الدراما العربية في شهر رمضان: بين التغييب المتعمد للقضية الفلسطينية وخطر المسلسلات الطائفية!

الأربعاء 05 آذار , 2025 11:40 توقيت بيروت أقلام الثبات

خاص الثبات

أظهرت خبيرة الشؤون العربية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية (سمدار بيري) نموذجًا واضحًا لمحاولات الإعلام (الإسرائيلي) تصوير الواقع العربي بطريقة منحازة، تخدم أجندة الاحتلال وتبرر سياساته. بيري، التي تتفاخر بصلاتها مع النخب العربية من ساسة رؤساء وأمراء وملوك، تحاول الترويج لفكرة أن المجتمعات العربية غارقة في الفقر والمعاناة، وأنها غير قادرة حتى على إنتاج دراما تسلط الضوء على القضية الفلسطينية أو "العدو الصهيوني"، وفق تعبيرها. لكن تحليلًا دقيقًا لمقالها يكشف عدة مغالطات وتحريفات مقصودة.

تحاول بيري التركيز على غياب المسلسلات التي تتناول الاحتلال (الإسرائيلي)، وكأن القضية الفلسطينية لم تعد ذات أهمية لدى الشعوب العربية. لكن الواقع يختلف تمامًا، فالمزاج الشعبي العربي لا يزال يرى في القضية الفلسطينية جوهر الصراع في المنطقة. ربما يكون غياب الدراما التي تتناول الاحتلال مقصودًا لأسباب إنتاجية وسياسية، لكنه لا يعكس بالضرورة تراجع الاهتمام الشعبي. بل إن تجاهل الاحتلال الإسرائيلي في الأعمال الدرامية قد يكون نتيجة لضغوط معينة، وليس مؤشرًا على فقدان القضية أهميتها.

من المثير للسخرية أن بعض الأعمال الدرامية العربية باتت تميل إلى قضايا تافهة أو تكرس الانقسام الطائفي، بدلاً من التركيز على قضايا الوحدة والمقاومة. في حين تحرص الدراما الغربية والإسرائيلية على ترسيخ سردياتها السياسية، نجد أن بعض الأعمال العربية تبتعد عن قضايا الشعوب الأساسية، بل وتعمل على بث الفتنة والانقسام الداخلي. هذا التوجه يخدم أجندة الاحتلال، إذ يجعل المجتمعات العربية منشغلة بصراعات داخلية، بدلاً من التكاتف ضد العدو الحقيقي، وهذا ما تقوم به محطة MBC بدعم سعودي غير متناهي.

إعلام مسموم وتواطؤ درامي!

ما كتبته سمدار بيري ليس مجرد تحليل صحافي، بل هو جزء من الدعاية الصهيونية التي تحاول إعادة تشكيل وعي الشعوب العربية، لتجعلها تتقبل الاحتلال كأمر واقع وتنشغل بتفاهات الدراما بدلاً من مقاومته. بيري، التي تتفاخر بعلاقاتها مع النخب العربية، تمثل نموذجًا واضحًا للإعلام الإسرائيلي الذي يسعى لتسطيح القضايا المصيرية، وتقديم صورة مشوهة عن العرب وكأنهم مجرد ضحايا للفقر والتخلف، بينما تتجاهل تمامًا أن الاحتلال هو أحد الأسباب الرئيسية لهذه الأزمات.

أما عن الدراما العربية، فإنها، بوعي أو بغير وعي، تسهم في مخطط تغييب القضية الفلسطينية، وتستبدلها بمحتوى يكرّس الاستهلاك والتفاهة أو يزرع الفتنة الطائفية. رمضان، الذي كان دائمًا شهر الروحانية والصمود والتكافل، يُختزل اليوم في موائد فاخرة ومسلسلات سطحية، بينما يغيب صوت غزة والقدس عن المشهد.

إن المسؤولية تقع على عاتق صناع القرار والإعلاميين العرب لإعادة توجيه البوصلة نحو القضايا الحقيقية، وتقديم دراما واعية تعكس الواقع بدلاً من أن تكون أداة ترويج لثقافة الغفلة والتشتيت. رمضان ليس مجرد شهر للصيام والمسلسلات، بل هو موسم للوعي والتضامن، فهل نسمح بسرقته وتحويله إلى مجرد مادة استهلاكية، بينما يواصل الاحتلال جرائمه بلا حساب؟


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل