينهم مع اللاجئين الفلسطينيين، والذي يمكن أن يتم تحت الضغوط الأميركية والسعودية، وإصدار قرار "تجنيسهم" من مجلس الوزراء ومجلس النواب، حيث تمتلك أميركا الأكثرية في المجلسين، بعدما تجاوزت "حكومة برّاك"  خط الخوف من المقاومة وأصدرت قرارها بنزع السلاح الذي يمثّل المدخل الرئيسي لتأمين ثلاثة أهدافٍ تضمن: السيطرة الأميركية على لبنان، والأمن "الاسرائيلي"، والنفوذ السعودي المقيّد من خلال نزع السلاح، ودمج النازحين و توطين الفلسطينيين، لتستكمل السلطة  السياسية تنفيذ المشروع الأميركي - "الإسرائيلي" لتدمير لبنان بالحرب الأهلية وتهجير المسيحيين والشيعة.
يستمر المشروع الأميركي - "الإسرائيلي" لتدمير ثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة)؛ فبعد إنهاك المقاومة وحصارها وشن الحرب عليها من السلطة السياسية  التي أصدرت قرار نزع  قانونية وشرعية السلاح ،بالتلازم مع القصف والاغتيالات "الإسرائيلية" وتهديد أهل المقاومة بالتهجير ومنع  الإعمار والعودة الى قراهم المدمرة، انتقل المشروع الأميركي الى المرحلة  الثانية لتدمير العنصر الثاني وهو الجيش، الذي لا يزال يحظى بإجماع وطني، ويمنع الفتن الداخلية او الحرب الأهلية القادمة، وبدأوا بتهشيم صورته المعنوية ودفعه ليكون خادماً للأمن "الإسرائيلي"، رغماً عنه، وخصماً للطائفة الشيعية تحت عصا القرار السياسي الذي تتحكم به أميركا والسعودية، وتم إذلال الجيش وتشتيت قوته وتهشيم معنوياته وصورته، وبخطوات متسارعة، مع إمكانيه توريطه بالصدام  العسكري مع المقاومة؛ بتكليفه تنفيذ قرار نزع السلاح بالقوة وفق التالي:
- منع الجيش من التصدي للجيش "الإسرائيلي"، لحفظ كرامته، مع أن أغلبية جنوده وضباطه وطنيون أثبتوا مواقفهم المشرّفة ضد الجيش "الإسرائيلي"، وكانوا طوال 20 عاماً الجيشَ العربي الوحيد الذي أطلق الرصاص على "إسرائيل" وارتقى منه الشهداء.
- إظهار الجيش كأداة تنفيذية تعمل وفق الأوامر "الإسرائيلية" المباشرة أو عبر الأوامر الأميركية وإجباره على تفتيش المباني وتفجير الأسلحة التي تسلّمها المقاومة وتفجير الأنفاق والقواعد العسكرية للمقاومة بدل الاحتفاظ بها .
- إذلال الجيش وإجباره على تدمير أسلحه المقاومة، بالتلازم مع إعادة الأليات العسكرية "الإسرائيلية" التي توغلّت داخل لبنان وعدم تدميرها.
-  توريط الجيش بمهمات الأمن الداخلي، ومطاردة تجار المخدرات، مع تأييدنا لأي عمل ضد هؤلاء المجرمين الذين يدمرون الأمن الاجتماعي والأخلاقي، لكن اختيار التوقيت واستخدام "المسيّرات" لإظهار الشيعة بأنهم جماعة خارجة عن القانون ،سواء بحمل السلاح او بتجارة المخدرات، ويجب التخلص منها لضمان إعمار لبنان وتطوّره!
إذا استمرّت السلطة السياسية والقوى السياسية المنحازة للتطبيع مع "اسرائيل" وبعض القيادات الروحية بتوريط الجيش ودفعه للاصطدام مع المقاومة، فستتكرّر تجربة انقسام الجيش كما حدث في الحرب الأهلية 1976؛ "جيش لبنان العربي" وفي انتفاضة شباط 1984 "اللواء السادس"، وصولاً الى تدميره، وهذا ما تسعى إليه أميركا، كما فعلت مع الجيش السوري والجيش العراقي سابقاً، والجيش الليبي، لأن الأمن "الإسرائيلي" يستوجب عدم وجود جيوش قادرة على القتال، بل جيوش تقوم بمهام الشرطة ،لحفظ أمن "إسرائيل".
إن توريط الجيش في الفتنه الداخلية سيسهّل تثبيت النازحين وتوطين الفلسطينيين، ويفتح أبواب لبنان أمام "اسرائيل" والتكفيريين وكل الطامعين، وسيدفع كل اللبنانيين الثمن، حتى الذين وقعوا على نزع السلاح وعلى توريط الجيش وإعدام المقاومة .
نجح المشروع الأميركي بسبب قوة أميركا وتآمر العرب والداخل اللبناني، وقصور ومهادنة وتردّد وعدم الكفاءة السياسية ، لقوى المقاومة وفشلها، بالتصدّي له وإسقاطه عند بدايته مع أنها كانت تسيطر على السلطة والقرار السياسي والعسكري، ومراهنتها على القوة العسكرية ،لحفظ وجودها وإهمالها للقوة السياسية التي كانت تملكها.
احفظوا "الجيش" ولا تُذلّوه ولا تُورّطوه بالفتنة الداخلية والصدام مع المقاومة...حتى تحفظوا أنفسكم وتحفظوا لبنان... قبل فوات الأوان...
فلتبادر قوى المقاومة لمراجعة سلوكياتها ووسائل الرد، لأن التراجع والصمت في بعض الأحيان ليس حكمة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل