"إسرائيل" تهزم حليفها أردوغان في سوريا _ د. نسيب حطيط

الأحد 04 أيار , 2025 07:06 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
قصف رئيس الوزراء العدو بنيامين نتنياهو حليفه الاستراتيجي أردوغان في سوريا وسخّف مقولة امتلاك أردوغان للقرار في سوريا بعد إسقاطه للنظام وتنصيب الجولاني حاكماً تركياً على سوريا، وتعهّدهبحمايته سياسياً وعسكرياً ضد أي اعتداء من أي دولة.
 وكان أردوغان يوجه تحذيره الى العراق خصوصاً، لاعتقاده الساذج والخاطىء بعدم مبادرة "اسرائيل" للاعتداء على حليفه الجولاني، نتيجة الشراكة الاستراتيجية التركية - "الإسرائيلية" ووحدة المشروع والأهداف.
قامت "اسرائيل" بقصف تحذيري للقصر الجمهوري في سوريا ،وهو في الحقيقة قصف تحذيري "للقصر الجمهوري لأردوغان"، وواصلت في قصفها الى حماة وإدلب وحمص وكل المدن السورية ،مُتجاوزة تهديدات أردوغان السابقة، والتي تمخض عنها قرار أردوغان إقفال الأجواء أمام طائرة نتنياهو، بعد علمه بإلغاء الزيارة الى أذربيجان للإشراف على عمليات عسكرية قرّرتها الحكومة "الإسرائيلية".
فازت "إسرائيل" بالنقاط على أردوغان في الحرب على سوريا، وتكاد تكون الرابح الأكبر من إسقاط النظام، حيث احتلت جغرافيا سوريّة كانت تطمع  فيها منذ عام 1967، واستطاعت اكتساب ثقة طائفة "الدروز" السوريين وطلب حمايتها لهم ، مما شكّل لها رأس جسر دائم في سوريا، تحاول إضفاء الشرعية الإنسانية والسياسية عليه، ولم تستطع تركيا في المقابل المقابل تحقيق حلمها التاريخي بالقضاء على المشروع الكردي الانفصالي الذي يهدّد النظام في تركيا ويستنزفه منذ عقود ،بل على العكس ،تم تثبيت واقع كردي سياسي برعاية أميركية مباشرة ودعم "إسرائيلي" في مقاعد الاحتياط، وصعّد الأكراد مواقفهم بالمطالبة بإقرار الفيدرالية في سوريا واستنساخ التجربة الكردية في العراق، وتطبيقها، مقدمة لتطبيقها في تركيا ثم إيران ،ليعقبها توحيد الدولة الكردية الموعودة منذ الحرب العالمية الأولى. 
إن التحالف الأميركي - "الإسرائيلي" يمكن ان يقبل تركيا كاسحة ألغام وإنهاك الدول وتقسيمها أمام مشروعهم الاستعماري، وتكليفها بالمهمات القذرة وقيادة الجماعات التكفيرية التي تشابه منظومة "الانكشارية التركية" سابقا ،لكن هذا التحالف لن يقبل بالشراكة مع تركيا او تحوّلها الى قوه اقليمية كبرى تهدد أوروبا من جديد ،او تتقدّم على السعودية الشريك الاقتصادي الاستراتيجي الذي يموّل اميركا مالاً ونفطاً وهذا ما تعجز عنه تركيا الفقيرة.

التحالف الأميركي - "الإسرائيلي" لا يقبل بوجود دولة عربية او إسلامية تمتلك القوة البشرية والعسكرية والاقتصادية، مما يحفظ لها قرارها المستقل وخوفاً من ان تنقلب تركيا  في لحظة ما إلى عدو "لإسرائيل" يطالب بالحقوق العربية والإسلامية.
والسؤال: هل سيتم إسقاط أردوغان بأيدي "الإنكشارية التكفيرية" الجديدة المتمثّلة بالجماعات التكفيرية، عندما يبدأ  "أردوغان والجولاني"بتنفيذ الطلب الأميركي ،
بطرد الجماعات التكفيرية خارج سوريا وهي الذراع العسكري الأساسي وربما الوحيد بيد تركيا، طوال حربها في سوريا، وسيكون هذا الطلب شرارة معركة تقسيم سوريا، بسبب رفض هذه الجماعات التكفيرية الخروج من "الجنة السورية " التي يعيشون فيها ونقلهم إما الى اليمن او الى الجمهوريات الآسيوية الروسية؛ في طاجكستان وأوزباكستان وغيرهما ،لمشاغلة روسيا بعد انتهاء حربها في أوكرانيا؟
ربح أردوغان معركته الشخصية والسياسية في سوريا ، بإسقاط خصمه بشار الأسد، وخسر في المضمون استراتيجياً، لأن الطريدة السورية لن تكون في فم تركيا بل في أفواه "إسرائيل" وأميركا وربما روسيا! 
انتهت مهمة أردوغان والجولاني في سوريا، وربما تطوى صفحة الجولاني كما طوَت أميركا صفحة ابن لادن وأبو بكر البغدادي باغتيالهما أو تغييبهما عن الصورة ،وذلك لإشعال الفوضى الشاملة في سوريا بعد انسحاب القوات الأميركية ودخول القوات "الإسرائيلية" بديلاً عنها.
سقط أردوغان في امتحان دعم حركة حماس في غزة وسوريا، ولم يؤمن لها الحماية الميدانية سوى بعض تصريحات التهديد الإعلامية الفارغة، وسقط في امتحان حماية سوريا، بعدما اثخنها بالجراح وأسقط نظامها وشرّع أبوابها على المجازر والتقسيم الذي يبدو انه قاب قوسين او أقرب !
تقسيم سوريا سيهدّد تركيا الموحّدة او المستقرّة سياسياً وأمنياً، وسيخسر أردوغان الكنز الاقتصادي السوري، فيكون قد حصد رأس سوريا وبعض العراق، ولن يستفيد منه، وسيكون على بيادر "إسرائيل" وأميركا، دون تعويضات له،  كما حصل مع أقرانه من الرؤساء.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل