أقلام الثبات
على مشارف أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) الذي قاتل وحيداً في كربلاء، يتكرّر المشهد الكربلائي، ويحاصر الأعداءُ والخصوم أنصارَ الحسين من أهل المقاومة، فيتحالف العملاء الأصليون مع الوطنيين المزيّفين الذين لعقوا عسل المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية وسوريا، وحملوا بنادقهم وزحفوا للقتال مع العدو "الإسرائيلي".
يستقوي الأعداء والخصوم على المقاومة وأهلها، ويعيبون عليهم كثرة جراحهم النازفة، وقد غدر الجميع بنا حتى من أطعمناهم فاستضعفونا ورمونا بسهام الحقد والتشفي لأننا كشفنا عورتهم ونفاقهم، ومازلنا تقاتل في الميدان وحيدين، ولنا الشرف في ذلك ولكم العار وأنتم توقعون ورقة الذل والاستسلام التي رماها لكم المبعوث الأميركي، وانحنيتم، كما عادتكم ،لتلعقوا حذاءه وتوقعوا عليها دون نقاش او تغيير في حرف واحد، وضمن المهل التي حدّدها لكم.
يتنافس العملاء رسميون وحزبيون وعلماء دين للتوقيع على اتفاقية الاستسلام الأسوأ من اتفاق 17 ايار ولم يبق في ساحة الشرف إلا الشيعة وبعض الشرفاء من الأحزاب والطوائف الأخرى، الذين صاروا "شيعة" ايضاً في نظر عملاء "إسرائيل"، ولم يبق مع فلسطين وغزة من مسلمي العالم سوى الشيعة، ولم يبقَ في مواجهة "إسرائيل الكبرى" و"الشرق الأوسط الأميركي الجديد" سوى الشيعة، وتحوّل الشيعة من "مذهب فقهي" الى "مذهب سياسي"؛ فيه من كل المذاهب والطوائف، وحتى من العلمانيين.
وقّع اللحديون الجدد من وزراء "حكومة برّاك" في لبنان على اتفاقية الاستسلام بحروفها الأولى ، قبل أن يوقّع "الجولاني" في سوريا ،دون مقابل وبدون سيادة وبدون كرامة، ثم صفّقوا ورقصوا على جثثنا واشلاء شهدائنا وشربوا الأنخاب احتفالاً بقبولهم في "حظيرة العمالة لإسرائيل" التي قّلدتهم "أوسمة" الصداقة لها والخيانة للوطن والشهداء، ووصفتهم بالحكومة الصديقة، ومن كان صديقاً للعدو.. صار عدوّاً لنا.
لا تفرحوا ايها اللحديون الجدد المراهقون في السياسة، الراسبون في الوطنية والشرف، الغارقون في الخيانة والعمالة والدناءة والغدر، وتذكروا ما أصاب من سبقكم وتحالف مع "اسرائيل" وماذا كان مصيره، وسيكون مصيركم مثله، بل أكثر سوءاً.
لقد أخطأتم بالحسابات واستضعفتم المقاومة وأهلها، وظننتم انكم تستطيعون نزع سلاحها وتقييد يديها وفتح الأبواب امام العدو لسبي نسائها وحرق بيوتها وأنتم تجلسون في صالوناتكم وعلى شرفات منازلكم تشاهدون القصف والنيران والدخان .
لن تتطابق حسابات مجلسكم الوزاري غير الميثاقي وغير الشرعي مع بيدر خيانتكم وستتفاجؤون بالرد الذي يمكن ان يتأخر او أن يكون سريعا ،لكن الأكيد والمحتوم انكم لن تلبثوا إلا قليلا، وهذا البلد لن يكون محميّة "إسرائيلية"، ولن تكون "إسرائيل" بلداً صديقا ،بل شرٌ مطلق وعدوٌ دائم.
ليس السلاح أمراً متعلقاً بالثنائية وبقرارها السياسي، بل يتعلّق بأمن الناس وكرامتهم، وبالحكم الشرعي حتى لو وافقت الثنائية او صمتت إكراهاً او طوعاً، فهناك عوائل آلاف الشهداء والجرحى سيثأرون منكم ومن عدوّهم، ولن يتركوا دماء آبائهم وإخوتهم تذهب هدرا ً.
30,000 شهيد وجريح في حرب ال66 يوماً ولا يزال الاحتلال يقصف ويغتال، فتطوعتم ووضعتم يدكم بيده لقتلنا وحصارنا، وحمّلتم المقاومة مسؤولية ما جرى، وبرأتم العدو يا أحقر واكذب الناس والأكثر غدراً.
لقد نفد صبر أهل المقاومة، وعليهم البدء بالمواجهة وعدم الاكتفاء بالتحركات الشعبية العفوية التي جرت ليل أمس ،بل البدء بتنظيم مواجهة مدنية وسياسية وقانونية لإسقاط هذه الحكومة وقراراتها ،بالتلازم مع الاستعداد لمواجهة العدو ميدانياً، وصحيحٌ أننا حريصون على السلم الأهلي لكن "السلم الأهلي للجميع"؛ لنا ولكم، وليس المبتور الذي يحفظ سلامتكم لتتفرغوا لقتلنا، وإذا بقيتم على خطاياكم وصرنا بين خيارين (السلم الأهلي الناقص أو حفظ المقاومة وأهلها) فلن نتردّد باختيار حفظ المقاومة ،مهما كان الثمن، وستدفعون ثمن جريمتكم عاجلاً أم آجلاً.. إن الصبح قريب بإذن الله.. ولسنا ضعفاء.
فلتبادر "الثنائية" لتغيير أدائها السياسي والميداني وتغادر دائرة الصمت والتنازلات وطمأنة الآخرين حتى لا تُقاتل في غرف نومها، وان تغادر المواقف الضبابية، والا تبقى في دائرة أجوبة "لعم ".. فقد جرّبت الاستيعاب والتنازلات فكانت النتيجة صدور القرار بنزع السلاح، ومن يقلّل من أهميته فهو واهم، ويحاول تبرير ضعفه وتقصيره وعجزه عن منع صدوره ،فهو قرار خطير وله تبعاته وملحقاته، واذ لم يتم التصدي له وإسقاطه فلا تلوموا أحداً على ما سيصيبنا، بل لوموا أنفسكم ،بأنكم كنتم قاصرين ومقصّرين عن حماية إنجازات المقاومين وانتصاراتهم وأنكم أحرقتم حصاد أربعين عاماً من الكرامة والتحرير والأموال والمعنويات والعمران الذي فتح أبوابه الإمام موسى الصدر ولم تُحسنوا حمايته ، وستتحمّلون المسؤولية أمام الله والتاريخ عن قتل وتهجير أهلكم... ولم تستطيعوا حفظ المجد الذي صنعه الشهداء..
أيها اللحديون الجدد: سَتهزمكم المقاومة ولن تَهزموها ــ د. نسيب حطيط
الجمعة 08 آب , 2025 10:50 توقيت بيروت
أقلام الثبات

