"جبهة عشائر الشام".. والمهام الجديدة _ د. نسيب حطيط

السبت 19 تموز , 2025 12:46 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
تُغيّر الإدارة الأمريكية أسماء وشعارات الجماعات التكفيرية، وفق المكان والزمان والبيئة المُستهدفة، والقوى المسلّحة التي تواجهها، مع الحفاظ على تحقيق الأهداف الأمريكية وإبقاء "رسن" الجماعات التكفيرية بيدها ،بالتلازم مع تقسيم الجماعة الواحدة بالانشقاقات المنظّمة، فتستولد "داعش" من رحم القاعدة بالاستنساخ، وتستولد جبهة "النصرة "من "داعش" وجبهة تحرير الشام من جبهة النصرة ،بالإضافة إلى عشرات التنظيمات والفصائل والجماعات التكفيرية اللقيطة ،المنظّمة واقعياً مع إظهارها بأنها فصائل متمرّدة على طاعة "الأمير المحلي"، لكنها تطيع "الأمير الأميركي المركزي".
بادرت أميركا لتغيير اسم جبهة النصرة الى جبهة التحرير الشام ،بناء على تطوير أهدافها وعدم حصرها في الساحة السورية ،بل بساحات بلاد الشام (سوريا لبنان والعراق وفلسطين والأردن) وحقّقت أول انتصار "زلزالي" بإسقاط النظام والدولة في سوريا ونقلتها  من مرحلة "سوريا الدولة الى سوريا العشائر، حيث ان المرحلة القادمة ستقودها جبهة عشائر الشام مع تعديل في منظومة القيادة والسيطرة واستبدال القيادة المركزية  (للأمير الرئيس الجولاني) الى قيادة "مجلس شيوخ العشائر" في بلاد الشام واستبدال قوات الأمن العام الجولاني الى قوات العشائر العربية في سوريا ولبنان والعراق والأردن وفلسطين..
تحترف أميركا صناعة الأنظمة والأحزاب والقيادات والجماعات التكفيرية وتتقن تبديل الأسماء، وتمتلك القدرة على تحويل "المقاوم" الى "إرهابي"، وتحويل الإرهابي "الجولاني" المطلوب رأسه أميركياً الى قائد حليف يشبه الرئيس الأميركي جورج واشنطن.
تقود أميركا قطعان الشعوب والحكام من الملوك والرؤساء وتملك صياغة الوحي الديني الذي تلقّح به عقول علماء الدين التابعين للسلطة ، فيصدرون الفتاوى التي تغطي القتل والذبح وتشرّع الاستسلام والذل، فيصبح التطبيع مع "اسرائيل" عبادةً لله سبحانه وكسباً للأجر والثواب وتصبح نصرة المقاومين حتى المقاومين السنّة في فلسطين ، معصيةً وذنباً كبيراً ومغامرةً، استدرجت رد الاحتلال المتوحّش وصار المقاوم الفلسطيني واللبناني مسؤولاً عن دماء الشهداء الضحايا الذين تقتلهم "اسرائيل" في استرجاع لمقولة (عمار تقتله الفئه الباغية.
إن تحشيد واستنفار العشائر في سوريا وبلاد الشام لقتال أقلية سورية من الدروز شاركت بالانقلاب على النظام وكانت حليفة للنصرة وداعش واخواتها ، بالتلازم مع الصمت وعدم إطلاق النار على العدو "الاسرائيلي" الذي احتل اراضٍ سورية يؤشر الى بدء مرحلة خطيرة، للمشروع الأميركي، لتعميم الفوضى القاتلة التي لا تتحمّلها جهة رسمية أو دولة او شخص وتضييع مسؤولية القتل والدم بين العشائر ،حيث تريد أميركا إرجاع المجتمعات العربية الحضرية الى مرحلة البداوة وحكم شيخ العشيرة ،فتصبح الجغرافيا مجزأة وموزّعة على العشائر ويُمحى مفهوم الدولة المركزية والقانون والقضاء ،للرجوع الى قانون العشيرة وأدبياتها صحيحٌ أن قوانين العشائر وأدبياتها يتضمن الكثير من الأمور الحسنة والأخلاقيات والتقاليد، لكنه ينتصر للعشيرة ولا ينتصر للوطن او الدين ويُلغي مفهوم "الأمة" بصفتيها العربية والإسلامية  ويقسّم المجتمع الواحد والمذهب الواحد الى مجتمعات عشائرية صغيرة يحكمها الثأر والتناحر.
أجرت أميركا مناورة بالذخيرة الحيّة، للبدء بمرحلة "جبهة عشائر الشام" التي ستتولى الفتنة في لبنان والعراق خصوصاً، بقيادة أميركا وإسناد "إسرائيلي" للقضاء على المقاومة في لبنان والحشد الشعبي في العراق وبعد نجاح المناورة الميدانية لعشائر جبهة عشائر الشام ،ربما تعيد أميركا الهجوم الميداني على العلويّين مرة ثانية وبعده الأكراد، ثم لبنان مع إسناد بعض القوى الفلسطينية واللبنانية لهذه العشائر... وربما يحكم "تحالف العشائر" غزة بعد حماس.
أسقطت أميركا منظومة الدولة والنظام في سوريا وأسقطت الكيانات والأحزاب السياسية وأبعدت النخب الثقافية والفكرية التي أسّست حكومات المنفى والمجالس الانتقالية ومنعتها من المشاركة في الحكم الجديد بعدما استثمرتها طوال 13 عاماً واستفادت من خطابها العلماني، لتجميل وجه الجماعات التكفيرية، ثم أبعدتها وحوّلتها الى نفايات سياسية ،مهملة تتأوه حسرة وخيبة، وهذا ما ستلاقيه الشخصيات السياسية والإعلامية والثقافية في لبنان في حال انتصر تحالف الجماعات التكفيرية والعشائر في بلاد الشام.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل