الاحتلال يتمدّد والمجازر مستمرّة... وغزة تُباد وسط صمت عربي ودولي مخزٍ

الخميس 24 تموز , 2025 08:32 توقيت بيروت أقلام الثبات

خاص الثبات

في الوقت الذي تُواصل فيه آلة الحرب الصهيونية ارتكاب أبشع المجازر في قطاع غزة، وتغرق فيه الأراضي الفلسطينية بدماء الشهداء من الأطفال والنساء والمدنيين العزّل، يأتي تصويت الكنيست الإسرائيلي على فرض السيادة على الضفة الغربية وغور الأردن ليكشف، بلا لبس، الوجه الحقيقي للمشروع الصهيوني: مشروع استعماري توسعي لا يعترف بشعب، ولا بأرض، ولا بقرارات دولية، ولا حتى بأدنى معايير الإنسانية.

هذا القرار الخطير لا يمكن النظر إليه كتحرك سياسي داخلي عابر، بل هو خطوة مدروسة تمضي ضمن مخطط أوسع يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية بالكامل، وتحويل الاحتلال إلى واقع دائم، والاستيطان إلى شرعية مفروضة بالقوة، والضفة وغور الأردن إلى جزء من الكيان المحتل، تحت مسمّى "السيادة التاريخية" الزائفة.

في المقابل، يعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث. المجازر تتوالى، الجثث تُنتشل من تحت الأنقاض، الحصار خانق، والمجاعة تفتك بمن تبقّى. هذا الشعب الأعزل، المحاصر منذ سنوات، يواجه آلة عسكرية هي الأكثر فتكًا في العالم، بصدور عارية وإرادة لا تنكسر. ومع ذلك، لا يزال العالم في غالبيته يتفرج، يتذرّع بـ"الحياد"، أو يكتفي ببيانات لا تسمن ولا تغني من جوع، في حين تستمر المجازر وكأن الدم الفلسطيني بلا ثمن.

أما المشهد العربي، فهو أكثر قتامة. صمت رسمي يصل إلى حدّ التواطؤ، وتطبيع يتقدّم على حساب الدماء والحقوق، وبيانات باهتة تُكتب بمداد الخوف والعجز. لا قمة طارئة، ولا تحرّك فعلي، وكأن فلسطين ليست قضية الأمة، وكأن غزة لا تعني أحدًا سوى أهلها.

إن ما يجري اليوم ليس مجرد عدوان عسكري، بل محاولة ممنهجة لفرض واقع استعماري جديد على الأرض، من خلال الضم والتهويد والقتل والتجويع. وهذا التمادي الخطير في سياسات الاحتلال، ما كان ليتم لولا الدعم الأمريكي الغربي المفتوح، والصمت العربي المشين، والتقاعس الدولي الذي بات شريكًا في الجريمة بصمته وسكوته وتقاعسه.

لكن التاريخ لا يرحم، والذاكرة لا تنسى. فمن يصمت اليوم على دماء غزة، سيدفع غدًا ثمن خذلانه، ومن يظن أن نار الاحتلال ستقف عند حدود فلسطين، واهم. المشروع الصهيوني لا يعترف بالحدود، ولا يتوقّف عند جغرافيا، وهو ما تؤكده الاعتداءات المتكررة على لبنان وسوريا، وما يجري من تدخلات وعدوان على دول عربية أخرى.

وسط هذا المشهد القاتم، تبقى المقاومة، بكل أشكالها، الخيار الأصيل والوحيد القادر على صدّ المشروع الصهيوني، وإفشال مخططاته. فكل المراهنات على المفاوضات، وكل محاولات التهدئة، لم تكن سوى استراحة للمحتل يعيد فيها ترتيب أوراقه، ثم يعود ليمعن في الضم والتوسع.

فلسطين اليوم، أكثر من أي وقت مضى، تنادي الأمة، تنادي أحرار العالم، لأن ما يحدث ليس مجرد قضية شعب، بل قضية حقّ وإنسانية وكرامة. والساكت عنها، شريك في خذلانها، شاء أم أبى.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل