خاص الثبات
من المؤسف أن تخرج علينا بعض المنصات الإعلامية، في لحظة وطنية حرجة، بعناوين لا تعكس سوى الإفلاس المهني والانحياز السافر لأجندات لا تمتّ للبنان بصلة، بل تتغذى من مشاريع خارجية تستثمر في دماء أبنائنا لتصفية حساباتها الصغيرة على أرضنا.
عنوان صحيفة "نداء الوطن" عن "كمين حزب الله" ليس فقط تضليلاً إعلامياً، بل طعنة في ظهر الجيش اللبناني، وشهدائه الذين ارتقوا في سبيل الدفاع عن الوطن وأمنه واستقراره.
لا مجال للّبس هنا: ما جرى في الجنوب هو كمين للوطن بأكمله، استهدف المؤسسة العسكرية، العمود الفقري لوحدة البلاد، وجاء ضمن سياق التصعيد الصهيوني المستمر ضد لبنان بأرضه وشعبه وجيشه ومقاومته.
ومن المؤسف أكثر أن تنصّب بعض الصحف نفسها ناطقاً باسم سفارات أجنبية، تنفث من خلالها سموم الفتنة الطائفية والمذهبية، وتحاول أن تصوّر تضحيات الشهداء وكأنها صراع داخلي، أو "كميناً" دبرته جهة لبنانية. متى كان الدفاع عن الأرض خيانة؟ ومتى صار دم الجندي اللبناني يُستثمر لتأليب الداخل ضد فئة من أبناء هذا الوطن؟
في زمن المواجهة، تصطفّ الأقلام إمّا خلف الوطن أو خلف العدو. لا منطقة رمادية في لحظة الدم. ومن يختار الاصطفاف خلف المنابر التي تأتمر بأوامر سفارة الشر في عوكر أو بقايا مشيخات التخاذل الخليجي، إنما يضع نفسه في صف المشروع الإسرائيلي الأميركي الذي لطالما سعى لتفكيك لبنان وزرع الفتنة فيه.
إن هذا البلد لا يحتمل المزيد من سموم الفتنة، ولا وقت لدينا للرد على نباح الأقلام المأجورة. الدماء الزكية التي سالت على تراب الجنوب لا تحتاج منّا سوى أن نكون على قدر التضحيات، صفاً واحداً، لا جيشاً ومقاومةً وشعباً فقط، بل إعلاماً أيضاً، يرفض أن يكون أداة للتحريض والتفرقة.
وليعلم الجميع: في زمن الحروب المصيرية، يسقط القناع عن كل عميل، ويتبيّن الخيط الأبيض من الأسود. وإن سكوتنا عن الفتنة ليس عجزاً، بل حكمة. ولكن للسكوت حدّ، وللوطن كرامة، وللشهداء حقّ لن يُفرّط فيه.