تركيا و"إسرائيل".. تنافس أم "تبييض" وجه تركيا؟ _ د. نسيب حطيط

السبت 03 أيار , 2025 11:45 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات 
بعد نجاح تركيا في احتلال سوريا وتنصيب الجماعات التكفيرية في السلطة، وإمساك تركيا بمفاتيح أكثر من دولة عربية؛ في مقدمتها: الأردن ومصر وتونس وليبيا، تحاول تركيا تثبيت نفسها كقائد للأمة الإسلامية من بوابة القضية الفلسطينية، وتضليل الناس بأنها قادرة على مواجهة "إسرائيل"؛ حليفها الاستراتيجي، بعدما عجز العرب والمسلمون من وضع حدود للاعتداءات "الإسرائيلية". 
تحاول تركيا ملء الفراغ الذي أحدثه انحسار وتصحّر الوجود الإيراني في المشهد الفلسطيني، بالتلازم مع غياب الدور العربي الداعم للفلسطينيين، بل والداعم "لإسرائيل"، كما تفعل تركيا بذكاء وخداع، فتدعم "إسرائيل" سرّاً، وتزيد صراخها وتهديدها إعلامياً، لتضليل الرأي العام.
تحاول تركيا تكرار  خديعة "سفينة مرمرة" لكسر الحصار عن غزة التي نجحت فيها واستدرجت محور الممانعة للإشادة بتركيا، و"بالطيب أردوغان"، الذي اصدر أوامره فيما بعد بإسقاط الدعاوى ضد المسؤولين "الإسرائيليين" المتعلقة بسفينة مرمرة في المحاكم التركية ومحكمة لاهاي، فبعد إنجاز مهمه إسقاط النظام في سوريا، وقطع طريق إمداد المقاومة، وطرد المنظمات الفلسطينية واعتقال مسؤوليها في سوريا، تكرّر تركيا خديعة "مرمرة"، عبر تهديدها "لإسرائيل" بوجوب عدم التدخل في سوريا بعد الغارة "الإسرائيلية" التحذيرية قرب القصر الجمهوري، حيث يقيم "الجولاني"؛ رجل تركيا في سوريا، او الحاكم التركي لسوريا.
إن الصراع التركي - "الإسرائيلي" يهدف إلى تبييض وجه تركيا، بعد ما سكتت عن إبادة أهل غزة طوال 17 شهراً، بالتلازم مع تأمينها كل مستلزمات العدو "الإسرائيلي"؛ الغذائية والنفطية، ولم تقطع حتى العلاقات الدبلوماسية، وربما بعض الأمور للجيش "الإسرائيلي" لتمحو عار صمتها، ثم تستدرج الفلسطينيين المحاصرين في غزة، لشكرها!
يعيش العرب والمسلمون، أفراداً وجماعات ودولاً، وهْم قبول "إسرائيل" وأميركا لهم كشركاء يستطيعون تقاسم الطريدة التي اصطادوها لصالح التحالف الأميركي - "الإسرائيلي"، بينما تتعامل معهم أميركا و"اسرائيل" كعملاء وادوات برتبة رئيس او دولة؛ يتم الاستغناء عنهم عند انتهاء مهامهم، إما عبر انقلابات عسكرية، او ثورات ملوّنة، أو عبر الإذلال والتأديب المباشر، وهذا هو حال تركيا وجماعاتها التكفيرية.. ليسوا سوى أدوات تنفيذية للمشروع الاستعماري الأميركي وللحروب الأهلية وإسقاط الأنظمة وتقسيم الدول دون خسائر بشرية او مالية، وعند انتهاء مهامهم سيتم تحييدهم والاستغناء عنهم بالقتل او النفي او السجن، وهذا هو حال "أردوغان" ومحمد مرسي وصدام وأبو بكر البغدادي وابن لادن و...
يمكن ان تشهد الساحة السورية في الأيام او الشهور القادمة مسرحية صراع ساخن جوي بين تركيا و"إسرائيل"، ترافقها بعض المظاهرات في الدول العربية من جماعة تركيا، لتأييدها ودعمها ومبايعتها كمنقذ للقضية الفلسطينية، وسيتظاهر ما تبقى من أهل غزة، لشكر تركيا، وسيقولون إنها الوحيدة التي وقفت معهم وساندتهم!
 إن مشروع تقسيم سوريا سيكون مهمة وهدف التحالف الأميركي - "الإسرائيلي" - التركي ،حيث ستقود تركيا الجماعات التكفيرية لارتكاب المجازر وترهيب الأقليات الدرزية والعلوية والكردية، مع تحييد مؤقت للشيعة، نتيجة التفاهمات والمصالح مع العراق، ودفع هذه الأقليات لطلب الحماية "الإسرائيلية" والأميركية، وقد نجحت تركيا في الموضوع الدرزي، وأدخلت "إسرائيل" أكثر في الداخل السوري، ودفعت بالدروز الى الحضن "الإسرائيلي"، وكذلك الأكراد الذين تحميهم أميركا وتبقيهم عنصر تهديد لتركيا يتم استعماله في حال التقصير التركي او التردّد بتنفيذ المهام الأميركية، ويبقى "العلويّون" الذين صمدوا حتى الآن ولم يطلبوا حماية "إسرائيلية"، لكن يمكن ان تطلب "إسرائيل" من تركيا إعادة إرسال جماعاتها التكفيرية لارتكاب مجازر أكثر دموية بحق العلويين، لإلزامهم بطلب الحماية "الإسرائيلية" او الأميركية.
تحت غطاء "دخان" الصراع التمثيلي المخادع بين تركيا و"إسرائيل" يمكن ان يتم اغتيال "أحمد الجولاني" واتهام الأقليات الدرزية او العلوية او "داعش"، بعد إنجازه للمهام الموكلة إليه، ولإدخال سوريا في الفوضى الشاملة، كما حدث في افغانستان بعد انسحاب الاتحاد السوفياتي، وكما يحدث في ليبيا منذ 14 عاماً! 
لا تنخدعوا بالتصريحات التركية... ولا تصفّقوا لأي اشتباك تركي - "إسرائيلي" مخادع.
تركيا هي عضو حلف الناتو، والحليف الاستراتيجي "لإسرائيل"، والراعي الرسمي للجماعات التكفيرية، وهي التي حاربت الدولة السعودية الأولى وانتصرت عليها عام 1818، وانتصرت على الدولة الصفوية في إيران عام 1514، واستعمرت العالم العربي أربعمائة عام، وتريد ان تعود...!


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل