هل تسليم أرشيف كوهين هو البداية فقط؟ وماذا سيسلّم الجولاني بعد؟ الأرض؟ السيادة؟ أم هوية الوطن بالكامل؟

الإثنين 19 أيار , 2025 06:37 توقيت بيروت أقلام الثبات

خاص الثبات

في خطوة تكاد توازي الخيانة العظمى، كشف الإعلام العبري عن عملية "سرّية ومعقدة" قام بها جهاز الموساد بالتعاون مع "جهة استخباراتية شريكة"، أسفرت عن استرجاع ما وصفه مكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بـ"الأرشيف السوري الرسمي" المتعلّق بالجاسوس إيلي كوهين، الذي أُعدم في دمشق عام 1965 بعد اختراقه أخطر مفاصل الدولة السورية.

لكن اللافت – والمخزي – في هذا الإعلان، ليس فقط نجاح العدو في الوصول إلى وثائق كانت محفوظة تحت حراسة شديدة داخل مؤسسات الدولة السورية، بل انكشاف الطرف المتواطئ من داخل الجغرافيا السورية: "الإدارة الجديدة بقيادة الجولاني"، التي تحوّلت من عصابة ارهابية إلى ذراع استخباراتية تخدم مصالح تل أبيب في وضح النهار.

أرشيف كوهين... كنز استراتيجي في يد الموساد

لطالما حاول الاحتلال الصهيوني وعلى مدى عقود أن يستعيد أي خيط يساعده على معرفة تفاصيل مصير جاسوسه إيلي كوهين، الذي تمكن من التسلل إلى قلب صنع القرار في سوريا تحت اسم "كامل أمين ثابت". منذ إعدامه، بقيت تفاصيل ما جمعه من معلومات، ومكان دفنه، وحتى بعض ممتلكاته الشخصية، هاجساً يؤرق قادة الموساد.

واليوم، وبتسهيل من الجولاني، يُسلَّم هذا الأرشيف الثمين على طبق من ذهب إلى الجهة التي كان كوهين يعمل لها، في خيانة مزدوجة للشعب السوري ولدماء كل من ضحوا لكشف هذا الجاسوس.

الجولاني... وكيل تل أبيب في الشمال السوري؟

من قائد "جبهة النصرة" إلى "رجل دولة" يلبس البدلة وربطة العنق، تحوّل الجولاني إلى واجهة لما يُسمّى بالإدارة السورية الجديدة التي لم تكتفِ بعقد لقاءات سرّية مع مسؤولين صهاينة، بل أصبحت شريكاً مباشراً في صفقات استخباراتية تخدم الاحتلال.

وتفيد صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن الجولاني وممثلين عنه كثفوا اللقاءات مع مسؤولي الاحتلال خلال الشهرين الماضيين، ضمن مشاورات أوسع شاركت فيها تركيا، في مشهد يُعيد رسم الحدود والمواقف بعيداً عن إرادة الشعب السوري وتاريخه المقاوم.

سؤال يفرض نفسه: هل الجولاني من نسل كوهين؟

قد يبدو هذا السؤال للوهلة الأولى سخرية سوداء من القدر، لكن أمام حجم التماهي بين ما فعله كوهين في الستينيات وما يفعله الجولاني اليوم، يصبح السؤال مشروعاً: هل هو من سلالة الجواسيس، أم أنه مجرد امتداد وظيفي لمهمات بدأها كوهين وورثها الجولاني؟

لا نملك وثائق تثبت صلة دم بين الرجلين، لكن صلة "الدور" باتت مؤكدة. فكوهين تسلل ليخدع النظام السوري، أما الجولاني فقد فتح الأبواب وسلّم المفاتيح عن قناعة، وساق سوريا إلى الهاوية بتحالفه العلني مع الموساد والغرب، وبتسهيله نقل ملفات بالغة الخطورة قد تُستخدم لاحقاً للابتزاز أو لشن عمليات جديدة ضد الشعب السوري.

من يخون ذاكرة الشهداء؟

بالتفريط بأرشيف إيلي كوهين، يضع الجولاني نفسه في خانة الخونة التاريخيين. لقد استشهد مئات من السوريين ليُكشف كوهين، واليوم يُسلم أرشيفه من قبل رجل يدّعي تمثيل شعب ثائر. إنها خيانة لكل نقطة دم نزفت، ولكل ذاكرة وطنية قاتلت لتبقى سوريا عصية على الاختراق.

ويبقى السؤال المفتوح: هل تسليم أرشيف كوهين هو البداية فقط؟ وماذا سيسلّم الجولاني بعد؟ الأرض؟ السيادة؟ أم هوية الوطن بالكامل؟


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل