أميركا.. وتنصيب الجولاني أميراً على السنّة في لبنان _ د. نسيب حطيط

السبت 12 تموز , 2025 09:18 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
بعد الاغتيال السياسي للرئيس سعد الحريري واحتجازه في السعودية عام 2017، وتجميد "تيار المستقبل" ومنعه من المشاركة في الانتخابات النيابية والبلدية، واجتثاثه سياسياً، مع بقائه واقعياً كأكبر تيار سياسي مؤثر داخل الطائفة السنية، وعجز القادة السياسيين "السنّة" عن ملء الفراغ، لا أفراداً ولا تكتلات، وسط "نقيق" بعض الضفادع السياسية التي وُلدت في بركة تيار المستقبل وآل الحريري وتمرّدت عليه ولم تستطع تثبيت موقعها السياسي، باتت الطائفة السنية أشبه بطائفة يتيمة ومشتتة، وطبقاً جاهزاً على مائدة الجماعات التكفيرية، سواء في صيدا أو طرابلس أو البقاع.
لا تستطيع أميركا إشعال الفتنة الداخلية المذهبية بين السنّة والشيعة ،إلا اذا قيّدت قوى الاعتدال السني الدينية والسياسية، وأطلقت وحوش الفكر التكفيري المقيمة والمستوردة من سوريا، وتعيين قائد سياسي وديني للسنّة في لبنان لتنفيذ المشروع الأميركي والخليجي ،دون ان تغرق في المستنقع اللبناني، وسيكون الجولاني القائد المثالي والجاهز لتنصيبه "أميراً" على السنّة، من بوابة حفظ حقوقهم المهدورة؛ وفق وصف مفتي الجمهورية الذي أطلق شعار "السنّة أولاً"، وقد بدأت أميركا بالتحضير لهذا المشروع، فجمعت ساحتي لبنان وسوريا بقيادة الحاكم الإداري؛ توم باراك، وبدأت بتنفيذ بعض الخطوات الميدانية التي تؤمن تنصيب الجولاني بشكل سلس وملموس وفق التالي:
-  الضغط على مفتي الجمهورية اللبنانية وإلزامه بزيارة سوريا "لمبايعة" الجولاني ومنحه الوسام الذهبي، "كمفتاح" رمزي للطائفة، وتم اختيار موعد "فتنوي" وخبيث للزيارة؛ يوم العاشر من محرّم؛ يوم استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام)، لاستفزاز المسلمين الشيعة!
-  طرح موضوع إطلاق الموقوفين الإسلاميين والعفو عنهم ،بعدما عجزت عن حلّه او كانت شريك’ في عدم حلّه كل القيادات والزعامات السنيّة، دون مبرّر قانوني، مع ما رافق ذلك من مظلومية للمتهمين ومآسٍ ومشاكل اجتماعية وأسرية، لأهلهم وعوائلهم، مع إمكانية التفريق بين مرتكبي الأعمال الإجرامية والإرهابيين الذين شاركوا في التخطيط للعمليات الانتحارية في لبنان، أو الذين قتلوا جنود وضباط الجيش اللبناني، فاذا نجحت أميركا بإلزام  الحكومة اللبنانية ومجلس النواب - وهي قادرة على ذلك - فتكون قد باعت هذا الإنجاز للجولاني، وأعطته سلفة معنوية ومادية داخل الطائفة السنيّة.
-  رفع شعار "الثأر" من حزب الله والمقاومة نيابة عن اليمين المسيحي وبعض القوى السياسية اللبنانية التي افتعلت "7 أيار"، لعجزها عن مواجهة المقاومة، فيبادر الجولاني والجماعات التكفيرية، بإسنادٍ "إسرائيلي" ورعاية أميركية، لافتعال حرب مع المقاومة وأهلها، لإعطاء سلفة لحلفائه ورفاقه اللبنانيين الذين بايعوه وخاطبوه "بالسيد القائد"، وأهدوه مزارع شبعا دون أن يطلبها، كفدية للحفاظ على الوجود.
إن جمع الإدارة الأميركية لساحتي لبنان وسوريا يؤكد على القرار الأميركي بتوحيد "المسار والمصير" بين لبنان وسوريا، لتحضيرهما للتطبيع والسلام المشترك مع "إسرائيل"، لأن بقاء لبنان خارج السيطرة المطلقة لأميركا و"إسرائيل" والخليج سيهدّد ساحة سوريا وكل انتصارات التحالف الأميركي - "الإسرائيلي"، وهذا ما خطّطت له أميركا عندما طلبت من عميلها الجولاني تغيير اسم "جبهة النصرة" الى "جبهة تحرير الشام"؛ بمعناها السياسي التاريخي الذي يضم (لبنان وسوريا والعراق وفلسطين والأردن)، فإذا كانت "إسرائيل" تحتل فلسطين، يبقى على أميركا ان تحتل لبنان وسوريا والعراق بواسطة الجماعات التكفيرية، بأسمائها المتعدّدة، وتنصيب "أميرٍ" على سوريا ليتمدد الى لبنان والعراق، الذي لن يطول الوقت حتى يتعرّض للهجوم الأميركي - "الإسرائيلي" وأدواتهما ، كما حدث في لبنان وإيران وفلسطين من اغتيال القيادات العسكرية، وتدميرٍ القدرات العسكرية.
والسؤال: هل ستعود القرارات السياسية اللبنانية والتعيينات الإدارية والأحكام القضائية للصدور من دمشق او عنجر؟ 
حتى الآن لم يتغيّر اللبنانيون الذين كانوا يزورون دمشق وعنجر، لحماية مصالحهم وسرقاتهم وتأمين مقاعدهم النيابية والوزارية، حيث زار رئيسا الحكومة السابق والحالي دمشق، وكذلك مفتي الجمهورية والوزير جنبلاط، ووزراء وفعاليات ولم يزر أي مسؤول سوري لبنان، واكتفى الجولاني بابتزاز وتهديد المسؤولين اللبنانيين بملفاتهم التي استولى عليها من مراكز المخابرات السورية، والمطالبة بإطلاق الإرهابيين ومجرمي العمليات الانتحارية وقاتلي الجيش اللبناني، أو يغلق الحدود ويجتاحها.
هل تقوم اميركا بإطلاق التكفيريين قبل أيلول القادم ليعودوا الى الميدان في صيدا والبقاع وطرابلس، بديلاً عن الاجتياح البري الذي تخافه "إسرائيل"، والاكتفاء بالاغتيالات والقصف الجوي؟


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل