القمة العربية: إقصاء حماس.. وقوات دولية _ د. نسيب حطيط

الأربعاء 05 آذار , 2025 12:09 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
انعقدت القمة العربية الطارئة لمواجهة خطة تهجير غزة الى الأردن ومصر، والتي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب كحل جذري يريح "إسرائيل" ويؤمّن المصالح الاقتصادية لأميركا وحلفائها على المدى الطويل، وينهي المقاومة المسلّحة داخل فلسطين المحتلة، وصولاً إلى تهجير الضفة الغربية وإقامة الدولة اليهودية النقية.
ان القرارات التي أصدرتها القمة العربية على المستوى السياسي والأمني والاقتصادي، كحل وسط بين تهجير الفلسطينيين وبقاء حكومة حماس في غزة، يؤدي عملياً إلى إنهاء سيطرة "حماس" السياسية والأمنية والاقتصادية على القطاع ونقلها الى السلطة الفلسطينية بشكل مباشر او غير مباشر، ونشر قوات دولية، وإشراف أمني مشترك مصري - أردني بعنوان تدريب الشرطة الفلسطينية، مع إمكانية زيادة الدول المشاركة.
القراءة الأولية لقرارات القمة العربية التي تبنّت الخطة المصرية، لناحية الأمن والإعمار وإدارة قطاع غزة توضح ما يلي: 
- إنهاء حكم حركة حماس لقطاع غزه ونقله إلى "إدارة مدنية" من التكنوقراط والاختصاصيين، خارج إطار الفصائل الفلسطينية، وبإشراف السلطة الفلسطينية التي تمت إعادة منحها إدارة الضفة وغزة، وحصرية السلاح والقرار السياسي بيد السلطة الفلسطينية القائمة.  
- نشر قوات دولية في الضفة والقطاع، لتأكيد الاعتراف الدولي بالسلطة الفلسطينية، لكنها في الواقع مشروع لا يحمي الفلسطينيين من الاعتداءات "الإسرائيلية"  ولا يمنع الاحتلال، خصوصاً بعد تجربة لبنان، حيث لم تمنع القوات الدولية كل الاجتياحات "الإسرائيلية"، ولا اقامة الشريط الأمني المحتل، ولم تستطع فرض انسحاب "إسرائيل" من الأراضي اللبنانية المحتلة القديمة والجديدة  وكذلك القوات الدولية في الجولان "الإيندوف"، والتي لم تمنع "إسرائيل" من إعادة احتلال سوريا، وبالتالي فان هذا استدعاء دولي هو لزوم ما لا يلزم، وتهرّب العرب او عجزهم من حماية للشعب الفلسطيني.
- المدة الطويلة لإعادة الإعمار، والتي ستستمر طوال خمس سنوات كحد أدنى، وربما تطول أكثر بكثير، دون تدخّل لحماس بإدارة او المشاركة بالإشراف، وستكون بإشراف دولي مع السلطة الفلسطينية، مما يسلب حماس ورقه قوية، وإظهارها بأنها هي من دمّرت والسلطة الفلسطينية قد عمّرت.
رحّبَت حماس بهذه الخطة التي تلغي حكمها وسيطرتها على القطاع عملياً، مع مراهنتها على حفظ وجودها السياسي والأمني والديني، والذي لا يمكن لأحد اقتلاعه،  وبالتالي تستطيع تكتيكياً القبول بالخطة، لوقف الحرب وإعمار غزة التي لا تستطيع القيام به منفردة، ومن ثم استعادة السيطرة الواقعية على القطاع، مع خطر الفتنة الفلسطينية - الفلسطينية والصراع على السلطة والوجود الأمني المتعدّد الجنسيات .
نجحت أميركا في رفع سقف مطالبها وإعلانها تهجير غزة ، كحل للنزاع، فإذا استطاعت التنفيذ يكون الحل الأمثل وان لم تستطع فإنها ستحصل مع "إسرائيل" على الحد الأقصى من المطالب، تحت ضغط التهجير، وهذا ما استطاعت تحصيله حتى الآن عبر قرارات القمة العربية والخطة المصرية لإعادة اعمار غزة، واستطاعت تامين موافقة حماس (على التنازل عن الحكم ونزع سلاحها)، وعارضت "إسرائيل" الخطة، لكسب مزيد من التنازلات!
أظهرت القمة العربية عجزها عن فك الحصار عن غزة عبر معبر "رفح المصري"، وطالبت "إسرائيل" بفك الحصار، ولم تجرؤ على إغاثة غزة من سيناء المصرية التي تُعقد القمة على أرضها!
اسّست القمة العربية لمشروع نزع السلاح الفلسطيني داخل فلسطين المحتلة، عبر حصر القوى المسلّحة للسلطة الفلسطينية بجهاز "الشرطة"، التي لها دور التنسيق الأمني مع العدو "الاسرائيلي"، كما في الضفة، وإبقاء الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية رهن القرارات والحماية الدولية الوهمية، ضمن إطار نزع السلاح المقاوم من حركات المقاومة في المنطقة، وتدمير وتحييد الجيوش العربية، بهدف توفير الأمن "الإسرائيلي"، ليس من باب الردع "الإسرائيلي"، وانما عبر الضعف العربي والقضاء على قوى المقاومة.
هل تنجح القمة العربية وأنظمتها بتنفيذ الخطة الأميركية لإنهاء الكفاح المسلح الفلسطيني، بالتلازم مع القضاء على حركات المقاومة المسلّحة في لبنان والعراق واليمن؟
المعركة المقبلة ستكون بين أميركا و"اسرائيل"، بالتعاون مع الدول العربية والإسلامية، ضد حركات المقاومة في فلسطين والعالم العربي.. إذا نجحت قمة إسقاط غزة... فلننتظر قمة إسقاط لبنان... الحرب لم تنته بعد!


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل