أقلام الثبات
توسعت مفاهيم الأمن في العالم، وباتت تشمل كل ما يمكن ان يهدد عيش الإنسان، أو أن يكون سبباً للنزاعات، سواء داخل الدولة نفسها أو بين الدول.
ويشير مصطلح الأمن المائي إلى قدرة المجتمع على الحصول على ما يكفي من المياه ذات الجودة الكافية للبقاء على قيد الحياة، والقيام بأنشطة إنتاجية مختلفة. وبالتالي، فإن المجتمع الذي يتمتع بالأمن المائي يكون في وضع يسمح له بالحد من الفقر وتحسين مستويات المعيشة، والحصول على نسبة مياه كافية للشرب والزراعة بالحد الأدنى.
وتذكر المنظمات الدولية، أن العالم الذي يتمتع بالأمن المائي "هو العالم الذي يضمن فيه لكل شخص الأمن المائي بتكلفة معقولة ليعيش حياة صحية ومنتجة، حيث يتم حماية المجتمعات من الفيضانات والجفاف والأمراض المنقولة بالمياه"، وتضيف أن "الأمن المائي يعزز حماية البيئة والعدالة الاجتماعية في حالة الصراعات والنزاعات التي قد تنشأ نتيجة لموارد المياه المشتركة".
وفي سوريا، يذكر العديد من التقارير أن الجفاف كان سبباً من أسباب عديدة متشعبة ومتراكمة، ساهمت في الحرب السورية التي بدأت عام 2011. وتذكر تلك التقارير أن سوريا عانت من جفاف شديد وطويل الأمد وندرة المياه بدءًا من عام 2006، ما أدى الى حركة نزوح كثيفة من الريف الى المدينة، وأجبرت موجات الجفاف المتتالية الفلاحين السوريين على العمل في قطاعات أخرى غير زراعية، ما أدى الى انخفاض الإنتاج الزراعي في عام 2010 بمقدار الثلث عن متوسط الأعوام السابقة. وأدّت الحرب الى استنزاف كبير للثروة المائية السورية فأدّت المشاكل الإقليمية وغياب سلطة الدولة عن العديد من المناطق الى فقدان جزء هام من السيادة على الثروات المائية في البلاد.
على هذا الأساس، وكأن المشاكل الأمنية والسياسية والمجازر المستمرة في سوريا بعد سقوط النظام لا تكفي هذا الشعب، فقد سيطرت "إسرائيل" ضمن احتلالها للأراضي السورية، على عدد من السدود الهامة في سوريا، وأهمها سد المنطرة، الذي يقع داخل المنطقة العازلة وتبلغ سعته نحو 40.2 مليون متر مكعب، وسد كودنا وتبلغ سعته نحو 31 مليون متر مكعب وسد الرويحنية وتبلغ سعته نحو مليون متر مكعب، وسد بريقة الذي يقع بمحاذاة المنطقة العازلة، وتبلغ سعته 1.1 مليون متر مكعب.
وهكذا، وبالإضافة الى المساحات الجغرافية التي احتلتها، والتدمير الممنهج للقدرات العسكرية السورية، والعمل على تفتيت المجتمع عبر الانقسام المذهبي والادعاء بالحرص على الأقليات، فإن "إسرائيل" تعمد الى حرمان السوريين من مصادر المياه لديهم، ما سيؤدي الى تهديد الأمن المائي والغذائي لسكان القنيطرة بشكل خاص، وسيؤثر على الموارد المائية السورية بشكل عام، في ظل تصحر وجفاف وانهيار الزراعة، بسبب الحرب وانعدام الأمن، والأزمات الاقتصادية المستمرة.