التطبيع والفدرالية التوأم البكر "لاغتصاب" سوريا ــ د. نسيب حطيط

السبت 26 تموز , 2025 10:50 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
بعد سبعة أشهر على اغتصاب السلطة في سوريا، وبعملية قيصرية على يد القابلة الفرنسية، أعلن عن ولادة "توأم" التطبيع والتقسيم واتفاقية السويداء مع الدروز لحماية الأمن "الإسرائيلي" والموافقة على المنطقة العازلة في الجنوب السوري ضمن استراتيجية المناطق العازلة التي ترسمها "إسرائيل" على "حدودها" في لبنان وسوريا، وتثبيت التطبيع بالاجتماعات المباشرة بين سوريا "الجولانية" والعدو "الإسرائيلي"، بلقاء بين وزير الخارجية السوري الشيباني ووزير الشؤون الاستراتيجية "الإسرائيلي" رون ديرمير.
تتسابق أميركا و"إسرائيل" مع الوقت  وتعمل على تسريع حصاد الانتصارات وزيادة الغنائم ،فالوقت ليس لمصلحتها ،لأن قوى المقاومة التي تلقت ضربات قاسية اضطرتها ، للصمت الميداني "المؤقت" لن تلبث وتعود الى الميدان في كل الساحات مع تغيير في إستراتيجية المواجهة ،بالعودة الى حرب العصابات والساحات المتعدّدة التي لا تنحصر بجغرافيا بيئة المقاومة والتي لا تعتمد المراكز والمواقع الثابتة والتخلّي عن استراتيجية المواجهات الكلاسيكية ،مما سيعطيها القدرة على إلحاق الخسائر بالأعداء وسلبهم حرية الحركة والأمن ومنع العملاء والأدوات من العمل لصالح المشروع الأميركي وتعطيل قدراتهم على حصار المقاومة.
ان "اغتصاب" سوريا لتحقيق التطبيع مع العدو "الاسرائيلي" وإخراجها من محور المقاومة قد كشف أهداف "الربيع العربي" وما يسمى الثورة السورية ،وأنها حركة يقودها المرتزقة الأجانب والسوريون ليست لتحقيق الديمقراطية والإصلاح واسترجاع الحقوق، بل لتنفيذ مشروع "إسرائيل الكبرى" بأيد غير "إسرائيلية"،  وان الشعارات التي حشدت السوريين في الشوارع والمتاريس للمطالبة بالإصلاح قد خدعتهم جميعا وأبعدت كل الشخصيات السياسية وقوى المجتمع المدني والثقافي السوري من كل هيئات ومؤسسات حكم "الأمر الواقع" الذي يتولى عمليه تصفية الدولة السورية وتوزيعها على إسرائيل وتركيا وأميركا والمقاولين العرب.
اعتمدت الجماعات التكفيرية تجارة بيع السبايا في العراق وسوريا وطوّرت تجارتها لبيع السبايا من الدول "سوريا" بالمفرق، للدول والأشخاص والمؤسسات وتحويل "سوريا الدولة والوطن "الى أرض مستباحة للاستيطان ومقاولات البناء والمطاعم والمنتجعات السياحية وفي حال نجح المشروع الأميركي - "الإسرائيلي" في سوريا، فسيتم استنساخه في لبنان والعراق وليبيا ومصر والسعودية وغيرها.  
ان الاتفاق السوري - "الإسرائيلي" بمنح الدروز في السويداء وضعاً استثنائياً على مستوى الإدارة الأمنية الذاتية وما يتبعها مع بقاء حبل السرة مع دروز إسرائيل ، بتكرار نموذج "بوابة فاطمة" التي أقامها العدو الإسرائيلي بعد اجتياح 78 للبنان بين "دولة لبنان الحر" بقيادة "سعد حداد" والعدو الاسرائيلي والتي استطاعت المقاومة اقفالها عام 2000 .
بعد النجاح الفرنسي بعملية ولادة "إقليم السويداء "بموافقة حكومة الجولاني والذي يمكن ان يتمدّد الى شبعا - التي أهداها جنبلاط لسوريا و"إسرائيل" - وحاصبيا وراشيا ، يستقبل الفرنسيون ممثل الأكراد في سوريا لتثبيت ولادة "الإقليم الكردي" بموافقه "حكومة الجولاني" أيضا بانتظار ما سيتم الاتفاق عليه بالنسبة "للإقليم العلوي" في الساحل، لحساسيته وأهميته الاقتصادية التي يتنافس عليها روسيا واميركا وتركيا وإسرائيل، مما يجعل ولادته متأخرة بعض الشيء مع الخوف من نزيف دموي مرة ثانية . 
 استطاعت المقاومة اللبنانية والجيش السوري وقوى محور المقاومة من تأخير سقوط سوريا 13 عاماً وتأخير الشرق الأوسط الامريكي الجديد 18 عاماً بعد حرب تموز 2006 ولا زالت المقاومة اللبنانية ،تشكل الهاجس والتهديد الأساسي لمشروع إسرائيل الكبرى والشرق الأوسط الأميركي الجديد ولأجل ذلك تتزايد الحرب الأميركية - "الإسرائيلية" - الخليجية على المقاومة وأهلها  والتهويل عليهم  وترهيبهم بالنار وبالحصار وبالاجتياحات الإسرائيلية والتكفيرية وبكل وسائل الحرب النفسية والإعلامية لهزيمتهم نفسياً وتسليم سلاحهم مجاناً، لطمأنة "إسرائيل" وأميركا . 
ان المقاومة وأهلها الذين دفعوا الأثمان الغالية بشراً وحجراً وصبراً ولازالوا يتحملون مسؤولية حماية لبنان ويشكّلون "خميرة " المشروع المقاوم العربي والإسلامي ،فإن مسؤوليتهم الآن تنحصر، بحفظ أنفسهم والعمل وفق منظومة "الكمين الإستراتيجي" للحظة المناسبة للانقضاض والاحتفاظ بسلاحهم وزيادته ،إن استطاعوا وعدم الخوف، لأنه لا خيار لهم ،إلا المواجهة والقتال ،لأن البديل المطروح هو الذبح والتهجير.
لسنا في نفق مسدود أو ليل مظلم ،لا صباح له ،فمع كل الحصار والغَلبة المادية والعسكرية، للمحور الأميركي ،لكننا لا زلنا نمتلك كثيراً من نقاط القوة ،بالتلازم مع بدء تزايد نقاط الضعف في المشروع المعادي وزيادة الثقوب في جداره، فإسرائيل لا تستطيع القتال، لسنوات وعلى كل الجبهات.
نحن نخوض معركتنا على ركيزتين، دينية ومادية وفق البشرى الإلهية {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ، إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ، فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّـهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} وإعدادٍ وتجهيزٍ مادي ليكون من أسباب النصر بإذن الله سبحانه.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل