أقلام الثبات
قرأنا في كتب التاريخ ان "لبنان تحت الانتداب الفرنسي" أعلن الحرب على المانيا في الحرب العالمية الثانية، ونقرأ اليوم أن "لبنان تحت الانتداب الأميركي" قد "أعلن الحرب على إيران والمقاومة، وأعلن بشكل قطعي انتهاء مرحلة التصدير الثورة الإيرانية الى الخارج، وألا سلاح سوى سلاح الدولة"، دون تحديد هوية الدولة، لأننا لا نرى سلاحاً يقصفنا ولا طائرات تتجسس علينا سوى الطائرات "الإسرائيلية" والمتعدّدة الجنسيات.
الرد على موضوع "تصدير الثورة الإيرانية" مسؤولية الأخوة في إيران، الذين يقرّرون الرد او عدمه، لأنهم المُتّهمون بالتصدير، ونحن الشيعةَ اللبنانيين مُتّهمون بالاستيراد من خلال لائحة اتهام تعمد لتزوير تاريخ المقاومة في لبنان ،بمراحلها الدينية واليسارية والقومية والوطنية، والتي تؤكد بالوقائع واعترافات الأعداء انها بدأت قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وهي صناعة وطنية وثقافة وسلوك للوطنيين اللبنانيين؛ باختلاف عقائدهم وتنظيماتهم وطوائفهم، فقد شارك بالمقاومة ضد العدو "الإسرائيلي" المسيحيون والمسلمون واليساريون والعلمانيون والمتدينون، وهؤلاء ليسوا جميعاً مرتبطين بإيران، مع التأكيد على عدم الخجل او الحياء من إعلان التحالف مع إيران ضد المشروع الأميركي - "الإسرائيلي" - التكفيري.
إطلاق هذه التصريحات لاستفزاز المقاومة تدل على سطحية وسذاجة القائلين، أو انهم يقولونها بضغط خارجي ،مقدمة لإلزامهم بطلب المساعدة الخارجية العسكرية ،للقضاء على الوجود "الأجنبي" المتمثل بالمقاومة وأهلها وعناصرها، وبالتلازم مع اعتبار جيش الاحتلال "الاسرائيلي" جيشاً حليفاً او صديقاً يمكن الاستعانة به (كما صرّح بعض اليمين المسيحي) للقضاء على المقاومة ونزع سلاحها، والتأكيد على عدم إطلاق النار عليه بقرار سياسي، وربما سيتطرّف البعض بعد نزع السلاح لاعتبار الشيعة اللبنانيين نازحين طارئين يجب إعادتهم الى العراق وإيران..
نذكّر هؤلاء بتاريخ المقاومة في لبنان، والتي يبدو أنهم غرباء عنها او انهم من الذين انقلبوا على تاريخهم المقاوم وتقدموا بطلبات "لجوء سياسي" للمشروع الأمريكي - "الإسرائيلي"، ويقدمون أوراقهم باستعدادهم للتطبيع و"السلام" مع "اسرائيل" لمنحهم بطاقة لاجئ سياسي في الجنّة الأمريكية!
نذكّر هؤلاء الطارئين على السياسة والتاريخ أن الأحزاب القومية والبعثية والناصرية شاركت بأعمال المقاومة في ستينيات القرن الماضي، وارتبطت بدمشق والقاهرة وعبد الناصر ولم ترتبط بإيران.
شاركت الأحزاب اليسارية في سبعينيات القرن الماضي بأعمال المقاومة، وكانت ترتبط بالاتحاد السوفياتي (الشيوعي) والكتلة الاشتراكية ولم ترتبط بإيران.
قاوم الشيعة اللبنانيون الانتداب الفرنسي والاحتلال "الاسرائيلي" وقبله الاحتلال التركي والصليبي ولم تكن الثورة الإسلامية قد انتصرت بعد.
شارك المرجع السيد محسن الأمين (الشيعي اللبناني) في تحرير سوريا من الانتداب الفرنسي عبر دعوته "لإضراب الاربعين" ولم تكن الثورة الإيرانية قد انتصرت بعد.
أعلن الإمام الصدر العمل الفدائي المقاوم ضد العدو "الإسرائيلي" وأسس افواج المقاومة اللبنانية قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران، ويعترف العدو أن الشيعة اللبنانيين أول من هرّب السلاح لثورة الشيخ عز الدين القسام عام 1936 (قبل ولادة من يصرّح) وقبل انتصار الثورة في إيران.
أما المقاومة الإسلامية (المُتّهمة) فإنها وُلدت نتيجة الاحتلال "الإسرائيلي" للبنان عام 1982، وبدعم إيراني وسوري، ولم تُولد نتيجة انتصار الثورة عام 1979، وكل المقاتلين في صفوفها (قيادات وعناصر) هم لبنانيون الى "الجد العاشر" و"الجد العشرين"، ويمكن لبعض الجهلة زيارة مقابر القرى والتأكد من ذلك، وأهدت انتصاراتها للبنانيين وليس لإيران.
ليست المقاومة غريبة او مستوردة (كما البعض) من المرتزقة في الجماعات التكفيرية التي ذهبتم وبايعتموها وأعلنتم الولاء لها (بأمر أميركي)، بعدما قاطعتم سوريا المقاومة (بأمر أميركي) طوال الحرب عليها.
المقاومة في لبنان، مقاومة أصيلة غير هجينة، ولا يمكن لأحد تدجينها، وهي معروفة الآباء والأمهات والأصول والنسب، خلاف من تتحالفون معهم مجهولي الآباء والأمهات والانتماء، سواء كانوا شتات اليهود في "إسرائيل" او شتات التكفيريين في سوريا.
تصريحاتكم ستبقى أضغاث أحلام، فالمقاومة وأهلها باقون، وسيبقى السلاح المقاوم حتى زوال التهديد "الإسرائيلي" أو قيام الدولة القادرة على حماية نفسها وحماية شعبها.
نحذّر وننصح بعض المسؤولين الرسميين او السياسيين اللبنانيين بالعقلانية والموضوعية وعدم المغامرة والتطوّع لتنفيذ المشروع الأميركي - "الإسرائيلي"، حتى لا يصيبهم كما أصاب "أنطوان لحد" وغيره من الرؤساء والأحزاب الذين تعاملوا مع العدو، فربما سيأتي "عيد المقاومة والتحرير" في العام القادم ولن تكونوا على كراسيكم، لأن المقاومة وأهلها سيحرّرون لبنان منكم ومن الاحتلال ومن الوصاية الأميركية، وسيبقى لبنان حرّاً مستقلاً، بسواعد المقاومين اللبنانيين أهل الأرض.
المقاومة اللبنانية واجب ديني وقرار وطني غير مُستورَد ــ د. نسيب حطيط
الثلاثاء 27 أيار , 2025 10:04 توقيت بيروت
أقلام الثبات

