لبنان بين وعود الالتزام و"حفلات الزجل" ــ يونس عودة

الثلاثاء 05 آب , 2025 09:33 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
ليس مفاجئا ألا يلتفت جمع من السياسيين وزعماء بعض الاحزاب اللبنانية الى اصرارهم على مراكمة مواقفهم في "سجل العار" الطافح , والنقيض الصارخ لما يصفونه بالمبادئ التي نشأوا وترعرعوا عليها ,في الانتماء وكونوا جمهورا يساق بشعارات خلبية.
في لبنان حاليا حملات سياسية واعلامية اشبه بالحمى والطفح الجلدي عنوانها كما الجوهر, "نزع سلاح المقاومة ", والا ستقوم قوات الاحتلال الصهيوني بش حرب ماحقة , مع حصار اقتصادي – مالي ,تجويعي ستساهم فيه دول الغرب , وعرب اميركا , اولئك  المتأسرلين حتى العظم.
من غير الطبيعي الا نقر بان الكيان الصهيوني برعاية اميركية كاملة نجح في ان يوسع شقة الخلاف بين اللبنانيين حول مآربه العلنية والخفية , واهمها تسليم اوراق القوة التي يخافها الكيان وفي مقدمتها السلاح الذي جعل لبنان منذ العام 1982 رمزا في مواجهة الغزاة والقتلة والمجرمين الارهابيين على اشكالهم
ان القوى المنادية ب"نزع السلاح " سواء بالتسليم او عنوة, تسفر اليوم عن كل القباحة الثقافية والسياسية المخزونة , لا بل تقدم نفسها على انها قادرة على القيام بأقذر المهام , إذا لم يبادر الجيش اللبناني الى ذلك, اي بمعنى اخر انها تنتظر امر العمليات وهنا يمكن ان يفتح مزدوجان بمعنى ان هذه القوى تملك السلاح وهي اعدت لمثل هذا السيناريو إذا دعت الحاجة لدى القوى المحركة – اي اميركا و"اسرائيل" .
تلك القوى نفسها والتي تختزن الاحقاد وصل الامر بأحدهم للدفاع عن المشروع الصهيوني, وتزوير الوقائع يصفق لها الرعاع والبلهاء وحدهم ,وايضا من اختار العمالة عن سابق تصميم , ان يقول من على منبر جمع اتباعه في صالته : ان" اسرائيل لا تريد احتلال , وانما جاءت بسبب السلاح والحروب .فيما قادة الاحتلال أنفسهم, يعلنون ان الانسحاب لن يكون سواء انجز تسليم السلاح او لم يحصل .
لا عجب في التزوير في لعبة مسح الحقيقة وان كان غير اخلاقي في السياسة والسرد , لكن الم يكن واقعيا أكثر ان يقول لماذا كان السلاح؟ ومن يشن الحروب منذ العام 1948 وما قبل، الا إذا كان لم يقرأ او يطلع على تاريخ لبنان الحديث والماثل بقوة، وهذا عار موصوف لمن يرى في السياسة طريقا له، سيما انهم هم انفسهم , منذ تحطيم العدوان "الاسرائيلي" العام 2006، اعتبروا ان "اسرائيل" انهت احتلالها للأراضي اللبنانية , رغم انه كان لا يزال قائما , ليس فقط من النقاط ال13 المختلف عليها في خط الانسحاب , وانما لأراض لبنانية محددة بشكل واضح في اتفاقية الهدنة , وقضمها الاحتلال تدريجيا بما فيها مزارع شبعا والغجر، وهم انفسهم طالما رددوا ونفخوا في اشعال حرب مع "اسرائيل" تحت عنوان , ما فائدة السلاح اذا لم تكن هناك حرب,  
بإمكان اي مخلوق ان يضع اصبعه على اي متصفح ,وبنقرة واحدة تظهر امامه كل المجازر الاسرائيلية على الارض اللبنانية ومحاولات الاحتلال , والتفجيرات , وعمليات القتل والخطف سواء لجنود في الجيش اللبناني او لمواطنين لبنانيين بالأرقام والتواريخ , وكم عملية تصدي فردية وجماعية قبل ان يكون ينطلق حزب الله كحركة مقاومة طبيعية لمحتل .ونادرة في اسلوبها , سيما إذا قارنتها باي حركة مقاومة عبر التاريخ في العالم اجمع.
من الطبيعي والضروري ,ان تكون الدولة عبر جيشها وقواها الاخرى هي من تتصدى للعدوان من اين يأتي , وبالمقابل فان العار الوطني يلحق بكل مواطن اذا لم يكن شريكا في الدفاع عن ارضه وشعبه وكينونته, وكل بحسب قدرته , حتى لو اختار الحياد لعدم القدرة على القيام باي شيء, لكن لا يمكن القبول تحت اي مسمى بان يكون في صفوف المعتدي على وطنه وشعبه , والدفاع عن ارتكاباته واعتداءاته، وتبريرها بوقاحة الكاذب والسارق والقاتل ,وهنا تصبح الاشارة وجوبا , بان اولئك الذين "صرعوا" الشعب اللبناني بمقولة الحياد, تراهم غير محايدين , لا بل في صف العدو والاستعانة به بصراحة كي "يخلصهم " من الذين يقفون بوجه المعتدي الذي يعقدون الآمال على تصفية القضية الوطنية , ليكونوا ادوات طيعة في سلطة تتماهى مع المشروع الاكبر في المنطقة , وهذه من النقاط الاكثر اسودادا في سجل العار.
ان الازمة الوطنية اللبنانية تكمن في حقيقة الانتماء, وهذه الحقيقة , تظهر ان الذين يعانون مباشرة , او الذين  لديهم الحس الوطني الطبيعي , والذين لا يتملقون لعدو الانسانية , اشد تمسكا بالانتماء , بينما المتملقون , والطامحون الى استغلال اي شيء لتحقيق النفوذ ووضعه في خدمة الاجنبي واسترضاء الممول الخبيث , لا يعني الانتماء لهم سوى كلمات جوفاء , استعراضية كما حفلات الزجل التي يمكن لكل مشارك في المبارزة الكلامية بمخزون مرادفات , ان يحتل الصورة الضاحكة في عالم يحترق , وترتكب فيه حرب ابادة .
ان ما يحدث في لبنان حاليا ليس مجرد نزق سياسي , اصحابه غير صبورين , وقادرون على التلون في كل حين بحسب موازين القوى , وانما خيارات بين مؤيدي حملات الإبادة الجماعية , عبر القتل والتجويع وهو ما نشهد أحد فصوله في فلسطين , بعد احتلال وحشي وغير قانوني مستمر منذ 75 عاماً، باستلهام إيديولوجية التفوق العرقي، وبين اصحاب الخيارات الوطنية التي تريد ان يكون لبنان حرا سيدا مستقلا لجميع ابنائه بالتساوي في الحقوق والواجبات , بعيدا عن الشعارات الانتخابية الزجلية التي تموت بانتهاء الانتخابات, او بتربيث على كتف من ممول هنا او هناك ,هدفه انتهاك العرض والسيطرة على الارض بما فيها .
عندما سهل الثنائي الوطني الى اقصى ما يمكن انتخاب رئيس الجمهورية جوزاف عون , وتشكيل الحكومة برئاسة نواف سلام كانت على الامر على قواعد واضحة , واهمها تنفيذ القرار 1701 بتسلسل الاتفاق الذي رعته وضمنت تطبيقه الولايات المتحدة وفرنسا , وكان الالتزام واضحا من كليهما سواء في خطاب القسم او بالبيان الوزاري , وفي خطابات لاحقة , واذا كان ,اي كان ,غير قادر على الوفاء بالالتزام الوطني نتيجة الرضوخ او التماهي مع السعودية او اميركا او اسرائيل , او مع ضغوط الجميع وكأنهم واحد , عليه مصارحة اللبنانيين بالحقائق والوقائع , واذا كان الخوف كما يهددون من حرب مصحوبة بحصار تجويعي قد يتحول  مشهدها الى مشهد يماثل  غزة , فعلى كل من لا يتحمل الضغوط تحت اي عنوان مراوغ , خوفا من الحروب ,عليه الوفاء اولا بالالتزام الوطني عمليا , وليس زجليا.
صحيح ان الجميع بات يدرك , بما فيهم المرتزقة في السياسة والاعلام , ان الغرب بقيادة اميركا و"اسرائيل" وقسما كبيرا من عرب الجاهلية متحدون لإنهاء اي حالة او حركة مقاومة , لكن منذ فجر التاريخ لم يحدث ان حركة مقاومة للاحتلال فشلت في ازالة الاحتلال بغض النظر عن الزمن الذي تستهلكه ورغم الاثمان الباهظة والثقيلة والمعاناة , لان وعد مقاومة الاحتلال لم يكن يوما الى حفلة زجل , وليس وعودا انتخابية على الطريقة اللبنانية 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل