خاص الثبات
في زمن خذلت فيه الكثير من الأنظمة قضايا الأمة، وفي وقتٍ تتسابق فيه بعض العواصم إلى التطبيع مع العدوّ الصهيوني، يبقى اليمن – الجريح المحاصر – هو الصوت الحرّ، والموقف الصلب، والخندق الأخير في معركة الكرامة، حيث لم يتوانَ شعبه ولا قيادته يوماً عن نصرة فلسطين، وتحديدًا غزّة، حتى وهو يرزح تحت حصار خانق وعدوان متواصل منذ أحد عشر عامًا.
لم تضعف عزيمة صنعاء، ولا هدّت الحصار جباه أهلها، بل كان الردّ الصاروخي الأخير الذي هزّ مطار بن غوريون أبلغ تعبير عن روح اليمن المقاوِمة، ورسالة واضحة مفادها أن اليد اليمنية الطويلة لا تزال قادرة على الردع، والتأثير، وفرض المعادلات. الضربة اليمنية لم تكن فقط ردًا عسكريًا، بل كانت صرخة في وجه التخاذل، وإعلانًا بأن فلسطين ليست وحيدة، وأن الدم اليمني والفلسطيني امتزجا على طريق التحرر.
العدوان الأميركي – الصهيوني الأخير على الحديدة، والذي استهدف مواقع مدنية ومنشآت حيوية، لم يكن إلا محاولة يائسة لترميم صورة متهالكة لكيان يعيش أسوأ لحظاته، ويُمنى بصفعات متتالية من محور المقاومة، من غزّة إلى لبنان، مرورًا بالعراق وسوريا واليمن. العدو يدرك تمامًا خطورة اليمن، لا فقط كساحة دعم لغزة، بل كمحرّك ميداني ضمن محور يزداد ترابطًا وتماسكًا.
اليمن اليوم ليس بحاجة إلى خطابات التضامن فقط، بل إلى تحرك فعلي من كل الجبهات. من العار أن يبقى هذا الشعب العظيم وحيدًا في مواجهة تحالف شيطاني يمتلك أحدث الأسلحة والتقنيات، بينما هو يقاتل منذ أكثر من عقد بصبرٍ وإيمان، ويُقدّم الشهداء، ويبني منظومة ردع فريدة فرضت الحصار على الكيان وأربكته.
صوت الضمير المقاوم يجب أن يعلو الآن، قبل أن تتكرر سيناريوهات الاغتيال والغدر. السيد عبد الملك الحوثي ليس مجرد قائد فصيل، بل عنوان مرحلة في المشروع التحرري، واستهدافه – لا قدّر الله – سيكون ضربة قاسية لكل من بقي ثابتًا في هذا الشرق المشتعل.
أمام هذا الواقع، فإن الواجب الأخلاقي والوطني والديني يفرض على كل قوى المقاومة، من طهران إلى بغداد، ومن دمشق إلى بيروت، ومن الضاحية إلى غزّة، أن يهبّوا لنصرة صنعاء. الدعم لا يجب أن يقتصر على الكلمات، بل يجب أن يتحوّل إلى فعلٍ ملموس على الأرض: دعم سياسي، إعلامي، ميداني، وكل ما تقتضيه معركة الوجود.
اليمن ليس فقط شرف الأمة الباقي، بل صمّام أمان المشروع المقاوم. واليوم، أكثر من أي وقت مضى، لا خيار أمام الأحرار إلا الوقوف معه. تحرّكوا… قبل أن يكون الثمن باهظًا على الجميع.