ترامب: الجولاني "أمير" أميركا في سوريا _ د. نسيب حطيط

الثلاثاء 20 أيار , 2025 10:54 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب إعجابه بأمير جبهة النصرة ابو محمد الجولاني، ووصفه بأنه عظيم: "أعتقد أنه جيد جدا، شاب جذاب وقوي البنية وله ماضٍ قوي، ماضٍ قوي للغاية، مقاتل"، متبنيا ماضيه القوي الذي كان وفق التوصيف الأميركي ماض مليء بالإرهاب، حيث خصّصت امريكا جائزه بعشرة ملايين دولار مقابل إلقاء القبض عليه.
يعترف السفير الامريكي السابق في سوريا؛ روبرت فورد، الذي كان مشرفاً ومنسّقاً لأحداث درعا أيام الانتفاضة الشعبية السورية، بانه قام مع المخابرات البريطانية بتدريب الجولاني منذ العام 2021، مع خبراء آخرين من المخابرات الأمريكية، بعدما أقفل الرئيس بشار الأسد كل أبواب للتفاوض، ورفض تنفيذ الشروط الأميركية المطلوبة منه مقابل بقائه في الحكم.
الاعتراف الأميركي العلني بتبنيها للجولاني وتنصيبه أميراً اميركياً على سوريا يوازي مرتبة الأمراء والملوك في الخليج، بل يتقدم عليهم لامتلاكه القوة العسكرية التكفيرية التي لا يملكها الخليجيون اصحاب المال، يهدف لتوضيح الدور الأميركي ،بإسقاط الاسد وتسخيف دور تركيا والعرب والإعلان ان التفاوض حول سوريا سيكون مع أميركا حصراً وفق التالي:
- اعتراف أميركا بمسؤوليتها عن صناعة ورعاية الجماعات التكفيرية منذ الأفغان العرب والقاعدة في أفغانستان حتى داعش والنصرة واخواتها والتي اعترفت الوزيرة كلينتون بدور الرئيس باراك أوباما بصناعة داعش، ويعترف ترامب الآن بصناعه جبهة النصرة ومساعدتها في إسقاط نظام الأسد في سوريا .
ألغت أميركا شراكة أي دوله في القرار السوري، سواء تركيا او قطر او السعودية واستخدامهم كأدوات تمويلية وتسويقية دون اعطائهم حق القرار او الإمرة على الجولاني، وإراحته من الإرباك والتشتت بين هذه الدول ومنحه قوة للصمود أمام الضغوط ،باعتباره "رجل أميركا"، مما يعطيه حصانة سياسية وعسكرية وأمنية ، مادام يحقّق مصالح أميركا و"إسرائيل" حتى انتهاء مهمته عندما تقرّر أميركا. 
- رفع اليد التركية والسعودية والقطرية المباشرة على الجولاني إلا وفق ما تكلفهم به أميركا ، لضمان مصالحها وعدم تلويث أيديها. 
- إعلان تبعية سلطة الجولاني، للقرار الأميركي المطلق وبالتالي للقرار الاسرائيلي مباشرة او بشكل غير مباشر، حيث ستكون إسرائيل شريكة في القرار السوري وحاضرة في الجغرافيا السورية قبل اتفاقيات التطبيع وبشكل يفوق الحضور الإسرائيلي في أي دولة عربية وقّعت اتفاقيات سلام او تطبيع معها.
- شرعنة أميركا ،للإرهاب التكفيري، باعتباره "ماضٍ قوي" رغم توحّشه وهو أحد الصفات المطلوبة لأي رئيس او حاكم ،لنيل الرضى الأميركي مما يحمّل أميركا مسؤولية كل أعمال الإرهاب والذبح والسبي والقتل التي تمارسها الجماعات التكفيرية واعتبارها من صفات الشجاعة المطلوبة ،لحكم الشعوب بالقوة وبالإرهاب حتى لا يكون مصير سوريا ،كمصير العراق وليبيا بعد قتل صدام حسين ومعمر القذافي وفق التوصيف الأميركي.
إن إعلان أميركا  الأمريكية تبنيها صناعتها " للجولاني" وجبهه النصرة ينذر بالشر والخطر على لبنان وتهديد الشعب اللبناني ومقاومته ،وأن ذراعي أميركا (إسرائيل والجماعات التكفيرية) يحاصران لبنان من الجنوب والشمال والشرق وعلى اللبنانيين مفاوضة اميركا، التي لن تُلزم اسرائيل بوقف النار في الجنوب ولن تمنع الجماعات التكفيرية من اجتياح البقاع والشمال ،إلا مقابل تسليم السلاح طوعاً وإلا فعلينا ان ننتظر حرباً جديدة  قادمة بعد الانتهاء من حرب غزة ،لأن أميركا لا تستطيع الاطمئنان، لسقوط المنطقة بيدها، ما دام لبنان لم يسقط كليّاً بيدها ...وهو لم يسقط حتى الآن إلا جزئياً.
تعمّم امريكا منظومتها السياسية الجديدة القائمة على تعيين "حكام إداريين" للدول في سوريا وغزة ولبنان بالإضافة ،للحكام الإداريين الذين يحملون ألقاب رؤساء وملوك وأمراء .
تهدّد أميركا ،ما تبقى من شعوب ودول في المنطقة ،وتضعهم امام خيارين ،الاستسلام والتطبيع والإيمان بالديانة الإبراهيمية واتفاقيات "ابراهام" والا الذبح بسيوف التكفيريين والقتل والتدمير بالطائرات "الإسرائيلية".
كان شعار الموساد "أقتل أولاً" ...والآن، فإن شعار أميركا "أقتل دوما..." 
تغيّرت جبهات وأطراف القتال وعلى المقاومين تغيير أساليبهم وخطابهم وساحات قتالهم ، للتكيّف مع موجبات الحرب الجديدة، بما يضمن الصمود ...ثم الانتصار .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل