هيبة الدولة بـ"السلة" - عدنان الساحلي

الجمعة 08 آب , 2025 12:39 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
لافتة كانت إشادة رئيس الجمهورية جوزيف عون، خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء أمس، بحضور رئيس الحكومة نواف سلام، بالعملية التي نفذها الجيش اللبناني في بعلبك؛ وقتل فيها مطلوبين بتهم تجارة المخدرات، حاشداً فيها قوة عسكرية كبيرة وعشرات الآليات والملالات، إضافة إلى طائرات مسيرة ومروحية.
وفي الجلسة ذاتها، أقرت الحكومة ورقة الإملاءات الأميركية، التي فرضها الموفد الأميركي توم باراك، على رئيسي الجمهورية والحكومة؛ وفيها تم قلب أولويات الخطاب الرئاسي والبيان الوزاري، رأساً على عقب، ليصبح تجريد المقاومة من السلاح البند الأول.
وما فرض نفسه على الجو العام، أن الغارات "ألإسرائيلية" لم تتوقف على المناطق الجنوبية والبقاعية، إن كان خلال انعقاد جلسة مجلس الوزراء، أو خلال قيام الجيش بعملية بعلبك.
وما يوجب تسجيله هنا، أن اللبنانيين يتوقعون منذ أكثر من سنتين، أن يكون لأصحاب القرار في لبنان موقف يطلبون فيه من الجيش التصدي للعدوان "الإسرائيلي" المستمر؛ ولو على سبيل رفع العتب، أو إثبات الوجود، خصوصاً أن العدو يمعن قتلا وتدميراً وقنصاً جوياً للمواطنين؛ ويستمر باحتلال أراض لبنانية، وقد نفذ هذا العدو آلاف الاعتداءات البرية والجوية والبحرية، منذ وقف إطلاق النار بموجب القرار 1701، فيما تبين في بعلبك، أن لدى الجيش مدرعات ومدافع وطائرات قادرة على القصف والقتل، لكنها تقف متفرجة في الجنوب لغياب القرار السياسي، إلا إذا كانت معادلة قتل "أبو سلة" بطائرات الجيش، تعني أن مواجهة "إسرائيل" تتطلب حصولنا على سلاح نووي؟ 
في الشكل، لا يختلف مشهد قتل المطلوبين في بعلبك وجثثهم المحترقة، بصواريخ مسيرات الجيش، عما شهدته طريق كفردان وطريق بريتال في بعلبك، بفارق ساعات؛ ولا عما شهده طريق المصنع في بر الياس البقاعية، أو في تولين الجنوبية، حيث قتلت مسيرات العدو "الإسرائيلي" عددا من المواطنين، بصواريخ المسيرات، بينهم أطفال ونساء، علماً أن مسيرات العدو "الإسرائيلي" لم تغب عن أجواء بعلبك، خلال قيام مسيرات الجيش بقصف سيارة "أبو سلة" وقتله.
صحيح أن مطاردة تجار المخدرات، أمر مطلوب ولا خلاف عليه، لكن هناك ملاحظتان سريعتان تفرضان نفسيهما، على العملية التي تبناها رئيس الجمهورية وأشاد بها، أولهما أن زارع المخدرات في بعلبك هو الحلقة الأضعف؛ وأن تاجر المخدرات هناك هو تاجر محلي، مهما كبر والصقت به تهم والقاب، مثل "أسكوبار" وغير ذلك، لكنه يبقى تاجراً صغيراً لا يصل إلى مرتبة مافيات تهريب المخدرات، التي تتولى "سكة " التهريب، فهي التي تشتري المحصول من المزارع ومن التاجر المحلي؛ وتنقله عبر الجرود باتجاه البحر، ليتم تهريبه إلى الخارج، حيث يجني المهربون الثروات؛ ويصبحون من رموز المجتمع ووجوه الصالونات. هؤلاء هم التجار الكبار وهم "السكة" التي يعرف المعنيون وأهل بعلبك، أنها تتمركز في دير الأحمر وجوارها؛ وتحديداً في جماعة "حزب القوات". لكن تبديل الأولويات يجري لغاية في نفس يعقوب؛ ومثلما جرى قلب اولويات تحرير الأرض وإعمار البيوت واستعادة الأسرى، لتصبح الأولوية نزع السلاح، بأمر أميركي وضغط سعودي علني، هكذا أصبح حفظ هيبة الدولة وتنفيذ القانون، مرتبط بقتل مطلوب يلقب بـ"أبو سلة"، لأنه كان يسلم بضاعته إلى زبائنه، بواسطة "سلة" ينزلها من على شرفة منزله في الفنار، في المتن، قبل ان يهرب إلى بعلبك.
مشكلة العهد الجديد والحكومة أن لبنان صغير والناس تعرف بعضها جيداً؛ وأن من واجب الأجهزة الأمنية إعتقال "ابو سلة" وأمثاله وليس قتلهم، فجرم الإتجار بالمخدرات في القانون، هو السجن ولا يصل إلى الإعدام والقتل، لكن هناك من أراد ، في وقت حساس، إظهار العين الحمراء في بعلبك، لغايات غير خافية على أحد، فاصبحت هيبة الدولة توازي "سلة" تاجر مخدرات، فهل مطاردة تاجر المخدرات، أولى من إعادة أموال اللبنانيين التي سرقها أصحاب المصارف والنافذون في السياسة والطوائف؛ وهذا الأمر أحد الأسباب البارزة لإضطرار البعض للتعيش من تجارة الممنوعات، أو حتى ممارسة السرقة والسلب، إضافة إلى الإهمال المزمن الذي تعاني منه محافظة بعلبك الهرمل، فهل المطلوب معالجة الأسباب أم محاربة النتائج؟ وبالتالي هل المطلوب ازالة الاحتلال واعمار ما هدمه العدوان واستعادة الأسرى، أم تجريد لبنان من عناصر قوته، لتزيد "إسرائيل" استباحته؟ هي سياسة حكام يقفون على رؤوسهم وأرجلهم للأعلى.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل