"الميغا سنتر" يخفف من شحن النفوس و"شحن" الناخبين _ أمين أبوراشد

السبت 29 آذار , 2025 11:48 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

قد يكون الحديث عن اللامركزية الإدارية والصلاحيات التي ستُعطى للسلطات المحلية والبلديات، أعطى زخماً غير مسبوق للمنافسة في الانتخابات البلدية والاختيارية المقبلة على مستوى الأحزاب والعائلات، لكن تأجيل هذه الانتخابات من استحقاق إلى آخر في السنتين الماضيتين، أحدث نوعاً من الشحن الشعبي الذي أقل ما يُقال فيه في المدن والبلدات الكبرى أنه رخيص، ولا يُراعي لا الهموم الإنسانية ولا الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشعب اللبناني.

وأن يتعلَّم هذا الشعب من معاناته السابقة والحالية، مع طبقة سياسية نهِمَة لكل ما هو سلطة، فهذا أمر ميؤوس منه، أمام مشهدية نائب من كسروان على سبيل المثال، يهرول لتحالفات حزبية وعائلية مختلطة وشبيهة ب "جاط الفتوش" ليكون شقيقه رئيساً لبلدية جونية، وخذوا في كل المناطق على أزلام تحتشد أمام دارة "الشيخ" أو "البيك" في عداوات مجانية لا قيمة لها، بين جماهير جاهزة لشحن نفوسها المريضة بالتبعيَّة للزعيم "والعشا خبيزة"، أو "يشحنها" الى صندوقة الاقتراع يوم الانتخاب لقاء قسيمة شراء أو باقة علف من "الأخضر الأميركي".

منذ ما قبل الانتخابات النيابية عام 2018 طرحت بعض الأحزاب تطبيق برنامج "ميغا سنتر" والبطاقة الإلكترونية الممغنطة، ليتسنى للناخب اللبناني الاقتراع من مكان سكنه، ثم تكرر هذا الطرح قبل الانتخابات النيابية عام 2022 ولم يتحقق شيء، والآن نحن على أبواب انتخابات نيابية عام 2026 والحال على ما هو عليه، علماً بأن كلفة إنشاء نحو 50 مركزاً في لبنان للميغاسنتر لا تتعدى 6 ملايين دولار ولا يستغرق إنشاؤها وتفعيلها أكثر من 5 أشهر، مع ما يرافق ذلك من مهام إحصائية وتنظيمية على عاتق وزارة الداخلية ولكن للأسف "من وزير الى وزير كل المشاريع تطير".

نصّت المادة 84 من قانون الانتخاب أن "على الحكومة بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بأكثرية الثلثين بناء على اقتراح الوزير اتخاذ الإجراءات الآيلة إلى اعتماد البطاقة الإلكترونية الممغنطة في العملية الانتخابية المقبلة، وان تقترح على مجلس النواب التعديلات اللازمة على هذا القانون التي يقتضيها اعتماد البطاقة الإلكترونية الممغنطة".

وبالعودة الى آخر تطور في هذا الشأن، نعود إلى ما أعلنه وزير الداخلية السابق بسام المولوي، الذي برر تأجيل تنفيذ مقترح "الميغا سينتر" لأسباب لخّصها في تقرير، أن قانون الانتخاب لم ينصّ على إنشاء "الميغا سنتر"، ويجب تعديل هذا القانون ومن ثم استحداث مراكز لتطبيق "الميغا سنتر" ما يحتاج إلى فترة زمنية تصل إلى 5 أشهر، وها نحن، وإن كنا على قاب قوسين من الانتخابات البلدية والاختيارية، و"شحن" الناخبين إلى بلداتهم، حتى لو كانت بلداتهم وبيوتهم مُدمَّرة في الجنوب والبقاع، لكننا على بعد سنة من الانتخابات النيابية لعام 2026، والمدة كافية لتطبيق "الميغا سنتر" فيها ولكن، سيبقى الوضع حتماً على ما هو عليه، لأن "الميغا سنتر" قد يرفع الطوق عن عنق الناخب وعن قناعته وضميره أيضاً.

وإذا كانت الانتخابات النيابية لا تشكِّل حزازيات شخصية كبيرة بين مُناصري الأحزاب أو أبناء العائلات في البلدات والقرى، فإن الانتخابات البلدية والاختيارية تُشعل هذه البلدات والقرى وتبني عداوات تدوم سنوات، ولا تكفي اللعبة الديمقراطية لإقناع الفائز بعدم "قدسيته" أمام الناخبين، ولا الخاسر بعدم "شيطنته".

المضحِك المبكي في السباق البلدي، أن بلدية كبرى من 18 عضواً في المتن، أعلنت فيها اللائحة المنافسة لرئيس البلدية الحالي، عن اكتمال عددها كلائحة بعد ساعات من استهداف العدو الصهيوني لأحد مبانيها يوم الجمعة، وبلدية متنية أخرى من 14 عضواً ما زالت اللائحة المنافسة لرئيس البلدية تبحث عن أعضاء بين العائلات في عملية ضرب "البنى التحتية" لهذه العائلات وتعميق الخلافات حتى داخل البيت الواحد.

وننتهي مع بيت القصيد في الانتخابات البلدية والاختيارية، أنه إذا تعذر التوافق على لائحة تزكية من نخبة أبناء وبنات البلدة الواحدة، فلا بأس من المنافسة الانتخابية ولكن، إذا لم يتوفر العدد الكافي لتشكيل لائحتين متنافستين، فهذا لا يعني أن الناس سترضى بأشخاص افتراضيين، فقط لأن سجل نفوسهم من بلداتهم التي لم يعرفوها يوماً، ولا يد لهم بعمل إنمائي واحد داخلها، وسيرتهم الذاتية لا تحمل من بلداتهم سوى رقم سجل النفوس.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل