خاص الثبات
في ظلّ التطورات الدراماتيكية في غزة والضفة الغربية، تتّجه الأنظار نحو قمّة القاهرة الطّارئة، التي تُعقد وسط تكثيف الضغوط الأمريكية والإسرائيلية على الأنظمة العربية لتصفية المقاومة الفلسطينية.
لكنّ السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه: هل ستكون هذه القمّة منصّةً لتمرير مخطّط نزع سلاح المقاومة؟
وهل يملك القادة العرب نصف شجاعة (الصّهيوني زيلينسكي) في التحدّي والصمود؟
لطالما شكّلت المقاومة الفلسطينية عائقًا أمام المشاريع الاستعمارية الصهيونية، ولهذا يسعى كيان الاحتلال، بدعم أمريكي غير محدود، إلى تجريدها من سلاحها بحجج واهية مثل "الحفاظ على الأمن" أو "إعادة إعمار غزة"، وكأنّ المقاومة هي العقبة الوحيدة أمام رفاهية الشعب الفلسطيني، وليس الاحتلال والاستيطان والمجازر اليومية!
التسريبات الإعلامية والتصريحات الغربية تشير إلى أن الضغط الأمريكي على الأنظمة العربية في أوجه، بهدف فرض معادلة جديدة يكون فيها قطاع غزة منزوع السلاح تحت إدارة سلطة فلسطينية مقيّدة أمنيًا، وهو مخطط يُراد له أن يكون ممرًا لتصفية القضية الفلسطينية. فهل سيسقط القادة العرب في هذا الفخ؟
حينما نشب النزاع الروسي الأوكراني، ظهر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بموقف صلب، مطالبًا بتسليح بلاده وتعزيز مقاومتها، بدلًا من البحث عن "حلول استسلامية".
المفارقة العجيبة أن العالم الغربي، الذي يضغط اليوم لنزع سلاح المقاومة الفلسطينية، هو نفسه الذي ضخّ مئات المليارات لدعم أوكرانيا بالسلاح والعتاد لمواجهة روسيا!
فهل نطالب بالمستحيل إذا طالبنا القادة العرب بالحد الأدنى من الشجاعة والكرامة الوطنية للدفاع عن الحق الفلسطيني؟ لماذا يُراد للفلسطيني أن يُجرّد من سلاحه، بينما تُسلَّح أوكرانيا بأحدث الأسلحة؟ أليس الكيان الصهيوني محتلًّا مثلما تتّهم أوكرانيا روسيا بالاحتلال؟
إذا كانت القمة تبحث حلًّا للقضية الفلسطينية، فمن المنطقي والطبيعي أن تُدعى حماس والجهاد الإسلامي، باعتبارهما مكوّنين رئيسيين في المشهد الفلسطيني، وممثلين عن المقاومة التي لم تتوقف عن مواجهة الاحتلال، على عكس سلطة أوسلو التي تحوّلت إلى وكيل أمني (لإسرائيل).
لكن المشكلة أن الأنظمة العربية لا تريد صوتًا فلسطينيًا أصيلًا داخل هذه القمّة، لأنّ المقاومة تُمثّل المعادلة التي تفضح زيف الشعارات الدبلوماسية الفارغة، وتُذكّرهم بأنّ الكرامة لا تُستجدى بل تُنتزع بالقوّة. فهل يجرؤ القادة العرب على كسر التابوهات ودعوة من يدفعون الدم ثمنًا للمقاومة بدلًا من الاكتفاء بالمصافحات البروتوكولية؟
إذا كان الهدف من القمّة التآمر على سلاح المقاومة، فالتاريخ لن يرحم المتخاذلين، والشعوب لن تغفر.
أمّا إذا كان الهدف حقًا دعم القضية الفلسطينية، فلتكن قرارات القمّة بمستوى التضحيات، ولتُرفع الأصوات مطالبةً بتسليح الشعب الفلسطيني بدلًا من محاولة تجريده من سلاحه الوحيد في مواجهة العدو.
الأمم تُقاس بمواقفها في اللحظات المصيرية، والعرب أمام اختبار تاريخي: إما أن يكونوا مع فلسطين ومقاومتها، أو يكونوا أداةً لخدمة المشروع الصهيوني في المنطقة.