أقلام الثبات
حتى الان ,وبعد خمسة أشهر ويزيد على اتفاق الانسحاب "الاسرائيلي" من الجنوب اللبناني كي يقوم الجيش اللبناني بالمهام المنوطة به وفق لتطبيق القرار 1701 , لا تزال المراوغة "الاسرائيلية" وسط مواصلة العدوان؛ اغتيالا وقصفا واستهدافا للمنازل، سواء الجاهزة, او التي لم تهدمها الصواريخ ابان الحرب .
في ظل هذا المشهد , يعمل الجيش اللبناني وفق قدراته الى الحد الأقصى، سواء في تظهير حقيقة الوضع والواقع ,
امام قيادته اولا وفق الدقة والحقيقة , ليتسنى للمستوى السياسي مقاربة حقيقية قبل السقوط في هفوات الشخصنة بأبعادها المضمرة, والمعلنة , وكذلك نقاش اللجنة المكلفة مراقبة سير تطبيق الاتفاق واظهار الحقائق , وكشف التضليل "الاسرائيلي" في تحميل الجيش مسؤولية التأخير في التنفيذ.
لقد تمكن الجانب اللبناني في اللجنة التي تعمل وفق "ميكانيزم" (آلية) جرى التوصل اليها بعد ضغوط هائلة وعناء لا يستهان بمصاعبه, تمكن خلالها قائد منطقة جنوب الليطاني العميد نيكولاس ثابت، وهو المتمرس مع فريق الضباط الذي يعاونه من وضع الجانب الاميركي والفرنسي وكذلك "اليونيفيل" امام وقائع بلا شوائب، وتدحض الادعاءات "الاسرائيلية" في تبرير عدوانها، سواء من خلال العمل الميداني، او النقاشات التي تتميز بالحرص الوطني بشكل عام، وحماية اهل الجنوب في منطقة العمليات , وتقديم اي عون في هذا السبيل، وايضا الحرص على حياة العسكريين الى اقصى ما يمكن .
بلا ادنى شك، تعرض الجانب اللبناني لضغوط غير مسبوقة خلال الشهر الماضي , وتم احتواؤها وتفكيكها بما يخدم المصلحة الوطنية، بحيث إن الجيش اللبناني لا يمكن ان يكون حرس حدود للعدو الذي لا يزال يحتل ارضا لبنانية , والمتوقع ان تعاود الضغوط بعد اسابيع اذا عاد الجانب الاميركي لتغطية الارتكابات "الاسرائيلية"، والهروب الى الامام اذا لم تظهر نتائج ايجابية في المفاوضات الاميركية – الايرانية , وهو ما يمكن ان تستظله "اسرائيل" لتجديد العدوان بشكل او باخر , سيما ان المشروع الاميركي يتناقض مع المشروع "الاسرائيلي" في لبنان، ويجمعهما فقط العداء المطلق لحزب الله.
ان الاميركيين يتحققون يوميا من الوضع على الارض , سواء بالدوريات المؤللة، او عبر الطائرات التي تعمل على مدار الساعة , وايضا القوات الدولية والفريق الفرنسي , ومن الملموس ان الاميركيين لا يريدون اشتعال الوضع , وبركزون على دراسة البيئة في الجنوب , ومدى استقطابها، عبر خبراء في العمل الاجتماعي الاستراتيجي في التفكيك واعادة التركيب , وفق اساليب مجربة على طريقة ال(NGOs) السيئة السمعة.
ان اساليب الضغط على الجانب اللبناني من جانب الاميركيين لا يقابله اي ضغط على "الاسرائيلي" , لا بل يطلق يده عبر الاتفاق الثنائي , والضمانات العدوانية , وهذا الامر تواجهه قيادة جنوب الليطاني بلا قفازات , اي بوضوح كامل , وفي كثير من الاحيان يقوم الجانب اللبناني بممارسة ما يمكنه من ضغوط , تجعل الفريق " الراعي " غير قادر على التهرب , لا بل يخضع للمقاربة التي يصوغها قائد المنطقة التي ينتشر فيها نحو عشرة الاف جندي لبناني , ومزودة بالمعطيات الجازمة.
يبدو من المفيد للجانب اللبناني ان الفريق الاميركي الذي كان يمثله الجنرال جاسبر جيفرز عسكريا , وموؤغان اورتاغوس سياسيا , والمؤيد بلا حدود "لإسرائيل" قد انتهت مهمته , ويبدو ان الجنرال الجديد مايكل ليني كرئيس للجنة سيكون اكثر تفهما للمصلحة اللبنانية وضرورة الضغط على "إسرائيل" لتسريع عملية انسحابها من الأراضي اللبنانية، بعدما اطلع ويطلع يوميا على حقيقة الوضع قياسا الى مهامه الجديدة التي ستكسبه خبرات لا يحوزها ، وربما سيكون العمل في نطاق مرحلة جديدة من دون استبعاد امكانية الخداع الذي يطبع عادة الاداء الاميركي .
بانتظار ان تكشف المياه الغطاس، فإن الجيش اللبناني يلاقي احتضانا من ابناء الجنوب الذين يقدرون عاليا ثقل الاحمال على عاتق الجيش , وهو الذي لا يتوانى عن مرافقة اي مزارع الى ارضه لجني المحاصيل المتاحة , او لقطف العسل من المناحل على الحد الامامي حتى لا يكونوا فريسة لاي اعتداء او قتل تتذرع "اسرائيل" انهم مقاومون يعملون على اعادة البنى التحتية مثلما حدث تكرارا.
لجنة جنوب الليطاني.. بين الضغوط والتوقعات المحدقة ــ يونس عودة
الثلاثاء 06 أيار , 2025 01:01 توقيت بيروت
أقلام الثبات

