أقلام الثبات
تعتمد أميركا استراتيجية الحروب البديلة وفرض قوانينها وقرارتها لتسهيل وتسريع إسقاط الدول والأنظمة والقوى المعارضة او المتمرّدة عليها، عبر تسليح الجماعات التكفيرية "المارينز التكفيري" ودعمها لتمكينها من إنهاك الأنظمة واشعال الفتن الطائفية والقومية، ثم إسقاط الأنظمة، وإلغاء مؤسسات الدولة وتخريب النسيج الاجتماعي ومحو الهوية الوطنية، وتحويل الأوطان الى ساحات تجميع للإرهابيين وفق التصنيف الأميركي لهم مع انهم ينفذون مشروعها العالمي وباستعراض للقوة وتجاوز للقانون نصّبت أميركا "ابو محمد الجولاني" رئيساً لسوريا بدون انتخابات او أي إجراءات شكلية، وهو المطلوب لها بصفته الإرهابية، ولم تلغ حتى الآن جائزه ال10 ملايين دولار التي أعلنتها لمن يدلي عنه باي معلومة، وكان باستطاعة الملوك والرؤساء العرب ربح هذه الجائزة بعد حضور "الجولاني" لمؤتمر القمة!
قرّرت أميركا نزع سلاح حركات ودول المقاومة إما بتسليمه طواعيةً او نزعه بالقوة، لتسهيل وتسريع إسقاط المنطقة عسكرياً وسياسياً وعقائدياً دون ان يلحق بأميركا أي خسارة، حيث تراهن أميركا على ضعف الأمة وانهزامها معنوياً، وتبعية الأنظمة، مع انها تمتلك القوى البشرية والعسكرية الضخمة التي لا يمكن مقارنتها مع آلاف التكفيريين من ركاب "البيك آب" والشاحنات الصغيرة، فلو توحّدت هذه الأمة ضد هذه الجماعات لهزمتها في أيام معدودات.
تريد أميركا نزع سلاح المقاومة في لبنان لتسهيل حرب القضاء عليها، مع إبقاء التسليح "لإسرائيل"، وإبقاء سلاح المخيمات والنازحين السوريين الذين تفرض على الحكومة اللبنانية إبقاءهم في لبنان بعد انتفاء سبب نزوحهم بعد اسقاط النظام في سوريا، وتركهم كوديعة وتسليحهم ، لمقاتلة المقاومة، بسبب عجز القوى السياسية اللبنانية المعارضة للمقاومة من حشد عديد بشري وعلى قوى المقاومة مطالبة الحكومة الإسراع بإصدار قرار ، لإرجاع النازحين وعدم ترك الأمر "طواعية" لتهديدهم السلم الأهلي.
تريد امريكا نزع سلاح المقاومة الذي أثبت العدو "الاسرائيلي" وجوب بقائه، خلال تجربة "هدنة الخداع" والتفاهمات الأميركية الغامضة، حيث التزمت المقاومة بذكاء وصبر وشجاعة، ولا زالت تتحمل الاعتداءات الإسرائيلية رغم كل الخسائر، لإثبات عجز الدبلوماسية عن تحرير الأرض او حماية لبنان، كما كان الحال القرار 425 الذي بقي 22 عاما ولم تنفذه اسرائيل وكذلك الحال مع القرار 1701.
تضغط أميركا على الحكومة العراقية لحل الحشد الشعبي، لفتح الأبواب أمام "داعش" وجبهة النصرة وبقايا البعث العراقي لإسقاط العراق، حيث بدأت الشعارات تتردّد في سوريا التكفيرية ورفع اليافطات في "إدلب" التي تهدد بالوصول الى كربلاء؛ في استعادة لشعارات "داعش" في غزوتها الأولى للعراق، وإسقاط النجف الأشرف وكربلاء المقدسة، مع ان العراق تواصل مع النظام الجديد وأرجع الجنود السوريين الذين لجأوا اليه ولم يعلن حرباً على السلطة الجديدة، ومع ذلك فإن هذه السلطة تهدّد بالزحف إلى كربلاء .
القانون الأميركي يقول بشرعية كل سلاح يعمل لصالح أميركا، سواء حملته جماعات إرهابية مثل "داعش" و"النصرة" و"جبهة تحرير الشام" و"القاعدة"، او دولة ارهابية مثل إسرائيل ووجوب نزع كل سلاح يعارض المشروع الأميركي، سواء حملته حركات المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق او حملته دولة مقاومة مثل إيران.
يمكن لحركات المقاومة ودولها، هزيمة المشروع التكفيري وتحطيمه من خلال مواجهته بالطرق التي يسلكها ومن استطاع مواجهة 50,000 جندي "إسرائيلي" مدعومين بالطائرات والدبابات في لبنان وكذلك في غزة يستطيع مواجهة عشرات آلاف التكفيريين .
لم تنته الحرب.. وتتهيأ أميركا وإسرائيل، لعام جديد من الحرب، لاستكمال مشروع "نتنياهو" لتغيير معالم الشرق الأوسط الذي لم يبق ،لتحقيقه سوى إسقاط العراق وإيران واليمن ،بالتلازم مع حصار المقاومة في لبنان وإسقاطها.
المرحلة الجديدة من الحرب، لن تكون على جبهات القتال مع إسرائيل فقط، بل ستكون "ثنائية" الجبهات الداخلية والخارجية مع انضمام الأنظمة الى الحرب ضد حركات المقاومة بالتعاون مع الجماعات التكفيرية سواء استلمت السلطة او بقيت في الميدان، مما يفرض وجوب بقاء السلاح، للدفاع عن النفس في الداخل حتى لا نكون ضحايا القتل والسحل والاغتصاب والسبي وللدفاع عن النفس ضد العدو وعلى كل الوطنيين المبادرة، لامتلاك السلاح لمواجهة المرحلة القادمة وتأسيس جبهة مقاومة وطنية وقومية في لبنان تجمع اللبنانيين والفلسطينيين المعارضين للمشروع الأميركي - "الإسرائيلي" في استعادة لنموذج معركة "خلدة" عام 1982، إن كلفة تسليم السلاح دون وجود ضمانات حقيقية وبديل مضمون أكثر بأضعاف من كلفة ابقاء السلاح للدفاع عن النفس.