أنطون الصحناوي... دعمٌ مالي لـ "إسرائيل" تحت ستار الفن

الجمعة 01 آب , 2025 10:43 توقيت بيروت أقلام الثبات

خاص الثبات

في خطوة أثارت ردود فعل متباينة، نشرت صحيفة Washington Jewish Week في 30 تموز 2025 تقريرًا موسعًا حول رجل الأعمال والمصرفي اللبناني أنطون الصحناوي، متناولة دوره في دعم مشروع فني يحمل طابعًا تطبيعيًا واضحًا مع "إسرائيل". التقرير لم يكتفِ بعرض وقائع الدعم المالي، بل ذهب أبعد من ذلك، كاشفًا عن توجهات فكرية وسياسية منسوبة إليه وصفته بـ"الصهيوني الملتزم".

الصحناوي، الذي يتولى منصب الرئيس التنفيذي لمصرف "سوسيتيه جنرال في لبنان والأردن (SGBL)"، يُعد من الأسماء النافذة في عالم المال والأعمال، وله استثمارات واسعة تشمل قطاعات الإعلام والعقارات والثقافة، أبرزها مساهمته الكبرى في شركة "سوليدير" وإنتاجه لعدد من الأعمال السينمائية العالمية. هذه الخلفية جعلت من مبادرته الأخيرة أكثر من مجرد دعم فني، بل تحوّلت إلى قضية رأي عام.

المبادرة التي دعمها ماليًا، بحسب الصحيفة، هي مشروع فني أميركي–إسرائيلي مشترك يحمل اسم "أوبرا من أجل المستقبل"، ويهدف إلى مدّ جسور التعاون بين فنانين من "إسرائيل" والولايات المتحدة في ظل أزمة تمويل تواجه الفنون المسرحية هناك. لكن ما أثار الاستفهام لم يكن فقط مصدر التمويل، بل الخطاب الذي رافقه.

التقرير نَقَل عن المستشارة الأميركية هاجر الشمالي، التي تعمل حاليًا ضمن الدائرة المقربة من الصحناوي، أن الأخير نشأ في بيئة "تحمل مشاعر إيجابية تجاه إسرائيل"، وأن علاقاته الوثيقة مع شخصيات يهودية منذ طفولته صاغت قناعته الراسخة بـ"أهمية وجود دولة يهودية". بحسب الشمالي، فإن الصحناوي لا يُخفي انتماءه الفكري "للصهيونية"، ويرى في الكيان الإسرائيلي عامل استقرار في المنطقة، بل ويعتبر أن "إسرائيل" قامت بضرب "رأس" حزب الله، وأن لبنان يستفيد من هذا الواقع.

هذه التصريحات، التي قد تُفهَم في بعض الأوساط على أنها "رؤية شخصية"، تتجاوز فعليًا ذلك الإطار عندما تتحوّل إلى فعل تمويلي مباشر يخدم مصالح كيان تعتبره الدولة اللبنانية رسميًا عدوًا. هنا لا يعود الأمر رأيًا، بل يدخل في نطاقٍ قد يلامس مخالفة قانونية صريحة.

وفق المادة 275 من قانون العقوبات اللبناني، يُجرَّم كل لبناني يُقدِم على التعامل أو التواصل مع "العدو" خلال زمن النزاع أو الحرب، خاصة إذا اقترنت أفعاله بخدمة أهداف ذلك العدو أو الإضرار بالمصالح الوطنية. وبالتالي، فإن ما جاء في تقرير الصحيفة الأميركية، إذا صح، يفتح الباب أمام تساؤلات قانونية جادة تتعلق بإمكان توصيف ما فعله الصحناوي بأنه أكثر من مجرد تطبيع، وربما يُصنّف كـ"تواصل مع العدو" أو دعم لأجندته الثقافية والسياسية.

ومع أن القوانين واضحة في نصوصها، إلا أن الواقع اللبناني – حيث تتشابك المصالح السياسية والاقتصادية – قد لا يتيح دائمًا تطبيق النصوص بحزم. فهل يُحاسب الصحناوي؟ أم أن نفوذه المالي والإعلامي سيحول دون تحرك قضائي؟

ما هو ثابت أن القضية باتت تتجاوز حدود الفن، لتلامس صلب النقاش حول الهوية الوطنية، والولاء، وحدود حرية التعبير عندما تُوظف في خدمة جهة معادية. وحتى يتم البتّ في صحة ما ورد، فإن صمت القضاء يبقى بدوره محل جدل.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل