هروب نتانياهو من غزة الى الغزوات نهايته "حلّ الدولتين" _ أمين أبوراشد

السبت 02 آب , 2025 04:02 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

كل السيناريوهات حول عدوان "إسرائيلي" على لبنان صحيحة، بصرف النظر عن واقعيتها ونتائجها، ولعل أكثرها تداولاً في أوساط "الإعلام المُتفرِّج"، هو الدخول "الإسرائيلي" من القطاع الشرقي لجنوب لبنان، والالتفاف حول جبل الشيخ من الجهة اللبنانية والوصول إلى بوابة دمشق، لقطع طرق التواصل بين لبنان وسورية، مع وجود سيناريو آخر يرتبط بمنطقة عازلة عرضها 7 كيلومترات؛ تمتد من رأس الناقورة غرباً مروراً بالقطاع الأوسط وانتهاءً بجبل الشيخ في القطاع الشرقي، ومن هناك يتمّ الوصل مع الجولان المحتلّ والمحافظات السورية الثلاث القنيطرة ودرعا والسويداء، ويكتمل بذلك الحزام الأمني "الإسرائيلي" من لبنان إلى سورية وحتى الحدود مع الأردن.

قد يضع البعض هذه التوسعات "الإسرائيلية" المحتملة ضمن سياق رسم الشرق الأوسط الجديد، مع تأمين "ممر داود" العابر من فلسطين المحتلة إلى درعا والتنف وصولاً إلى الشمال الشرقي السوري، حيث مناطق سيطرة الأكراد، ومن هناك تغدو كل الطرق مفتوحة نحو العراق ومنه الى دول الخليج، وإلى تركيا ومنها تسهل الطريق نحو أوروبا، لكن ظهير هذه التوسعات غير مؤمَّن لا بل هو غير آمن، لا لناحية الضفة الغربية ولا قطاع غزة، ليس على المستوى العسكري بل على مستوى التغطية السياسية الإقليمية والدولية التي وضعت النقاط على حروف وثيقة "حلّ الدولتين".

وليس حلّ الدولتين مرتبطاً بالسلطة الفلسطينية المخروقة بالمستوطنات الصهيونية، ولا بقطاع غزة ووجود حماس أو عدم وجودها فيه، بل بثمانية ملايين فلسطيني تحت الاحتلال لا خطط ترامب نجحت في تهجيرهم إلى الأردن ومصر، ولا همجية الصهاينة قادرة على ذلك.

"حل الدولتين" حلَّ منذ أيام في نيويورك، عبر مؤتمر الأمم المتحدة حول "التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتطبيق ​حل الدولتين​"، برعاية فرنسية-سعودية، على قاعدة أنه من الممكن أن يكون بوابة المنطقة نحو السلام، دون الأخذ بعين الاعتبار المواقف الأميركية و"الإسرائيلية" المناهضة لقيام الدولة الفلسطينية، ودون خوض المؤتمر في تفاصيل إعادة تكوين هذه الدولة جغرافياً وسياسياً.

ولعل أهم ما في هذا المؤتمر، الرعاية السعودية الفرنسية له، خاصة أن الرياض تشترط، بحسب ما تعلن بشكل دائم، أن الإعلان عن قيام دولة فلسطينية واجب التحقيق قبل أية مفاوضات لتطبيع العلاقات مع تل أبيب، في حين أن باريس، التي كانت قد أعلنت قبل أيام نيتها الاعتراف بدولة فلسطينية في أيلول، باتت تراهن منذ سنوات عدّة، على علاقات إستراتيجية مع السعودية، من منطلق تثبيت نفسها قوة صانعة للسلام من جهة، وشريكة استثمار واقتصاد مع المملكة من جهة أخرى، في استغلال مشروع للذبذبة السياسية الأميركية التي تحصل في الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترامب حول أزمات الشرق الأوسط. 

وقد تكون الخطوة السعودية الفرنسية عبر هكذا مؤتمر أممي قد حققت نصراً سياسياً باستقطاب تأييد 15 دولة جديدة مؤيدة لقيام الدولة الفلسطينية، ووجود فرنسا ضمن هذه الدول يبدو أنه قد يستقطب بريطانيا للانضمام في شهر أيلول/ سبتمبر المقبل، علماً بأن الثقل النوعي لهذا المؤتمر يبقى للسعودية، كونها الوحيدة المالكة مفتاح الشرق الأوسط الجديد، ويبدو أن هذا المفتاح غير جاهز قبل حصول الفلسطينيين على مفتاح دولتهم.

وقد يقول قائل، أن إسرائيل اليوم تعيش عصر الغزوات والفتوحات، وليست بوارد البحث في تقاسم فلسطين مع الفلسطينيين، خاصة أن القرار رقم 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1947، كان قد منحها نحو 55% من مساحة فلسطين في حين هي الآن تسيطر على ما يقارب 80% منها، إضافة إلى أنها تعيش حالياً زمن ترامب الذي "منحها" في ولايته الأولى هضبة الجولان السورية ونقل سفارة بلاده إلى القدس، ويؤيد توسعة مستوطناتها في الضفة الغربية، ولكن استحالة رمي 8 ملايين فلسطيني في البحر، واستحالة تهجيرهم وفق خطط ترامب الخائبة، مع استحالة بقائهم ضمن "دولة واحدة" مع الصهاينة، سيحتِّم إيجاد "حلّ الدولتين"، سيما أن سمعة "إسرائيل" في الشارع الشعبي الأوروبي والأميركي باتت مُشينة أكثر من أي وقت مضى، ورغم التجاهل الدولي الرسمي للحصار القاتل وتجويع وتسميم أطفال غزة حالياً، فإن "إسرائيل" ستجد نفسها على صفيح قنبلة موقوتة تهدد احتلالها ما لم تعترف بقيام "دولة فلسطينية" حتى ولو عوَّضت عن ذلك بأرض بديلة تكسبها من "الغزوات".


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل