أقلام الثبات
يتعرّض أهل المقاومة لانقلاب غادر من الجهات الرسمية والحزبية والطائفية، استكمالاً للانقلاب الذي أسقط النظام الحليف للمقاومة في سوريا، ولاقتلاع الحضور الإيراني في لبنان؛ كما تدّعي أميركا و"إسرائيل" وبعض العرب ، بالتلازم مع الحرب "الإسرائيلية" التي لم تتوقف عن الاغتيالات والقصف.
تبادر الحكومة اللبنانية - تحت الضغط الأميركي والعربي - لإصدار قرار من مجلس الوزراء، لنزع شرعية السلاح المقاوم الذي "شرّعه" اتفاق الطائف، وربما يتبعه قانون من مجلس النواب للتطبيع و"السلام" مع "إسرائيل"، والإعلان المتزامن أو الموحّد مع سوريا - الجولانية، خصوصاً أن المحور الأميركي - العربي يمتلك الأكثرية النيابية.
إن الهجوم السياسي الرسمي والحزبي يمثّل القصف التمهيدي، وإعطاء "إسرائيل" الإذن والوكالة لاجتياح الجنوب لنزع السلاح المقاوم وتهجير الشيعة من جنوب الليطاني عبر تحالف الجيش (الذي سينفذ القرار السياسي) والقوات الدولية والجيش "الإسرائيلي"، باعتبار أن هذا السلاح المقاوم متمرّد على الشرعية اللبنانية والدولية ولا قدرة للدولة على نزعه منفردة، فتستعين بالتدخل العسكري الدولي بقيادة "إسرائيل" لتنفيذ قرار مجلس الوزراء بوجوب "حصرية السلاح" بيد الدولة، دون أن يحدّد من هي الدولة، ويبدو أنها "دولة إسرائيل" وليست الدولة اللبنانية التي تلتزم بالأوامر الأميركية بوجوب تفجير السلاح الذي تسلّمه المقاومة او يصادره الجيش، بالتلازم مع تحديد المبعوث الأميركي مهمات الجيش اللبناني بأنه قوة "حفظ سلام لإسرائيل"؛ كما يفعل اليوم - مغلوباً على أمره - بتفجير السلاح المقاوم، ولا يطلق رصاصه على المحتلين "الإسرائيليين"، لأن القرار السياسي يمنعه من ذلك.
يُعيد التاريخ نفسه، وتعيد الدولة استنساخ قراراتها ضد المقاومة؛ كما فعلت بعد اجتياح عام 82 ،فتأمر الجيش بمصادرة السلاح واعتقال المقاومين وقطع الطرق عليهم، حتى تم تغيير العقيدة القتالية للجيش ايام الرئيس المقاوم إميل لحود، وتم تأسيس الثلاثية الذهبية (الجيش والشعب والمقاومة) التي نعتها الحكومة الجديدة واستبدلتها ثلاثية (الجيش والشعب والدولة؛ التابعة للقرار الأميركي والخليجي)، وتستمر بتنفيذ إلغاء المقاومة، بكلام ناعم يوحي ظاهره بعدم الصدام مع المقاومة والحرص على لبنان ،لكنه في الحقيقة عبوة ناسفة مغلّفة بورق ملوّن.
يصرّح السياسيون الرسميون والحزبيون في لبنان بوجوب نزع السلاح ويؤكدون كذباً ونفاقاً أنه المشكلة الأساس لخراب لبنان، وانه يمنع الازدهار والسياحة والرفاهية، ويغيّبون - بخبث - السبب الحقيقي وهو الاحتلال، ولا يتهمونه بما فعل من اجتياحات واحتلال فرضوا على الناس المبادرة للمقاومة والدفاع عن نفسها، ويشكل هؤلاء الخصوم، الذين ربما سيتحوّلون الى أعداء ، كاسحة الألغام السياسية لتفجير "شرعية المقاومة"، ويفتحون الطرق والأجواء للطائرات "الإسرائيلية" لتقصف السلاح، بعدما أعلنته الدولة سلاحاً "غير شرعي" وأنه سلاح متمرّد، ووصل ببعض عملاء "إسرائيل" للتهديد "إما ان تسلّموا السلاح طواعية.. أو تقصفه إسرائيل"!
ان الانقلاب الرسمي والحزبي والطائفي يستدعي من قوى المقاومة مغادرة دائرة التراجع والاحتواء والتنازلات، والبدء بالهجوم المضاد، واعتبار كل من يطالب بنزع السلاح او يقرّر نزعه فهو في التحالف "الإسرائيلي" - الأميركي ضد المقاومة، وشريك بذبح المقاومة وأهلها، ومحاصرتهم داخلياً، وتصويرهم بأنهم طائفة "تخريبية" يجب التخلّص منها بالجيش "الإسرائيلي"، لعجز الدولة والأحزاب العميلة.
اميركا و"إسرائيل" تعيدان نفس السيناريو السياسي والعسكري بعد اجتياح 1982، وعلى قوى المقاومة ان ترد بالمثل، كما ردّت عام 1982 في الساحتين الداخلية بوجه النظام الذي ينفذ الأوامر الأميركية - "الإسرائيلية" واستطاعت اسقاط النظام بانتفاضة شباط 1984 وعليها ان لا تتأخر لإنجاز انتفاضة "آب" شهر اختطاف إمام المقاومة السيد موسى الصدر، والذي كان اختطافه أول محاولة "لنزع السلاح المقاوم" وإعدام المقاومة اللبنانية، بالتلازم مع التحضير والإعداد للمقاومة الشعبية المسلحة التي لا تعتمد على منظومة القتال للجيوش الكلاسيكية ذات المواقع الثابتة.
إن الدفاع عن النفس أمر مشروع وواجب ديني وأخلاقي والدفاع عن السلاح والمقاومة وأهلها مسؤولية فردية على كل "شيعي" لأن الأمر لا يتعلق بالسلاح او المقاومة، بل بالطائفة كلها وكل مؤيد للمقاومة مهما كانت طائفته او حزبه، ولا ينحصر بالثنائية المقاومة، لأنه إذا انهزمت المقاومة سيكون القتل والذبح والسبي والتهجير على أساس الانتماء المذهبي وليس على اساس حمل السلاح، والبدء بالاعتراض على القرارات الوزارية وفق التالي:
مقاطعة الوزراء الشيعة لمجلس الوزراء، لعدم تشريع قرار نزع السلاح وإعدام المقاومة والطائفة، وربما الاستقالة، إذا اقتضت المصلحة.
بدء التحركات الشعبية لدعم الرئيس نبيه بري؛ المفاوض، باسم المقاومة، وتذخير مواقفه بالقوة الشعبية ،لتكون العصا التي "يهش" بها على خصوم الداخل ،لردعهم، والبندقية بوجه أعداء الخارج.
فلنبادر للدفاع عن ديننا وحقوقنا وكرامتنا... قبل أن يباغتنا الآخرون.
