أقلام الثبات
هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إيران بالقصف وفرض رسوم جمركية ثانوية عليها إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق مع واشنطن بشأن البرنامج النووي، وذلك رداً على الرسالة التي أرسلتها إيران كجواب على رسالته الى المرشد علي خامنئي، والتي أرسلها في بداية هذا الشهر مع مسؤول إماراتي رفيع زار إيران لهذا الغرض.
في الرد على الرسالة، رفضت إيران المفاوضات المباشرة مع واشنطن، لكنها تركت الباب مفتوحًا للمفاوضات غير المباشرة، مشترطةً أن تثبت الولايات المتحدة قدرتها على "بناء الثقة" وتغيير سياسة "الضغوط القصوى".
وليس واضحاً لغاية الآن، المدى الذي ستذهب اليه إدارة ترامب في شروطها على طهران، فبينما تحدث الرئيس ترامب سابقاً عن شرط "عدم امتلاك السلاح النووي"، تحدث مسؤولون في الإدارة عن شرط "تفكيك البرنامج النووي الإيراني" بالكامل، وهو أمر لا يمكن أن يقبل به الإيرانيون إذ أن امتلاك التقنية النووية السلمية ليس محظوراً في القانون الدولي.
وفي الملفات الشائكة التي يريد الأميركيون التفاوض حولها مع إيران، نجد ملفات ثلاثة بارزة:
1- البرنامج النووي الإيراني، والتي ستصرّ طهران على الاحتفاظ بحقها في التخصيب النووي السلمي، مع تأكيد أنها لا تريد ان تصنّع سلاحاً نووياً، وبالتالي، أي رفع لسقف التوقعات الأميركية بتفكيك البرنامج النووي الإيراني كلياً، سيؤدي الى عرقلة المفاوضات وبالتالي وصولها الى حائط مسدود.
2- الملف الثاني هو برنامج إيران الصاروخي، وهو وسيلة الدفاع التقليدي الأساسي الذي تستند عليه إيران للدفاع عن دولتها وسيادتها، وبالتالي هي تعتبر ان هذا البرنامج غير قابل للتفاوض، وغير مطروح أصلاً.
3- نفوذ إيران في المنطقة، وهو ما تعتبره إيران بمنزلة "الدفاع المتقدم"، وهو الإطار الذي تعرضت فيه إيران لضربات كبرى في السنتين الماضيتين، بعد الضربات التي تلقاها المحور، وسقوط نظام الأسد في سوريا.
في هذا الإطار، يركّز الأميركيون على اليمن بالتحديد، خصوصاً بعدما تبين قدرة اليمنيين على التأثير على "إسرائيل" عبر الحصار الذي فرضوه على السفن القادمة الى موانئ فلسطين المحتلة، كذلك بسبب سيطرتهم على طرق التجارة البحرية والممرات الاستراتيجية في منطقة المحيط الهادئ وبحر العرب.
وفي هذا الإطار، من الصعب أن يستطيع الأميركيون الحصول على الكثير من المكاسب في الموضوع اليمني، فحركة أنصار الله الحوثية، التي تدعمها إيران منذ عام 2015، لا تدين بالولاء لإيران بل هي حليفة لها ومن الصعب على الإيرانيين أن يحصلوا على تنازلات من اليمنيين حتى لو حصل وقف الدعم الإيراني العسكري.
في النتيجة، هي مجموعة من المواضيع الشائكة، لكن بالنظر الى تقرير "تقييم التهديدات" الأميركي لعام 2025، والذي يشير الى أن الاميركيين لا يعتبرون إيران تشكّل تهديداً مباشراً وفورياً للمصالح الأميركية، من الممكن توقع احتمالية التوصل الى اتفاق نووي جديد مع إدارة دونالد ترامب، إلا في حال حصول ضغوط كبيرة من اللوبي "الإسرائيلي" في واشنطن لعرقلة هذا الاتفاق عبر دسّ شروط لا يمكن للإيرانيين القبول بها.