أقلام الثبات
تتعرّض غزة لحرب إبادة جماعية، بهدف محوها من خريطة فلسطين ،بشراً وحجراً، حيث يرتكب العدو "الإسرائيلي" جريمة العصر الثانية بعد جريمة العصر الأولى في البوسنة التي ارتكبها الصرب ضد المسلمين، لكن ما يثير الاستغراب ويستوجب الإدانة هو صمت السنّة العرب وتركيا الذين يشتركون في الجريمة بصمتهم الذي هو أشد قساوة وتوحشاً من قساوة وتوحش العدو "الإسرائيلي" ،بعدما ترك العرب السنّة (أنظمة ومؤسسات دينية وعلماء دين وأحزاب دينية ومثقفون وإعلاميون) شعوب غزة وحيدة يتيمة جائعة تنام في العراء.
لا عذر للشعوب والأحزاب والأفراد ،فإذا كانت الأنظمة تمنعهم، ،فإن الله سبحانه وتعالى يأمرهم بنصرة المظلومين من إخوانهم في غزة فقد فضجهم "الربيع العربي" وكذّب مقالتهم عندما أمرتهم أميركا بالنزول الى الشوارع والساحات لإسقاط الأنظمة ،فتحرّكوا في مصر وتونس وليبيا وسوريا وأسقطوا الأنظمة، واعتصموا في الساحات وقدّموا الضحايا.. ونسألهم: لماذا لم يخافوا من الأنظمة كما يخافون الآن؟
ولماذا يطيعون أميركا ولا يطيعون الله سبحانه؟
صمت مشايخ التكفير الذين كانوا يصدرون الفتاوى للجهاد في سوريا والعراق نصرة للسنّة المظلومين، وفق ادعاءاتهم، وأرسلوا آلاف الانتحاريين الى العراق حتى يقتلوا الشيعة "الروافض"، وجمعوا التكفيريين من كل العالم لإسقاط النظام العلوي في سوريا، لكنهم عندما استلموا السلطة في سوريا ،طردوا المقاومة الفلسطينية وأغلقوا معسكراتها ولم يطلقوا رصاصة واحدة ضد العدو "الإسرائيلي"، بل سارعوا للتطبيع وأعطوه جنوب سوريا، ولم يجمعوا كيس طحين ليرسلوه الى إخوتهم السنّة الجائعين في غزة، مع ان احد قادة الفصائل الفلسطينية اعتبر "تحرير سوريا بشارة لتحرير غزة"!
امتنعت المرجعيات الدينية للمسلمين "السنّة" في العالم من الأزهر الشريف والسعودية وسوريا وتركيا وفي كل العالم الإسلامي عن دعم غزة قولاً وفعلاً ومنع إمام الحرم المكي عن جمع التبرعات لغزة، واعتبر الجوع في غزة حمية غذائية وابتلاءً إلهياً لتنقية الروح حتى لو قضى على الأرواح، لكنه غامر وسمح بالدعاء لأهل غزه ،بعدما حرّم علماء السعودية الدعاء للمقاومين في لبنان اثناء حرب تموز 2006!
سحب الأزهر الشريف بيان الدعم لغزة خلال دقائق بأمر من السلطة، التي ترفض دعم غزة ولو بالكلام ، بينما يدعمها الشيعة بالمال والسلاح والإعلام.
أما في المقلب الآخر ،يصدح الصوت الشيعي ،صوت الموقف الأصيل والمناقض، لمواقف علماء أهل السنة، حيث بادرت المرجعيات الدينية الشيعية وعلماء الشيعة في كل العالم وفي مقدمتهم المرجع السيد علي السيستاني والمرجع السيد علي الخامنئي، لاستنكار ما تتعرّض له غزة وأصدروا البيانات والفتاوى ، لدعم غزة ووفق القدرات والإمكانيات حتى مشايخ الشيعة في سجونهم، أصدروا البيانات الداعمة، كما فعل السجين المظلوم الشيخ علي السلمان في سجون البحرين!
صمت المسلمون السنّة العرب وفي كل العالم ولم يناصروا غزة وساندها الشيعة في لبنان والعراق وإيران واليمن!
كنا نظن ان العرب ضد المقاومة في لبنان ،لأنها من "الشيعة" وكانوا يحرّضون أتباعهم مذهبياً ضدها، فكشفت غزة عوراتهم ونفاقهم، فالمقاومون في غزة هم من أهل السنّة، ومع ذلك لم يساندهم التكفيريون ولا السنّة العرب والأتراك، مما فضحهم بأنهم ضد المقاومين، مهما كانت مذاهبهم ،فكل من يطلق الرصاص ضد "إسرائيل" فهو عدو" التكفيريين والسنّة العرب والأتراك ومشايخ السلطة!
سوريا المتهمة بأنها كانت "علويّة" حضنت "حماس - السنّية" وكل فصائل المقاومة الفلسطينية وحركات المقاومة ولم تطبّع او تتصالح مع "إسرائيل" ،أما سوريا "الأموية" فقد طردت حليفتها "حماس" وكل فصائل المقاومة وطبّعت مع "إسرائيل"...فمن يكون مطيعاّ لله ورسوله؟
لقد كان النظام "العلوي" بموقفه المعادي "لإسرائيل" هو "السنّي" الأصيل وأحفاد الأمويين الجدد، هم المعادون للسنّة النبوية الشريفة ،كما كان أجدادهم وملوكهم!
سيبقى الشيعة يطيعون الله ورسوله ويساندون غزة، حتى لو كفّرهم بعض أهلها وامتنعوا عن قراءة الفاتحة على أرواح شهدائنا، وسيناصر الشيعة كل مظلوم وفق قدراتهم، وسيبقى الذين لم يساندوا غزة من المشايخ السنّة والأنظمة والشعوب والأحزاب ورجال الدين ، عبيداً ،يطيعون "الّلات" الأميركي.
نحن أمام خيارين مهما كانت مذاهبنا: مذهب الشرف المقاوم...أو مذهب العار والاستسلام..
سننتصر بإذن الله... وسَيُهزَمون.
"غزة السُّنية".. خذلها السُّنة وناصرها الشيعة! _ د. نسيب حطيط
الأحد 27 تموز , 2025 02:31 توقيت بيروت
أقلام الثبات

