مقالات مختارة
استغلال "الديانة الإبراهيمية" كأداة جيوسياسية لفرض هيمنة ثقافية وسياسية تحت غطاء "التسامح الديني". دعونا نحلل الأبعاد الخفية لهذا المشروع:
ما هي "الديانة الإبراهيمية" المزعومة؟
وفق الرواية الرسمية للمروجين لها هي توحيد اليهودية والمسيحية والإسلام تحت سقف "القيم المشتركة".
اما في الواقع هي مشروع أمريكي - صهيوني لـ:
- تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" (بذريعة أن "الإبراهيميين إخوة").
- تفكيك الهوية الإسلامية المستقلة (دمجها في بوتقة غربية).
الأدلة على الأجندة الخفية:
الحدث
الغرض الحقيقي
اتفاقيات أبراهام (2020)
تطبيع العرب مع "إسرائيل" تحت شعار "الديانة المشتركة"
مؤتمرات "حوار الأديان"
صناعة نخبة دينية موالية للغرب (مثل "أئمة السلطة" في بعض الدول العربية)
إعادة كتابة المناهج
حذف أي نصوص "معادية لليهود" أو مقاومة للاستعمار
كيف سيُستخدم هذا المشروع ضد المسلمين والعرب؟
- إسقاط شرعية المقاومة:
تصوير أي صراع مع "إسرائيل" على أنه "خيانة للديانة الإبراهيمية", كما يحصل مع قوى المقاومة في المنطقة (حزب الله في لبنان, حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين, أنصار الله "الحوثيين" في اليمن)
- تدمير الثوابت الإسلامية:
التشكيك في أحكام الجهاد، الحدود، والولاء والبراء، وما الى ذلك من الأمور التي تظهر مشروعية مقاومة المحتل في الدين الإسلامي.
- فرض التبعية الثقافية:
جعل الإسلام مجرد "فرع" من شجرة غربية، لا رسالة سماوية سمحة مستقلة.
من يقف وراء هذا المشروع؟
- اللوبي الصهيوني: لشرعنة الاحتلال عبر الدين.
- الليبراليون المتطرفون: الذين يرون في الأديان مجرد "تراث ثقافي" قابلاً للتعديل.
- شركات التكنولوجيا الكبرى: لفرض رقمنة الدين وفق مصالحها (مثل حذف الآيات التي تنتقد مشاريعهم كالربا مثلاً)!
كيف نواجه هذه الخطة؟
- التوعية بالخطر:
كشف التناقض بين "القيم الإبراهيمية" المزعومة ودعم الغرب للمجازر ضد الشعب الفلسطيني.
- تعزيز الهوية المستقلة:
العودة إلى تفسيرات القرآن والسنة بعيدًا عن التأويلات الاستعمارية.
- مقاطعة المشاريع المشبوهة:
رفض المشاركة في المؤتمرات الداعية لهذه الديانة كذلك مؤتمرات "التطرف الديني" التي تهدف لتجريد الإسلام من ثوابته.
إن "الديانة الإبراهيمية" هي إعادة تشكيل للدين كخدمة (Religion as a Service) لصالح القوى المهيمنة الحديثة.
لذلك فالمعركة القادمة هي معركة وجودية بين:
- دين الشعوب (المقاوم، الثوري، الأصيل).
- دين الأنظمة (التابع، المُسوَّق، المُفَرَّغ من مضمونه).
السؤال الآن كيف نبني خطابًا دينيًا يقاوم هذا الاختراق دون الوقوع في التطرف؟
إن بناء خطاب ديني معتدل ومتين يقاوم التأثيرات الخارجية دون الانزلاق إلى التطرف يتطلب توازنًا دقيقًا بين الحفاظ على الهوية الدينية والثقافية، واعتماد منهجية متسامحة وعقلانية.
هنا نستعرض بعض المبادئ الأساسية لتحقيق ذلك:
1- التأكيد على الهوية الدينية والثقافية
• تعزيز الثقة بالتراث الديني: من خلال إبراز قيم الإسلام السمحة وتاريخه الحضاري، مع التركيز على الجوانب الروحية والأخلاقية التي تشكل هوية المجتمع.
• الربط بين الدين والقيم الإنسانية: مثل العدل، الرحمة، التسامح، والتعايش، مما يجعل الخطاب جذابًا ومقنعًا دون الحاجة إلى الانغلاق.
2- اعتماد المنهج الوسطي المستنير
• التركيز على المقاصد الشرعية: مثل حفظ الدين، والعقل، والنفس، والعرض، والمال، والتي توفر إطارًا مرنًا للتعامل مع التحديات المعاصرة.
• الابتعاد عن التفسيرات الحرفية المتشددة: عبر تقديم تفسيرات للقرآن والسنة تتناسب مع سياقات العصر دون المساس بالثوابت.
3- الحوار العقلاني والتفكير النقدي
• تشجيع الأسئلة: بدلًا من كبتها، مع تقديم إجابات منطقية تستند إلى الأدلة الشرعية والعقلية.
• مواجهة الأفكار الدخيلة بالحجة: عبر مقارعة الأفكار الأخرى بالمنطق والحكمة، لا بالرفض المسبق أو التهويل.
4- التعليم والتثقيف الديني الرصين
• إصلاح المناهج الدينية: لتركز على الفهم العميق للإسلام بدلًا من الحفظ الآلي، مع إبراز تنوع الآراء الفقهية واحترام الاختلاف.
• تعليم التاريخ الديني بموضوعية: بما فيه من تفاعل حضاري بين الأديان والحضارات، لإظهار أن الإسلام ازدهر بالانفتاح لا بالانعزال.
5- تعزيز الوحدة المجتمعية
• التأكيد على المشتركات الإنسانية: بين العبادات (مثل القيم الأخلاقية)، مع الحفاظ على الخصوصية الدينية.
• محاربة التفرقة والكراهية: بخطاب يدعو إلى التعايش واحترام الآخر، حتى عند الاختلاف معه.
6- الاستفادة من وسائل التواصل الحديثة
• إنتاج محتوى ديني جذاب: عبر منصات التواصل الاجتماعي، يعتمد على اللغة العصرية والقصص المؤثرة لتوصيل الرسالة دون إثارة النزاعات.
• مواجهة الخطاب المتطرف رقميًا: من خلال تفنيد الشبهات وكشفها بمنهجية علمية.
7- القدوة الحسنة
• إبراز نماذج العلماء والدعاة المعتدلين: الذين يجمعون بين الأصالة والانفتاح، مثل الإمام الغزالي، ابن رشد، أو المعاصرين أمثال الشيخ طارق السويدان.
• تشجيع الحوار بين الأجيال: لربط الشباب بتراثهم دون شعورهم بالانفصال عن العصر.
8- السياسات المؤسسية الداعمة
• تعاون المؤسسات الدينية مع الحكومات والمجتمع المدني: لخلق بيئة تدعم الاعتدال، مثل مراكز الأبحاث التي تتحدث عن التطرف وتقدم بدائل.
• حماية الحرية الدينية: لأن الإكراه يولد التطرف، بينما الاحترام المتبادل يقوي المناعة المجتمعية.
إن الخطاب الديني المقاوم للاختراق الفكري يجب أن يكون "منيعًا لكن غير منغلق"، قائمًا على:
• الفهم العميق للإسلام.
• التواصل الحضاري مع الآخر.
• المناعة الفكرية بالقناعة لا بالإكراه.
بهذا يصبح المجتمع قويًا في عقيدته، مرنًا في تفاعله، محصنًا ضد التطرف من جهة والذوبان من جهة أخرى.
حمزة حسين